سلــيم الزعبي رحلة حياة ... ومسيرة عطاء
إعداد الدكتور : أحمد شــريف الزعبي
المولد والنشأة :
ولد السيد سليم محمد سالم الزعبي عام 1945 في بلدة خرجا التي تقع بين مدينة اربد ونهر اليرموك (الذي وقعت عليه معركة اليرموك الخالدة) أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حين كانت الأحداث تتسارع في فلسطين بين العرب والعصابات الصهيونية، وتأثر أهل خرجا (كغيرهم من أهل الأردن) بما كان يجري هناك من أحداث، لارتباط أهلها بصلات قربى بفلسطين، ولما كان لحيفا من خاصية عندهم، فالكثير من أبناء البلدة كان يعمل بها، أما عكا فكانوا يبيعون فيها منتجاتهم من قمح وعدس وشعير وقد شاركوا في معركة سمخ بقيادة كايد المفلح عبيدات. كما شارك بعضهم في الثورة الفلسطينية ضد العصابات الصهيونية.
كان أهل بلدة خرجا قوميين بالفطرة، وعندما وقعت النكبة عام 1948 استضافوا أقارب لهم فرّوا من هناك في قريتهم.
بعد أربع سنوات من ولادة سليم الزعبي توفي والداه ، مما اضطر أخاه الأكبر لان يترك المدرسة ويعمل في الأرض التي ورثوها ، والتي كانت تدر دخلاً يكفي الأسرة لان تعيش عيشة كريمة وسط حالات الفقر التي كانت تلازم أهل القرى آنذاك.
عندما أصبح في سن الدراسة اصطحبه أخوه إلى المدرسة التي كان يتوق إليها ، لما كان يسمعه عنها وعن المعلمين ، ولطف بعضهم وقسوة البعض الآخر، مما زاد من شوقه لاكتشاف ماهية المدرسة وماذا يجري فيها، وما هي القراءة، وما هو الحساب، وما هو الخط والفن، والعلوم، وغير ذلك مما يتحدث به الذين سبقوه إليها.
درس سليم الزعبي في مدرسة (خرجا) ، وهي من أقدم مدارس المملكة ، إذ تأسست بعد مؤتمر أم قيس عام 1920، وجاء هذا تتويجاً لحب أهل القرية للعلم. فقد تأسس أول كتاب بها عندما بني المسجد وكان ذلك في حوالي عام 1850م. ولم يكونوا مضطرين أن يسافروا للقرى الأخرى ليقرأوا رسالة جاءت إلى احدهم، فمعظمهم يجيد القراءة والكتابة والحساب وقراءة القرآن الذي هو ركيزة الكتّاب.
دخل ذلك الفتى المدرسة وسط ترقب الأهل لردة فعله، وكم كان سرورهم عظيما عندما علموا انه يتلقى المديح والتشجيع من المعلمين لإتقانه المواد التي يدرسها ولتفوقه على أقرانه.
الشعور القومي :
إن ولادة سليم الزعبي في قرية صغيرة تهتم بالسياسة وتتأثر بالأحداث التي كانت تجري على الساحة العربية نمّى عنده الحس القومي ، لذا فقد شارك وهو في الثانية عشرة من عمره في أول مظاهرة طافت شوارع القرية منددة بحلف بغداد، وكذلك بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وساهم مع أهل القرية بالتبرع لثورة الجزائر ، وقد بلغ الشعور القومي عند احدهم حينما لم يجد مالا يتبرع به لأن يعمل عند الآخرين ويتبرع بأجره من ذلك العمل لصالح الثورة.
في ذلك الوقت كانت الإذاعات العربية تلهب الشعور القومي عند الناس، لذا لم يكن مستغرباً أن يعبر الشاب سليم الزعبي الحدود إلى سوريا عام 1959 ليكون ضمن الحشود التي استقبلت الرئيس جمال عبد الناصر الذي زار دمشق إبان الوحدة السورية المصرية (1958 -1961)، وانضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي (غير الحزب التقليدي) الذي أسسه عبد الله الريماوي بعد الانفصال عام 1961 احتجاجاً على عدم إدانة الحزب للانفصال الذي حدث بين سوريا ومصر، ولكن ذلك الحزب لم يدم إلا عدة أشهر، ولم ينضم بعدها لأي حزب سياسي، ولكنه بقي منتمياً للفكر القومي شأنه شأن العديد من أبناء هذا الوطن اللذين يقول عنهم بأنهم : قوميون بحكم النشأة والتكوين.
