ولاء وانتماء عضو مميز
عدد المساهمات : 667 نقاط : 1081 تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 65 الموقع : اربد العمل/الترفيه : معلمة
| موضوع: "أُنس"..عظيمةٌ خلف رجلٍ عظيم الأحد أبريل 29, 2012 1:41 pm | |
| ب "أُانس"..عظيمةٌ خلف رجلٍ عظيم "أُنس"..عظيمةٌ خلف رجلٍ عظيم هي سيّدة عظيمة لا أحد يعرفها، لأنَّ عدسة الكاميرا والإضاءة المسلطة على زوجها حجبت رؤيتها، فزوجها رجل مشهور ومعظم الناس تعرفه، وهو الحافظ ابن حجر العسقلاني عالم الحديث، ومؤلف كتاب : فتح الباري شرح صحيح البخاري، قال عنه المجتمع :"المحاسن التي تفرقت في الناس اجتمعت في ابن حجر " ، و لقب بشيخ الإسلام وإمام الحفاظ؛ إنها أنس عبد الكريم أحمد اللخمي النستراوي التي ولدت بالقاهرة عام 780هـ ، وتخصَّصت في علم الحديث، وحصلت على إجازة في علم الحديث من مصر، وإجازة في علم الحديث من الشام (سوريا)، وإجازة في علم الحديث من مكة وإجازة في علم الحديث من اليمن .
زوجة مشهور .. وعندما تتزوَّج امرأة من مشهور، فإنَّ جهدها وطموحها يتمركز حول شهرته، وليس بمعزل أو استقلال عنه، فإضاءة المجتمع مسلطة عليه، وهو في وسط العدسة والمشهد، وهي مجرَّد تابع وزوجة للنجم، وهذا الضغط ضغط المجتمع لتهميش كيانها قد يدفعها لتنسى أو تتنسى ذاتها وتسخر كل طاقتها لخدمته، وتعيش في ظله ويكون أقصى طموحها هو أن يذكرها الناس والتاريخ بالمثل الشائع : " وراء كل رجل عظيم امرأة".
ولكن أنسا استثناء ... فهي لا تستمد قيمتها وتصورها عن نفسها من خلال نظرة المجتمع لها، ولا من خلال محيط المشاهير من حولها - حيث كان أبوها مشهوراً، وأمها سارة ناصر مشهورة أيضاً - وإنَّما من خلال إيمانها بنفسها وبرغباتها في ألاّ يمرّ يوم إلاَّ وهي أفضل من اليوم الذي قبله ... قال الحافظ: " منذ أن تزوجتُها وبعد زواجي منها بسبع ليالٍ ما تركتْ ليلة بِلا قيام إلاَّ من عُذر، وما أرى من بركة في بيتنا وبناتنا إلا بفضل هذه الركعات".
ولما رأى ابن حجر اهتماماً غير عادي من زوجته بقراءة كتب الحديث في البيت، وإلحاحاً من جانبها على ضرورة تخصص في هذا المجال، بدأ يساعدها ويعلمها، وبدأ يعرفها على شيوخه الذين كانت تسمع منهم ويسمعون منها، ويعطونها شهادات (إجازت) بذلك، ولما استكملت الشهادات المطلوبة في مجال التخصص، قال زوجها :" صرت الآن شيخة ".
ولقد سأله أحد تلاميذه مرَّة: «كيف هي لك؟ وكيف لأولادها؟ وكيف هي بالعلم والتحديث والحفظ؟» فأجاب الحافظ ابنُ حجر رحمه الله:" هي نِعْمَ الزوجة لي ونِعْمَ الأم لبناتها، وما أراها إلاَّ نِعْمَ الشيخة لتلاميذها"، وسأله تلميذه: " مِن أين لها هذا الفضل؟ " ، قال الحافظ: " منذ أن تزوجتُها وبعد زواجي منها بسبع ليالٍ ما تركتْ ليلة بِلا قيام إلاَّ من عُذر، وما أرى من بركة في بيتنا وبناتنا إلا بفضل هذه الركعات".
