مكارم ملكية سامية
ما ارتبط شعب من شعوب الأرض بقيادته كما الاردنيون , ذلك ان ثمة علاقة فريدة لأمت الوعي الوجداني و الفكري لهذا الشعب مع قيادته , فالصورة الانطباعية للحضور الهاشمي عند الاردنيين تتبدى ملامحها الأولى من خلال يقينهم القاطع بجدلية معنى المسؤولية التي حمل ثقلها الهاشميون في هذا البلد بكل ما تفرضه مفرداتها من متغيرات داخلية و خارجية تتجاذبها التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية بكثير من الجموح و الغلو فما كان من القيادة الهاشمية الوقادة الذكاء الا ان توجد نوعا من الصيغ التفاهمية مع هذه التحولات للنأي بهذا البلد الى ما اصبح يعرف به " بأنه واحة أمن وأمان " ليس للأردنيين فحسب و انما لكل من يلوذ بحماهم .
ولا غرابة في ذلك فقد انتهج الهاشميون سبلا قيادية ثابتة المباديء راسخة الأصول تنحو نحو مأسسة القيادة مما جعلها سياسة قابلة للمدارسة بعيدة عن المساءلة .
ولعل من أبرز صور هذه السياسة تمثلا في نفوس الاردنيين ذلك الأرق الذي حمله الهاشميون لرعاية مواطن هذا البلد الفقير بموارده العظيم بانسانه يوم آمنوا بقدراته و صلابته فأوجدوا له كل السبل ليظهر تميزه و ابداعه
فها هو الملك عبد الله الثاني يعلن انتماءه للمؤسسة التربوية و يتعهدها بالكثير من الرعاية و الاهتمام كونها المحفز الأول و الأهم لصناعة الانسان الخلاق
فالمكارم الملكية السامية لهذه المؤسسة لا تنضب فمن التبرع بدفع قيمة التبرعات المدرسية و مرورا بتغذية الأطفال و توزيع معاطف الشتاء و تدفئة المدارس و صيانتها و اضافة أجنحة لرياض الأطفال و بناء أكاديمية خاصة للمكفوفين و دعم النواحي المادية و المعنوية للعاملين في هذا القطاع وصولا الى مدارس الملك عبد الله الثاني للتميز و البعثات العلمية و جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي و مبادرة " مدرستي " طريق طويل ما زلنا من خلال استشراف ابعاد هذه المكارم في بدايته ,فكل ما من شأنه ان ينعش هذه المؤسسة و يبعث فيها روح التطور و التألق ممكن دراسته و تطبيقه بناء على أسس علمية و مباديء ثابتة و توجيهات ملكية تدرك أهمية هذه المؤسسة و دورها الفاعل في تنشئة جيل ثابت المباديء نيّر الفكر مدرك لمعنى اشكاليته مع المتغيرات الكثيرة التي تعصف بعالم اليوم و التعامل معها بوعي و حرفية .
ان النظرة البانورامية الفاحصة لمنهجية التوجهات الملكية و انجازاتها لهذه المؤسسة لتبدي بجلاء الخطى الساعية نحو اظهار الطاقات الابدعية ليس فقط من خلال توفير الأساسيات و السبل و انما ايضا باذكاء فاعلية المنافسة و ابراز التميز و تقدير هذا التميز و الاعتراف بفضله و تأكيد دوره بادخاله معترك الحياة التربوية .
لقد أصبحت مدارسنا اليوم بفضل استلهام الرؤى الملكية الواعدة مصانع ابداع و فكرفقد شهد القطاع التعليمي نموا متسارعا كما و نوعا من خلال ازدياد عدد المدارس و الطلبة و المعلمين اضافة الى التطور الملحوظ في مستوى التعليم ، وفقا للتقارير الدولية و تقرير الرصد العالمي للتعليم للجميع لعام 2008 حصّل الاردن المرتبة الأولى بين الدول العربية ذات الاحتمالية المتوسطة لتحقيق أهداف التعليم للجميع و على المرتبة الرابعة بين دول العالم للفئة نفسها ، كما تبوأ الأردن المرتبة الأولى عربياً في الدراسة الدولية (TIMSS)في العلوم لعام 2003 ، بينما حصل على ثاني أعلى معدل في المنطقة العربية في مبحث الرياضيات بعد لبنان بفارق غير دال إحصائياً ، كما تبوأ المرتبة الأولى عربيا في الدراسة الدولية (PISA)لعام 2006 لمبحثي العلوم والرياضيات ومستوى القرائية مشيرا الى ان نسبة القيد الإجمالي في التعليم الأساسي والثانوي بلغت أعلى من المعدل على مستوى العالم وعلى مستوى الوطن العربي ، وحقق هدف إزالة أوجه التفاوت بين الجنسين في مجال التعليم الأساسي والثانوي بحلول عام 2005 (أهداف داكار) ..ويعتبر الأردن من الدول التي لديها فرصة عالية لتحقيق تحسن في مستوى محو الأمية بحلول عام 2015 . وأشار تقرير التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي صدر مؤخرا عن البنك الدولي الى أن الأردن يعد أفضل دولة عربية من حيث مؤشرات المساواة والكفاءة وإمكانية الحصول والجودة في التعليم .