في مدرسة حسن كامل الصباح، التي تخرج منها عام 1964م كانت تدور نقاشات موسعة بين الطلاب، مما رسخ الحس القومي لديه، وأعجبته الأفكار التي كان ينادي بها جمال عبد الناصر والشعار الذي أطلقه (حرية، اشتراكية، وحدة).
لذا وعلى عكس شباب أهل البلدة فانه لم يتوجه إلى دمشق لمواصلة تعليمه الجامعي بالرغم من قربها لبلدته ولوجود أقارب له هناك، وإنما يمّم صوب مصر.
دراسة الحقوق :
عندما قدم أوراقه للجامعات المصرية وظهرت نتائج القبول، تبين له انه مقبول بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية وكان ذلك عام 1964 بينما كانت رغبته أن يدرس الأدب الإنجليزي .
حضر أول محاضرة في الحقوق وهو غير مقتنع، ولكن المحاضر الدكتور شمس الدين الوكيل (عميد الكلية) عندما شرح ماهية القانون والقاعدة القانونية والمدخل لعلم القانون غيّر من نظرته لهذا التخصص وأخذ من هذه المحاضرة انطباعاً بان دراسة القانون من أفضل المواد التي يدرسها الإنسان، فتابع دراسة الحقوق ناسياً فكرة الأدب الإنجليزي، وكان لهذا القرار تأثير جذري في تغيير مسار حياته .
لم تمنعه دراسته التي كان متفوقاً بها من الاشتراك في النشاط الطلابي وخاصة ما يتعلق منها بهموم الأمة العربية، فانتخب رئيساً لرابطة الطلاب الأردنيين في الجامعة، فكان كالدينمو بين الطلاب الأردنيين والعرب ، مناقشاً ومحاضراً ومتطوعاً بعد هزيمة حزيران، فأجمع عليه الطلاب العرب - وبصورة تلقائية - ليمثلهم في مجلس الكلية .
مفهومه للوحدة العربية :
لم يكن سليم الزعبي شوفينياً في نظرته للوحدة العربية، فهو يرى أنه لا بد للعرب من وحدة اندماجية لمواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمة العربية من احتلال وتخلّف وتجزئة، وان تعذّر ذلك فلتكن وحدة فدرالية أو أي صيغة وحدوية أخرى، كالوحدة الاقتصادية وحرية المرور، والتضامن العربي، فالوحدة هي الضمان الأكيدة لعيش حر كريم، وأمان تام للأجيال القادمة، وهي توزيع عادل للثروات ودفاع ضد الطامعين بخيرات هذه الأمة وأسواقها،وخاصة العدو الصهيوني ، لأن الصراع معه صراع وجود لا صراع حدود.
دراسة الماجستير :
عندما تخرج سليم الزعبي من الجامعة عام 1968 كان ترتيته الثاني على دفعته (عدد الطلاب حوالي ألف طالب ) ، فعاد إلى الوطن وفي ذهنه أن يعمل بإحدى الوظائف الحكومية، ولكنه اضطر للعودة للجامعة لإكمال دراسة الماجستير، عندما لم يجد الوظيفة المناسبة له وتخرج بعد سنتين أي في عام 1970.
الوظيفة :
لم يكن عام 1970 سهلا على الأردن ، ففيه وقعت أحداث أيلول، ولم يكن هناك مجال للوظائف، فعمل محرراً للشؤون العربية والدولية في صحيفة الرأي الأردنية لمدة أربعة أشهر من 1/6-1/10/1970. ثم تعيّن رئيساً لشؤون الموظفين في وزارة العدل في 2/10/1971.
القضاء :
بعد حوالي سنة ونصف من عمله في وزارة العدل صدر قرار تعيينه قاضيا في المحاكم الأردنية ، ومهنة القضاء مهنة شاقة لمن يأخذها بحقها ، فالقاضي لا يزور ولا يزار ولا يشير ولا يستشار، والفصل بين المتخاصمين عمل شاق يتطلب الدراية والمعرفة والعلم. كان سليم الزعبي يعرف ذلك فمارس القضاء بمهنية واحترافية عالية فاقت أصحاب الخبرات الطويلة ، علماً انه دخل سلك القضاء وخرج منه وهو أصغر قاض في وزارة العدل.