أَسمَعَها زوجها من شيخه حافظ العصر عبد الرَّحيم العراقي «الحديث المسلسل بالأولية»، وكذا أسمعها إياه من لفظ العلاّمة ابن الكويك، وأجاز لها باستدعاء عدد من الحُفّاظ، وقد لمع نَجم أُنْس في علم الرواية حتى يُقال إنها المرأة الوحيدة التي كان لها مجلس تحديث في مسجد عَمْرو بن العاص في مصر، وقد خرّج لها السخاوي أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً وقرأها عليها بحضور زوجها.
صدمات .. وتمرّ على الإنسان في حياته صدمات يمكن أن تهزه أو توقف مشروع نجاحه مثل صدمة فشل حياة زوجية أو مرض عضال أو موت حبيب ...وأنس أيضاً تعرَّضت لصدمات في حياتها ، لكن ذلك يؤثر على عطائها للمجتمع ، لأنَّ رغبتها منذ البداية لم تكن مرتبطة بالظروف الخارجية ، فتهز عندما تتغير الظروف.
كانت الصَّدمة الأولى هي وفاة جميع بناتها : غالية ورابعة وزين خاتون( كانت حاملاً ) توفين بسبب الطاعون، وفرحة وفاطمة توفيتا بسبب مرض ... وكانت أنس أم تحب بناتها حبّاً شديداً، وكانت يمكن إزاء هذه الصدمة أن تنهار ، وتجلس في البيت تنتظر الموت ، ولكنها ظلت تعلم وتدراس وترعى تلامذتها من طلبة الحديث بناتٍ وأولاداً ، وكانت أمام صدمة رحيل بناتها الخمس واحدة تلو الأخرى ، مثال شخصية ثابتة تتأثر: نعم ، ولكن لا تهتز أو تسقط أو تنهار.
وكانت الصَّدمة الثانية بعد وفاة بناتها الخمس وفاة زوجها بعد 54 سنة زواجاً، كان عمرها عندما مات زوجها 72 سنة، وحق لها ربما أن تتقاعد في هذا السن وترتاح في البيت ، ولكن منذ متى وأنس تتصرف وفق توقعات المجتمع السلبية ، ألم تبدأ تتعلم وهي صغيرة ، وتقرأ كتباً، قيل لها : إنها أكبر من عمرها ، فلم تتوقف إذاً عندما تكون كبيرة مادام قلبها ينبض بالحياة، ورغبتها الداخلية لتنمية نفسها من المهد إلى اللحد لا تزال متقدة؟
عاشت أنس عبد الكريم 15 سنة بعد رحيل ابن حجر، مستمرة في التعلم والتعليم، كانت مثال شخصية مستقلة تدين لزوجها بدوره في تعليمها، ولكن لا تتوقف عن التعلم والتعليم بعد غيابه، وعلى مستوى الجميع ككل ظلت مستمرة في عطائها وفي فعل الخير، فقد أوقفت بعض أملاكها على أعمال الخير، وأموالها على أصحاب الحاجة، وعلى النسوة العجائز اللاتي كن يحتجن إلى معونة.
وفاتها .. انتقلت أنس إلى رحمة الله من عمر 87 سنة كلّها عطاء ، وكانت يمكن أن تولد بهدوء وتعيش لزوجها وبيتها بهدوء وتموت فلا يشعر بها إلاَّ المقرّبون، ولكن لأنّها عاشت لأجل الناس والمجتمع، فلّما ماتت شعر المجتمع بكافة شرائحه بغيابها ، فحزن لرحيلها وحضر جنازتها الآلاف، جميعهم وقفوا يحني قامته لهذه المرأة التي بدأت مسيرتها في التنمية منذ أن كان عمرها 18 سنة . ولقد خلد الحافظ السخاوي ذكرأنس عبر التاريخ بقوله:" كانت رئيسية، ديّنة، كريمة، راغبة في الخير، مجابة الدُّعاء".
ا | |
|
ولاء وانتماء عضو مميز
عدد المساهمات : 667 نقاط : 1081 تاريخ التسجيل : 22/12/2011 العمر : 65 الموقع : اربد العمل/الترفيه : معلمة
| موضوع: رد: "أُنس"..عظيمةٌ خلف رجلٍ عظيم الأحد أبريل 29, 2012 2:20 pm | |
| | |
|