رقيه بنت النبي صلي الله عليه وسلم
صاحبةُ الهجرتين رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم
كان نزول هذه الآياتصاحبةُ الهجرتين رقية النبي الله عليه وسلمتَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ . سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ . وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ . فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ)[سورة المسد]؛ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيدًا ورحمةً، وعيد لأبي لهب وزوجتِه، ورحمة لرقيةَ وأمِّ كلثوم ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم :؛ إذ نجاهما الله من العيش في بيت الشرك والكفر .
ولدت السيدة رقية -رضي الله عنها- قبل الهجرة بعشرين عامًا، ونشأت في أحضان أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمها السيدة خديجة بنت خويلد-رضي الله عنها-. وكانت رقية -رضي الله عنها- ملازمة لأختها أم كلثوم لتقارب السن بينهما، ولم يفترقا حتى خطب عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب) السيدة رقية لابنه عتبة، كما خطب السيدة أم كلثوم لابنه الآخر عتيبة.فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل: تبت يدا أبى لهب. قال أبو لهب لابنه عتبة: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته. ففارقها ولم يكن قد دخل بها، وأسلمت رقية -رضي الله عنها- حين أسلمت أمها السيدة خديجة، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم تزوجها عثمان بن عفان بمكة فكان زواجها سعيدًا موفقًا متكافئًا.
ثم هاجرت رقية مع زوجها عثمان إلى أرض الحبشة، فكان عثمان أول من هاجر إليها، واستقر بهما المقام بالحبشة، وسارت بهما الأيام هادئة، حتى أشيع أن أهل مكة قد كفُّوا أيديهم عن تعذيب المسلمين والتنكيل بهم، فعادت السيدة رقية مع زوجها عثمان -رضي الله عنهما-، وبعض الصحابة إلى مكة، ولكنهم فوجئوا بأن أهل مكة مازالوا على عنادهم يسومون المستضعفين من المسلمين سوء العذاب، فانتظروا قدوم الليل، ثم دخلوا مكة متفرقين.
وعندما عادت السيدة رقية إلى مكة كانت أمها خديجة قد لقيت ربها، فحزنت عليها أشد الحزن ، ثم ما لبثت أن هاجرت إلى المدينة بعد أن هاجر زوجها عثمان من قبل.
ولدت رقية من عثمان ابنها عبد الله وبه كان يكنى، ولما بلغ ست سنوات نَقَرَهُ ديكُ في وجهه، فطمر وجهه فمات، وكانت رقية قد أسقطت قبله سقطًا وقت هجرتها الأولى، ولم تلد بعد ذلك.
وتجهز المسلمون لأول معركة مع الكفر في بدر، وتمنَّى عثمان أن يكون مع المجاهدين، ولكن زوجته كانت تعالج سكرات الموت بعد مرض شديد -قيل إنه الحصبة- إثر حزنها الشديد على وفاة ولدها، ولذلك أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان بالتخلف ليكون إلى جوارها يطببها، ولكنها ما لبثت أن لبت نداء ربها في شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكانت أولى بنات النبي صلى الله عليه وسلم موتًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ قَالَتِ امْرَأَةٌ هَنِيئاً لَكَ يَا ابْنَ مَظْعُونٍ بِالْجَنَّةِ. قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَظْرَةَ غَضَبٍ فَقَالَ لَهَا « مَا يُدْرِيكِ فَوَاللَّهِ إِنِّى لَرَسُولُ اللَّهِ وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى ». قَالَ عَفَّانُ « وَلاَ بِهِ». قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَارِسُكَ وَصَاحِبُكَ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ قَالَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ وَكَانَ مِنْ خِيَارِهِمْ حَتَّى مَاتَتْ رُقْيَةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : « الْحَقِى بِسَلَفِنَا الْخَيْرِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ ». قَالَ وَبَكَتِ النِّسَاءُ فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرِبُهُنَّ بِسَوْطِهِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمَرَ « دَعْهُنَّ يَبْكِينَ وإيَاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ ».
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَهْمَا يَكُنْ مِنَ الْقَلْبِ وَالْعَيْنِ فَمِنَ اللَّهِ وَالرَّحْمَةِ وَمَهْمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَاللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ ». وَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ وَفَاطِمَةُ إِلَى جَنْبِهِ تَبْكِي فَجَعَلَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ عَيْنَ فَاطِمَةَ بِثَوْبِهِ رَحْمَةً لَهَا." أحمد (3158) حسن.
ودفنت - رضي الله عنها - بالبقيع .