المحاماة :
تمثل المحاماة في نظر سليم الزعبي القضاء الواقف، فبعد خدمته بوزارة والعدل والقضاء سبعة أعوام، وجد من يشجعه لان يكون محاميا ، لما عرف عنه من جرأة في الحق والبحث عن العدالة والتاني في إصدار الحكم، ونباهته في اكتشافه لثغرات هنا وسقطات هناك في نصوص القوانين ، فعرض عليه المكتب القانوني للمحاماة لان يكون شريكاً معهم وكان المكتب يتألف من المحامين المعروفين عبد الرحمن خليفة وعبدالله الريماوي وحسين مجلي ونسيم نصراوي، وبعد نقاشات طويلة معهم، وافق على الاستقالة من القضاء رغم محاولة ثنيه عن الاستقالة من قبل رئيس محكمة البداية آنذاك القاضي فاروق الكيلاني والحاح القاضي موسى الساكت بان يعدل عن الاستقالة لما توسماه فيه من خير، ولكنها وافقا أخيراً على الاستقالة نزولاً عند رغبته وإصراره، وذلك في 25/6/1978، وباشر المحاماة في 29/6/1978.
ليست المحاماة عند سليم الزعبي قضايا ونقود، فهو يدرس القضية دراسة واقعية فإذا رأى أن لصاحبها حقاً توكل بها. وأما إذا كانت مجافية للمنطق والعدل فانه يعتذر عن قبولها ، لأن العدالة عنده لا تتجزأ ، وإذا كان الحلال يفنى فالحرام يفنى هو وأهله.
العمل النقابي :
بعد مرور اقل من سنة على ممارسة المحاماة طرح عليه العديد من زملائه فكرة ترشيح نفسه لعضوية مجلس نقابة المحامين، فترشح وفاز، وبقي يلازمه النجاح في كل دوره ترشح لها منذ عام 1979 حتى عام 1989 وقد كان أمين سر النقابة في دورة عام 1981 . في دورة عام 1989 طلب إليه أن يترشح ليكون نقيبا للمحامين إلا أن الانتخابات النيابية في ذلك العام حالت دون ترشحه لذلك المنصب.
النيابة :
إذا كانت النقابة تخدم قطاعاً محدوداً من المجتمع فالنيابة من وجهة نظره تخدم كل المجتمع، لما لها من مساس بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين وعندما أعلن جلالة المرحوم بإذن الله تعالى الملك الحسين عن إجراء الانتخابات النيابية، وقع في نفسه أن يرشح نفسه ليقدم شيئاً مهماً في حياته لخدمة شرائح المواطنين في كافة أرجاء الوطن، وقد لمس تلك الهموم من خلال لقاءاته بالناس و في حضور المهرجانات والاحتفالات وإلقائه المحاضرات والندوات من أقصى شمال الوطن إلى أقصى جنوبه، فقد وجد أن الناس بحاجه للديمقراطية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد .
يحب سليم الزعبي خرجا حبا شديدا ، فهو يشد الرحال إليها كل أسبوع ، يتنسم هوائها، ويشرب من مائها، ففيها الأهل ومرتع الصبا، يجتمع مع الناس ويشاركهم في أفراحهم وأتراحهم - فهو من الناس ولهم - وله باع طويل في العمل التطوعي ، فهو داعم رئيسي للجمعية والنادي الرياضي حتى انه اختير رئيساً فخرياً له.
في مضافة أخيه ( المرحوم تركي ) كانت تعقد السهرات، وتدور الأحاديث في الشؤون العامة للبلدة والوطن، فكان يشارك ويوجه ويرشد ، ويحل مشكلة هنا ويفصل بين متخاصمين هناك، وأحياناً يصمت عندما يجد أن لا فائدة من الكلام من مندفع لا تنفع معه النصيحة.
