" أما الشباب فثقتي بهم كبيرة وأملي بهم ليس له حدود ... .. انتم صناع المستقبل وانتم فرسان التغيير وان تعزيز الاستقلال وبناء المستقبل الذي يليق بهذا الوطن وتضحياته هو واجبكم"
( شباب كلنا الأردن)..
رؤية ملكية للنهوض بالقطاع الشبابي
غيث بطاينة/ جامعة اليرموك
''إن دعم الشباب هو من ثوابت نهجنا السياسي، وقناعتنا بأهمية دور الشباب في بناء وطنهم ومستقبلهم''، من هذه المقولة التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني يستمد شباب الوطن ثقتهم وعزمهم، ويشحذون هممهم في سبيل رقي الأردن ورفعته وتقدمه، ومن هنا جاء تأسيس هيئة شباب كلنا الأردن بتاريخ 5 تشرين الأول 2006؛ ترجمة لإحدى توصيات ملتقى شباب كلنا الأردن، الذي عقد في 12-13 أيلول 2006م بحضور 750 شاباً وشابة يمثلون مختلف الجامعات والمؤسسات الشبابية.
وجاء تأسيس الهيئة من خلال رؤية تطمح إلى تفعيل التواصل مع الشباب الأردني؛ لرفع درجة الوعي لديهم بمختلف القضايا والتحديات الوطنية، وتفعيل دورهم كشريك حقيقي ومؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنتاج مبادرات حقيقية تشجع على الانخراط في العمل السياسي، وتعزز قيم الالتزام والانتماء وتحمل المسؤولية، إلى جانب المساهمة في بلورة خطاب شبابي واعٍ، متوازن ومنفتح، قادر على خلق جيل منتج، واعٍ ومنتمٍ، وتعزيز الدور التنموي للشباب؛ للارتقاء بواقع مجتمعاتهم.
وتحمل هيئة كلنا الأردن رسالة هادفة تتمثل بتعزيز مشاركة الشباب في مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصاديةً، بهدف الوصول إلى شراكة حقيقية مع المؤسسات الفاعلة في الميدان الشبابي في كافة المحافظات ،و نقل الرؤية الملكية السامية حول القضايا المحلية والإقليمية للشباب اينما كانوا وتعزيز قيم الانتماء والولاء لديهم، والعمل على تعزيز وتفعيل مشاركتهم في الحياة العامة، اضافة إلى دعم المتميزين ، وجعلهم قادرين على التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم.
وتحقيقاً لهذه الرؤية والأهداف، وتنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك، انطلقت الهيئة في كافة أرجاء المملكة تنثر حراكاً شبابياً، ومبادرات خلاقة، ليتهافت عليها الشباب كافة، ولتأتي الإنجازات، لذا تم تأسيس فرق التواصل مع الهيئة في كافة المحافظات والتي تتكون من 60 شاباً وشابة من الشباب المبدع لكل محافظة، بهدف إيصال صوتها للجميع، وبذلك جسّدت الهيئة جسماً شبابياً لم يُشهد له مثيل، حمل على عاتقه تلبية احتياجات الشباب، ومعالجة التحديات التي تواجههم.
أخذت الهيئة على عاتقها بداية تأهيل وتدريب أعضاء فرق التواصل على المهارات والدورات اللازمة لعملهم، كدورات اللغة الانجليزية والحاسوب المتقدمة ورخصة القيادة الدولية في الحاسوب (icdl) ومهارات الاتصال، وكسب الذات وغيرها، هادفة من وراء ذلك إلى تلبية متطلبات الشباب الأساسية التي تسهّل انخراطهم في الحياة العامة وتعزز فرصهم في الحصول على وظائف تناسب خبراتهم.
ومن ثم توسعت الهيئة في مبادراتها لتشمل كافة الشباب، فأطلقت ست مبادرات نوعية، تهدف لدعم الشباب وتنمية مواهبهم وإبداعاتهم، وهي:
مبادرة المجلس الوطني الشبابي للإبداع والتميّز، لدعم الشباب الأردني في المجالين الأكاديمي والمهني، ومبادرة الشباب والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية شركاء في التنمية،
مبادرة جائزة فرسان التغيير التي تمنح للشباب الذين يسهمون في تغيير إيجابي في مجتمعاتهم، وإحداث نقلة نوعية في أحوال الشباب، ومبادرة صندوق تمويل المشاريع الريادية للشباب، و مبادرة هوية الطالب الجامعي والتي تتجسد في منح خصومات للطلبة الجامعيين من قبل شركات القطاع الخاص ، وتتمثل المبادرة السادسة بقاعدة البيانات الوطنية التي تضم كافة المعلومات والمهارات والخبرات عن الشباب الأردني، لتسهيل التواصل فيما بينهم، والتعرف على احتياجاتهم والخبرات التي يمتلكونها،
وتنفيذاً لرؤية جلالة الملك القاضية بضرورة مأسسة العمل الشبابي، فقد قامت الهيئة بإعداد مقرّات لها في كافة المحافظات؛ لتسهيل انخراط الشباب في أنشطة الهيئة، وتعزيز تواصلهم مع الشباب، ولضمان استفادتهم من الخدمات التي تقدمها، وجعلها مظلة تجمع الشباب من مختلف المناطق، لتبادل الخبرات والأفكار التي تخدم مجتمعهم المحلي ووطنهم بشكل عام.
