معاً نحو بيئة مدرسية آمنة
د:منذر صلاح
مدير الشؤون التعليمية والفنية/إربد الأولى
يعد تعرض الطلبة للعنف والإساءة بمختلف أشكاله ظاهرة تستحق حملة تكون منطلقاتها "لا مجال للتهاون بموضوع الضرب في المدارس"، وهو الهدف الرئيس من تدشين الحملة الوطنية "معا نحو بيئة مدرسية آمنة" برعاية جلالة الملكة رانيا العبد الله الداعم الرئيس للنظام التربوي والتعليمي في الأردن بدعم من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم.
لقد بينت جلالة الملكة رانيا العبد الله عند إطلاق الحملة الوطنية أنه لا يوجد إطار قانوني رادع يحمي الطالب والمعلم، مما يستدعي التعامل مع الموضوع في إطاره الوطني، ووضع استراتيجيات وميثاق ومنظومة قيم سلوكية تساعد في الوصول إلى الهدف المنشود. كما ركزت جلالة الملكة رانيا العبد الله على دور وأهمية التثقيف والتوعية في توضيح الصورة الحقيقية لواقع العنف الممارس في المدارس.
تهدف مساعي الحملة الوطنية " معا نحو بيئة مدرسية آمنة" إلى تخفيض حالات العنف ضد الطلاب والطالبات بنسبة 40% في السنة الأولى من إطلاقها، وصولا إلى نحو 90% مع السنة الثالثة. من هنا تتجه حملة "معا نحو بيئة مدرسية آمنة" صوب صناع القرار والمعلمين والعاملين في مجال تنمية الطفولة المبكرة، كما تتجه لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع لاتباع الوسائل التأديبية الإيجابية ومناهضة العنف ضد الأطفال.
ولعل أرقام العنف ضد الطلبة داخل المدارس من شأنها تعليق ناقوس الخطر، فاجتماع جلالة الملكة مع التحالف الوطني لمناهضة العنف ضد الأطفال في المدارس، كشف أن نسبة لا بأس بها من أطفال الأردن يتعرضون لإساءات بدنية من المعلمين وإداريي المدارس والأقران الذين يشاركون الطفل في الحي.
فقد كشفت الدراسة التي أعدتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع اليونسيف ، أن نسبة الضرب بالعصا بلغت 40 %، فيما بلغت نسبة الصراخ في وجه الطالب 45 %، أما التهديد بالضرب أو حسم العلامات فكانت نسبتها 38 %. كما كشفت الدراسة أن نحو 15% من الأطفال يتغيبون عن المدرسة ليوم واحد على الأقل في العام الدراسي لعدم شعورهم بالأمان، وخوفا من ضرب المعلم وتهديده لهم.
وللتخلص من هذه الظاهرة غير المرغوبة ؛ ركزت الحملة في مساراتها ومحاورها على الحد من العنف الممارس من قبل المعلمين ضد الطلبة كإجراء تأديبي، والاستعاضة عن ذلك بأسلوب إيجابي في توجيه وتعديل سلوك الطلبة.ويتمثل الأسلوب البديل بمجموعة من الخطوات يتبعها المعلم أو المعلمة عند قيام أحد الطلبة بسلوكٍ غير مرغوب فيه، بحيث يسحب المعلم من جيبه بطاقة صفراء تشبه تلك التي يحملها حكم مباراة كرة القدم، ويبرزها أمام الطالب الذي صدر منه الفعل غير المرغوب فيه، إشعاراً للطالب بأنه ارتكب عملاً يستحق التوجيه والتعديل.
وللتعريف بحملة "معا نحو بيئة مدرسية آمنة" تم توزيع نشرة على جميع مدارس المملكة بعنوان " رسالة الطالب " تشتمل على جملة من التوجيهات والمبادئ التي تشير إلى أهمية المدرسة في حياة الطالب باعتبارها مكان يقضي فيه الطالب جل وقته بين زملائه الطلبة ومعلميه وما لهذه المرحلة العمرية من أهمية في ذكريات الطلبة .كما تتضمن التذكير بمكانة المعلم وضرورة احترامه واحترام النظام والقيام بالواجبات الدراسية، وتوفر لهم البيئة المدرسية الآمنة ، وتبني الأفكار الإيجابية والتي من شأنها توفير الطمأنينة والنشاط لديهم الأمر الذي يزرع فيهم حب المدرسة والانتماء لها .
كما وتحرص وزارة التربية والتعليم على تنفيذ حزمة من الإجراءات لحماية الطلبة من العنف والإساءة والتي من أهمها تطوير الدليل الوقائي، واستحداث خط ساخن للتبليغ عن حالات الإساءة والتعامل معها من قبل قسم الحماية من الإساءة في وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى تطوير قواعد السلوك وتعميمها على المدارس ، ومراجعة تعليمات الانضباط الطلابي ومدونة السلوك وتطوير الميثاق الأخلاقي للمدارس، والإشراف على المواد الإعلامية للحملة الوطنية، وتطوير الدليل التدريبي حول الأساليب البديلة في توجيه وتعديل سلوك الطلبة.
إن خلق بيئة تعليمية آمنة تحفز الطالب على إطلاق إمكاناته وإبداعاته وتدفع باتجاه التعلم الفعال، والتعامل مع مشكلات الطلبة وسلوكياتهم من منطلق تربوي وبأساليب تربوية فعالة بعيدا عن أي شكل من أشكال العنف والإساءة.