عندما عادت الحياة الديمقراطية للأردن عام 1989 وتمّت الدعوة لانتخابات نيابية دعا سليم الزعبي أهل بلدته والبلدات المجاورة وشرح لهم الظروف التي يمر بها الأردن. وتحدّث عن الديمقراطية التي غاب مفهومها عن الكثير من الناس، وكيف ان النائب القوي يستطيع أن يوصل صوت المواطنين بكل أمانه وإخلاص لأصحاب القرار، وان للمواطن أهمية كبيرة في رسم بعض السياسات والتوجهات الوطنية والقومية ، ثم أبدى رغبته في الترشح لهذه الانتخابات. وبعد انتهاء كلمته توالى المندوبون إلى المنصة مباركين ترشحه عن دائرة الرمثا وبني كنانة للمجلس الحادي عشر شادّين على يده ، معاهدينه عهد الرجال أن يكونوا معه والى جانبه حتى يوصلوه إلى قبة البرلمان، ومضت الوفود معه إلى المضافات والدواوين والسرادقات وحتى البيوت ، فيشرح ويوضح وجهة نظره وان لا بديل عن الديمقراطية ، وان ترشحه لم يكن على أساس عشائري وإنما على أساس أن الناس متساوون في الحقوق والواجبات.
عرف الناس أن ترشحه لم يكن لمكسب مادي أو معنوي أو جهوي وإنما هو من اجل الدفاع عن حقوق الناس والمساهمة في سن القوانين والتشريعات التي تحارب الفساد والمحسوبية والوساطة، وإلغاء الأحكام العرفية التي من شأنها تقييد حرية المواطنين، والسماح بحرية التعبير التي توافق الدستور، فالنائب نائب امة يقوم بمهامه في التشريع والرقابة والمحاسبة، وليس نائب خدمات لدائرته أو لعشيرته، فأعجب الناس بمنطقه السهل الممتنع، وسرّوا بالأفكار التي يحملها، وازداد إقبالهم على لقاءاته، حتى تكّونت لديهم فكرة جميلة عنه.
كان التنافس على مقاعد الدائرة الانتخابية شديداً ، فالمرشحون ثمانية عشر، ومن عائلته سبعة مرشحين، وزاد من التنافس تحالف عشيرتين كبيرتين في الدائرة (ولم يكن الصوت الواحد معمولا به آنذاك)، فكان أن حجزت هاتان العشيرتان مقعدان لهما، وبقي تنافس ستة عشر مرشحاً على مقعد واحد، وعندما ظهرت نتيجة الاقتراع كان احد الثلاثة الفائزين بمقعد نيابي ، فحمل على الأعناق من أول البلدة حتى مقره الانتخابي في مضافة أخيه.
كانت الانتخابات النيابية للمجلس الحادي عشر نزيهه ، أشرفت عليها حكومة الشريف (الأمير بعد ذلك) زيد بن شاكر بناءاً على توجيهات جلالة الحسين، وقد قوبلت بالثناء والمديح في الأوساط السياسية في الوطن العربي والعالم، لأنها كانت تجربة ديمقراطية رائدة ، وكانت نجاحا للقيادة الأردنية وللحكومة وللشعب ، حتى أن كثيراً من السياسيين العرب كانوا يحسدون الأردنيين على هذه التجربة التي مارسها الشعب بحرية عالية ، فاختار نواباً كانوا على قدر كبير من المسؤولية والقومية.
المعارضة :
بعد إعلان نتائج الانتخابات تشكلت حكومة جديدة برئاسة مضر بدران في 4/12/1989 وبعد إلقائه البيان الوزاري وطرح حكومته للثقة ، حجب النائب سليم الزعبي الثقة عن الحكومة لان الأحكام العرفية كانت ما تزال قائمة وكذلك قانون الدفاع .
إن معارضة الزعبي لم تكن من أجل المعارضة نفسها أو لمصالح شخصية ، إنما كانت معارضة ايجابية من منطلق الحرص على الثوابت الوطنية والقومية ، فالمعارضة والموالاة عنده يجب أن تنطلقا من مفهوم العمل لمصلحة البلد والأمة، فكان مع الحكومة إن هي أخذت موقفاً ايجابياً وضدها إن هي جانبت الصواب، وفي رأيه: إن لم تكن هناك معارضة فيجب أن تخلق لتقديم وجهة نظر أخرى قد تصحح مسار الحكومة على أن تكون هذه المعارضة ضمن سقف الدستور، فالأردن يقوى بالديمقراطية وبالتعددية السياسية كما يقوى بسماع الرأي والرأي الآخر ، وبأن تكون هناك صحافة حرة وأحزاب قادرة على أن تمارس دورها، وان يبتعد المسئول عن المصالح الضيقة.