وحرصاً من الهيئة على إشراك الشباب في مؤسسات العمل السياسي ومؤسسات القطاعين العام والخاص، وضمن توجّه الهيئة لخلق شراكة حقيقية مع مؤسسات الدولة والمؤسسات الأهلية، أعدّت الهيئة برنامجاً يهدف إلى تسهيل انخراط الشباب في هذه الشراكة، إذ قامت الهيئة بتدريب عدد من الشباب في البرلمان بشقيّه النوّاب والأعيان، لتكوين ثقافة لديهم بالعمل التشريعي والرقابي وصنع القرار، إلى جانب خلق شراكة مع كافة المجالس البلدية في المملكة البالغ عددها 93 مجلساً، إذ تتم اجتماعات المجلس البلدي بحضور أعضاء الهيئة الذين يتم تغييرهم بين فترة وأخرى لضمان توسيع المشاركة، كما قامت الهيئة أيضاً بإعداد برنامج شراكة مع غرف الصناعة والتجارة ؛ لتعزيز الشراكة بين الشباب ومؤسسات القطاع الخاص.
ولأن [جلالته يثق بقدرات الشباب، فقد كلّف جلالته شباب الهيئة للاضطلاع بدور تنموي في محافظاتهم، التعرف على احتياجاتها؛ للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، وتوفير حياة كريمة وخدمات جليّة لهم،
وتلبية لذلك، أقامت الهيئة برامج تدريبية بعنوان ''آليات تحديد الاحتياجات التنموية للمجتمعات المحلية''، تضمّنت تأهيل وتدريب الشباب على كيفية تحديد احتياجات مناطقهم، والكشف عن أبرز المشاكل التي تواجهها، وتقديم المقترحات والحلول حول ذلك؛ تمهيداً للعب الدور التنموي لشباب الهيئة في مناطقهم الذي وجّههم إليه جلالة الملك، ويأتي ذلك ضمن مبادرة ''الشباب شركاء في التنمية'' التي أطلقتها الهيئة في وقت سابق.
ودرّبت الهيئة من خلال البرنامج اثنين وتسعين شاباً من أعضائها وأكسبتهم المهارات الخاصة بإعداد دراسات حول الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات، ومهارات المسح الميداني،
وسعى هؤلاء بدورهم لإيصال الخبرات لغيرهم من أعضاء الهيئة، فعكفوا على إعداد دراسات في كافة محافظات المملكة؛ سعياً لتلبية حاجاتها، التي قام جلالة الملك فور علمه بنتائجها بزيارات إليها، فأطلق من خلالها عدداً من المشاريع التنموية والمبادرات الهادفة، التي جاءت تلبية للحاجات التي وصلت إليها الدراسة؛ تنفيذاً لمقترحات مدروسة وضعها أعضاء فرق العمل عقب إعداد الدراسات بالتعاون مع مؤسسات داخل هذه المناطق، وشملت الزيارات الملكية محافظة الكرك، الأزرق، الأغوار الشمالية، لواء الكورة، القويسمة، والشوبك، ، ومازالت فرق العمل تنشط في إعداد دراسات مماثلة في كثير من المناطق بعد النجاح الذي حققته في المناطق التي زارها الملك.
وسعت الهيئة منذ تأسيسها وبدعم مباشر من جلالة الملك للوصول إلى كافة قطاعات الشباب، وكان للإعلاميين الشباب شأنهم شأن غيرهم دعم خاص، إذ أسهمت الهيئة بإعداد دراسة خاصة بواقعهم حملت عنوان (الإعلاميون الشباب.. واقع وتحديات)، نفّذها الفريق الإعلامي في الهيئة بإشراف مختصّين، وشملت كافة المؤسسات الإعلامية، وأقسام الصحافة والإعلام في جامعتي اليرموك والبتراء، وركزت على وضع مقترحات وحلول للمشاكل التي أجمع عليها عدد كبير من الإعلاميين الشباب، إلى جانب تحديد الجهات التي من شأنها أن تسهم في حل هذه الإشكاليات، وقد وضعت هذه الدراسة واقع الإعلاميين الشباب أمام جلالة الملك، خلال زيارته لجامعة اليرموك في نيسان الماضي، التي أكّد من خلالها أنه أول الداعمين لانخراط الشباب في العمل السياسي، والحريص على تعزيز الحريات الصحفية.
وبعد هذه الحقبة من تأسيس هيئة شباب كلّنا الأردن فإن الشباب أصبح ينظر إلى وجودها بأنه بالغ الأهمية، فهم يطمحون منذ زمن إلى إيجاد مظلة تلبي متطلباتهم واحتياجاتهم، والآن تحقق ذلك على يد جلالة الملك الشاب، الذي لامس منذ توليه سلطاته الدستورية أهمية أن يكون للشباب دورٌ فاعلٌ في المجتمع؛ لأنهم أساس التغيير في كافة المجتمعات والشريحة الأكبر التي تشكل حاضر ومستقبل الوطن.