وما كان للأردن ان يتفاخر بهذا الانجاز الا لكد أبنائه الأوفياء فيه باصرار و مثابرة بتطبيق كل ما من شأنه أن يوصله الى مصاف دول العالم المتطورة بل و منافستها ولذلك طبقت سياسات تربوية تعتمد منهجية التطوير والتحديث بادخال التكنولوجيا و الاستراتيجيات الحديثة في التعليم الهادفة الى تنمية الموارد البشرية و احداث التنمية المستدامة المبنية على الاقتصاد المعرفي المعني بالاعداد للتعايش الفاعل في مجتمع الاقتصاد المعرفي و رفع كفاءة المنظومة التربوية لتصبح أنموذجا رفيع المستوى ترمقه نظرات العالم أجمع بعين الاعجاب و الغبطة .
لقد شملت سياسة التطوير كافة مجالات التعليم و عناصره ابتداء من اعادة توجيه السياسة التربوية و انتهاء باستراتيجيات تنفيذ هذه السياسة و ذلك من خلال تطوير آلية الاصلاح الاداري و تغيير البرامج و الممارسات لتحقيق مخرجات تعليمية ذات جودة عالية تتلاءم و معطيات العالم الحديث و لذلك فقد وضعت الخطط المتعاقبة الشمولية للخروج بمتعلم ممتلك كافة الامكانات و قادر على طرق كل الابواب المعرفية و العملية و منافس قوي الحضور لامع القدرات . لم تكن سياسة التطوير التي تعتمدها وزارة التربية مقتصرة على جانب دون غيره بل شملت كافة المكونات التربوية من البناء المدرسي الى المعلم و المدير و الكتاب وكل ما له علاقة مباشرة و غير مباشرة بالعملية التعليمية و لذلك فقد تم التحضير لمشروع تطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة للمرحلة الثانية من مشروع التطوير التربوي الذي سينفذ خلال الفترة 2009 - 3102 ويشمل خمسة مكونات أساسية تتعلق بالتطوير على مستوى المدرسة ، وإعادة النظر ببعض المناهج الدراسية ، وإنشاء معهد خاص لتدريب المعلمين والقيادات المدرسية والمرشدين التربويين ، وتطوير البنية التكنولوجية وأدواتها في المدارس ، إضافة إلى مكونات تتعلق بتطوير التعليم المهني لينسجم مع متطلبات سوق العمل وتطوير برامج التربية الخاصة سواء للموهوبين أو بطيئي التعلم ، والتوسع بإنشاء رياض الأطفال الحكومية ، وسيتضمن برنامج المرحلة الثانية مكونا يتعلق بإنشاء أبنية مدرسية جديدة وإضافات صفية لمدارس قائمة .
و أما المكارم الملكية السامية لهذا القطاع الذي يعد عبئا على خزينة أي دولة كونه الـأكثر استهلاكا و بخاصة في ظل الأحوال الاقتصادية القاسية التي تخيم على العالم أجمع و نحن بلد صغير نام فقير الموارد فهي و قياسا لهذه الظروف عظيمة لا نملك الا ان نقدر واهبها أجلّ التقدير و نستثمر خيرها أعظم الاستثمار , فها هو الملك عبد الله الثاني بوركت فعاله يتبرع بحقائب و معاطف و مدافيء و يتكفل بدفع قيمة التبرعات المدرسية و يتولى الانفاق لبناء ملاحق مدرسية و صالات رياضية و أندية للمعلمين و قاعات متعددة الأغراض و مختبرات علمية
ويتعهد جلالته من واقع حس المسؤولية الشفيف بتحسين المستوى الصحي والتغذوي للطلبة من خلال مشروع التغذية المدرسية اضافة الى الاهتمام بالمعلم و ردّ الاعتبار لوظيفته في زمن أصبح الانسان فيه يقيم على الأغلب من وضعه المادي لا من قيمته المعنوية فكان أن أعلن جلالته أنتماءه الشخصي لمهنة التعليم و أسبغ على المعلم من أياديه البيضاء الشيء الكثير الواعد فلا يكاد يخلو أي خطاب لجلالته في أي مناسبة و طنية أو قومية من ذكر المعلم و الاشارة الى دوره في تأسيس المجتمع و انماء روح المواطنة الصالحة في نفوس الأجيال و اضافة الى تقديرجلالته للظروف المعيشية العصية للمعلمين فقد منحهم حوافزونظام رتب و سكن ملائم ( سكن كريم لعيش كريم ) و علاوة للعاملين في المناطق النائية للحفاظ على مستوى أدائهم و استقرارهم و يأتي دعمه المتواصل لصندوقي الاسكان والضمان الاجتماعي لكافة العاملين في المؤسسة التربوية والبالغ العشرين مليون دينار ليتوج سلسلة مكارمه المتواصلة .
هذا غيض من فيض و القادم ثرّ وخصب وواعد يحمل تباشير الأمة باجيال الغد الذين سيكونون بحق أبناء
زمانهم الصعب يتعايشون معه و ينخرطون فيه لا يقفون على عتباته مشوشي الفكر مضطربي الأهداف ضائعي الطموحات مسلوبي الارادة بفضل من حمل همّ المسؤولية و كان أهلها و قائدها و الروح المسخرة لوجعها و امانة رعايتها , هذا هو القائد الهاشميّ الحامل آلام أمته المطبب جراحها المهدي طريق أجيالها نحو الرفعة و السمو و الألق , انه الملك العظيم الارادة النجيب الوعي عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه.