في بداية شهر كانون الثاني 1991 أجرى رئيس الوزراء مضر بدران تعديلاً على حكومته واستمزج رأي سليم الزعبي في دخول الوزارة، ولكن الزعبي اعتذر عن دخولها فمن غير اللائق أن يعارض الوزارة ويحجب الثقة عنها ثم بعد ذلك يقبل أن يكون وزيراً فيها.
مفهومه للديمقراطية :
إن مفهوم سليم الزعبي للديمقراطية هي: تلك التي تقوم على التوازن بين الحرية (الحقوق السياسية) والعدالة الاجتماعية (مبدأ تكافؤ الفرص) فليس هناك ديمقراطية سياسية مفرغة من مضمونها الاجتماعي.
وتتحقق الديمقراطية عندما نتجنب دكتاتورية رأس المال وأصحابه، فللمال السياسي أثره في ظهور أناس ليسوا بتلك الكفاءة التي ينشدها المجتمع فيمن يقومون بسن القوانين والتشريعات، فلا يجوز أن يكون المواطن غنياً إلى الحد الذي يستطيع أن يشتري غيره، ولا فقيراً إلى الحد الذي يبيع فيه نفسه.
النشاط النيابي :
لقد كان سليم الزعبي من النواب النشطين، فقد مارس دور النائب الصلب المدافع عن حقوق المواطنين في حرية التعبير، وإبداء الرأي، وتقبل الآخر ومحاورته على أسس ديمقراطية بعيدة عن التعصب لفئة دون أخرى أو الانحياز لطبقة على حساب الطبقة الأخرى.
ومن الغايات التي سعى لها الزعبي (الحرية) التي كانت ومازالت هما من همومه وهدفا ساميا من أهدافه ، ففيها تحقيق للعدالة الاجتماعية ، وتحقيق لمبدأ تكافؤ الفرص أمام الجميع ، لأن الحقوق تسبق الواجبات، وان تحقق ذلك سيشعر الناس بالانتماء الحقيقي ، فلا غرابه إذا أن يكون رئيساً للجنتين ومقرراً للجنة في مجلس النواب الحادي عشر :
1- رئيس اللجنة القانونية في عامي 1992/ 1993 م.
2- رئيس لجنة التحقيقات النيابية حتى 19 / 6/ 1991م
3- مقرر لجنة الحريات العامة
الوزارة :
عندما كلف جلالة الملك الحسين رحمة الله السيد طاهر المصري بتشكيل الحكومة، - وكان حينها نائبا في مجلس النواب ، وهي أول حكومة في تاريخ المملكة رئيسها نائبا في مجلس النواب - اتصل السيد طاهر المصري بالنائب سليم الزعبي وجلسا في مكتب المصري ( وكان وقتها وزيرا للخارجية). وبحثا في موضوع أن يكون الزعبي وزيرا في حكومته، ودار النقاش بينهما عن أعضاء الفريق الوزاري، وفيما يتعلق بقوانين الحريات العامة وموضوع التسوية (المفاوضات مع إسرائيل )، فأصر الزعبي على أن الحكومة إذا أرادت أن تفاوض إسرائيل فانه يعتذر عن الدخول فيها، فأكد له المصري أن لا مفاوضات مع إسرائيل، وأن توجّه الوزارة هو توجّه قومي عربي - ونشرت تصريحاته في صحف اليوم التالي - وخيّره بين ثلاث وزارات هي وزارة العمل ووزارة الشؤون البرلمانية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية والبيئة.
فاختار وزارة الشؤون البلدية والقروية والبيئة، لما لهذه الوزارة من مساس بحياة الناس اليومية والتنظيمية، وتشكلت الوزارة في 19/6/1991. وكان ضمن لجنة وزارية مصغرة شكلها المصري لإدارة الحكومة.
ولأنه رجل قانون فقد كان ضمن الفريق القانوني الذي كانت مهمته السير في الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء الأحكام العرفية، وإصدار التشريعات الضرورية لذلك ، وقد واجهت الفريق ثلاث مشكلات هي: قانون محكمة أمن الدولة، ولجنة الأمن الاقتصادي، وإلغاء الأحكام العرفية، بالرغم من تحذير رجال القانون لرئيس الحكومة من أن إلغاء الأحكام العرفية سوف يخلق فراغا قانونيا في البلاد يتعذر على الحكومة ملؤه ، إلا أن الحكومة استطاعت اجتياز هذا الوضع بنجاح ، وتم إعلان إلغاء الأحكام العرفية دون التسبب بأية فراغات قانونية أو دستورية ، أما قانون محكمة امن الدولة فقد تم تعديله بحيث لا تكون أحكام المحكمة قطعية وأن تخضع للتمييز، وان تكون محكمة التمييز محكمة موضوع فيما يختص بقرارات محكمة امن الدولة، وان تضم قضاة مدنيين بالإضافة إلى القضاة العسكريين ، ويعد هذا القانون خطوة مهمة على طريق الديمقراطية .
كما ساهم الزعبي في صياغة مشروع قانون المطبوعات والنشر. وساهم في إعداد مشروع قانون الأحزاب الذي اقر عام (1992).
الاستقالة :
كان اتفاق سليم الزعبي مع طاهر المصري أن لا تكون الحكومة حكومة مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، لكن عندما زار جيمس بيكر المنطقة في ذلك الوقت، وطرح أفكار المفوضات والتسوية ، رأى الزعبي أن ذلك يتعارض مع ثوابته القومية، وأن التسوية لن تكون في مصلحة الأمة العربية والقضية الفلسطينية، فقدم استقالته من الحكومة دون أن يأخذ دور المزاود عليها.
دخل الزعبي الوزارة في 24/7/1991، وتركها في 3/10/1991. وقد قوبلت استقالته من ذوي الاتجاه القومي بالرضي والقبول ، وقد وصلته عشرات رسائل الثناء، منها رسالة من المفكر القومي العراقي الأستاذ الدكتور "وميض نظمي" قال فيها : "عندما يحاول البعض أن يعبّد الطريق أمامك حتى بالنضار ، ومع ذلك تتعمد العثار ، وتختار الطهارة الثورية والقومية ، وتشيح عن مباهج الدنيا وأنت تملك في الأمر خيارا، فمعنى ذلك اجتياز امتحانات الرجولة والمبادئ والصدق مع الآخرين والذات بنجاح كبير يغبطك عليه الصديق وغير الصديق" .
ما بعد الوزارة :
لم يركن سليم الزعبي إلى التواري خلف جدران الصمت، والركون إلى الهدوء والسكينة، بل بقي عضوا فاعلا في مجلس النواب، وبعد انتهاء مدة المجلس عاد إلى المهنة التي يعشقها – المحاماة - ومارس العديد من الأنشطة، منها:
1- عضو اللجنة الملكية لمركز ودراسات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي، بإرادة ملكية صدرت في 16/2/1993م.
2- عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي لمدة تسع سنوات.
3- عضو الهيئة الإدارية لمنتدى الفكر العربي لمدة تسع سنوات.
4- احد مؤسسي جمعية رعاية الإحداث والتي تحول اسمها- فيما بعد - إلى: جمعية حماية الأسرة والطفولة.
5- نائب رئيس مجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا.
كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات المحلية والعربية والدولية في مجالات القانون وحقوق الإنسان.
حياته الخاصة :
تزوج سليم الزعبي من السيدة خوله نصير. وله ثلاث بنات وولد واحد، ابنته الكبرى " غادة " درست القانون وتعمل في عمان. أما "عُلا" فإنها تحمل ماجستير في التجارة الدولية وتعمل في البحرين. و "لبنى" تحمل ماجستير في القانون وتعمل في صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة في عمان ، و "خالد" أكمل ماجستير الهندسة من جامعة ليفربول ويعمل مهندسا في كازاخستان.
يطالع سليم الزعبي كثيرا وخاصة الكتب السياسية والقانونية والمذكرات، ويحب الاستماع للموسيقى لما لها من تأثير في إراحة النفس والأعصاب.
