آلام الظهر
الشكوى الأكثر شيوعاً فى الألفية الجديدة
يؤكد الدكتور حازم مصطفى، مدرس جراحة المخ والأعصاب بجامعة عين شمس..
أن آلام العمود الفقرى أصبحت تمثل فى الفترة الأخيرة ظاهرة عامة.. وأضاف أن آلام أسفل الظهر بصفة خاصة تحتل حيزاً كبيراً فى شكوى الرجل والمرأة على حد سواء فى هذه الألفية الجديدة.. حتى أنها أصبحت تتكرر بمعدل أكثر من تكرر الصداع ونزلات البرد.
وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن ثمانية من أصل عشرة أفراد بالغين سوف يعانون من آلام أسفل الظهر فى وقت ما فى حياتهم، وأن آلام أسفل الظهر هى ثانى أهم سبب للتخلف عن العمل وكثرة الإجازات المرضية للبالغين تحت سن الخمسين.. ولكن لحسن الحظ فإن معظم هذه الآلام سرعان ما تقل وتزول تلقائياً، فحوالى 50% من الذين يعانون من آلام أسفل الظهر يتماثلون للشفاء خلال أسبوعين، 40% خلال ثلاثة شهور، وحوالى 5% إلى 10% تتحول آلامهم إلى آلام مزمنة.
وقد وجد أن هذه النسبة (5% إلى 10%) والتى قد يعتبرها البعض صغيرة، من الذين يعانون الآلام المزمنة بالظهر يمثلون فى الواقع 90% من مرضى عيادات العمود الفقرى والألم، وتصرف لعلاجهم أموال طائلة.. ففى الولايات المتحدة فقط يصرف حوالى 80 بليون دولار سنوياً على مرضى آلام أسفل الظهر المزمنة، وفى العالم قدرت الميزانية المصروفة سنوياً بحوالى 130 بليون دولار.
بعد هذه النظرة السريعة على الإحصائيات والأرقام الأخيرة نستطيع أن نرى حجم المشكلة التى تواجه الإنسان المعاصر وتؤثر على حياته اليومية، مما يجعلنا نتساءل:
ما الذى يسبب آلام أسفل الظهر؟
ولمعرفة هذه الأسباب لابد لنا من معرفة عامة وسريعة على الوحدة الحركية Motion Segment فى العمود الفقرى وهى المسئولة عن الحركات التى نقوم بها فى الانحناء والالتفاف، والتى تسمح لنا بالوقوف والجلوس والسير وحمل الأشياء وغيرها من الحركات.
هذه الوحدة تتكون من فقرتين متجاورتين فى العمود الفقرى وبينهما غضروف ومحاطتين بالعديد من الأربطة الأمامية والخلفية، بالإضافة لعضلات الظهر.. وهذه الوحدة الحركية تتكرر على طول العمود الفقرى وتعمل بتناغم وانسجام متميز يسمح لنا بممارسة حياتنا.
الطبيعة اليومية:
وبالتالى فإن أى إصابة أو التهاب فى أى من مكونات هذه الوحدة تؤدى إلى الإحساس بالألم فى منطقة العمود الفقرى سواء فى الرقبة أو الظهر أو أسفل الظهر.
لذا يمكننا القول إن آلام أسفل الظهر قد تكون نتيجة شد عضلى أو إصابة عضلية بالظهر، وهى الأكثر شيوعاً، أو تكون الآلام نتيجة إصابة الغضروف أو الفقرات.
وقد وجد أن البالغين أقل من سن الخامسة والخمسين يعانون من آلام أسفل الظهر أكثر نتيجة للآتى:
الانزلاق الغضروفى Lumbar disc herniation
وهو تحرك الغضروف القطنى ضاغطاً على العصب، وعادة ما يكون مصحوباًً بشرخ بغلاف الغضروف وخروج جزء من نواة الغضروف أو كلها، ضاغطة على العصب، مما قد يسبب آلام عرق النسا Sciatica
ضمور الغضروف القطنى Lumbar degeneration disc disease
الزحزحة الفقارية أو الانزلاق الفقارى القطنى Acute Lumbar Disc Prolapse
وهو تحرك إحدى فقرات العمود الفقرى القطنية إلى الأمام أو الخلف بالنسبة للفقرة المجاورة لها، وعادة ما يكون مصحوباً بشرخ أو نقص فى تكوين العمود الفقرى للفقرة المنزلقة.
أما البالغون الذين تتجاوز سنهم الخامسة والخمسين فقد وجد أن أكثر الأسباب لآلام أسفل الظهر عندهم هى:
- التهاب مفاصل الفقرات Facet joint Osteoarthritis وهو التهاب يصيب الفقرات ويؤدى إلى استثارة الأعصاب التى تغذيها، مما يؤدى إلى حدوث آلام حادة أسفل الظهر.
- ضيق القناة القطنية Lumbar canal stenosis وهو ضيق بالقناة القطنية ناتج من تكون زيادات عظمية وتضخم بالرباط المبطن للقناة القطنية، مما يؤدى إلى اختناق الحبل الشوكى والأعصاب ويؤدى لآلام شديدة فى منطقة الفخذين والساقين أو إحداهما، إضافة لآلام أسفل الظهر مع بعض الأعراض المصاحبة مثل التنميل أو الخدر بالساقين.
- الزحزحة أو الانزلاق الفقارى التآكلى Degenerative Spondylosis وهو انزلاق الفقرة القطنية فوق الأخرى المجاورة، وسببه عدم الثبات بين الفقرات، وغالباً ما يكون مصحوباً بانزلاق غضروفى بين عدة فقرات.
وبالإضافة لتلك الأسباب فإن هناك بعض الأسباب الأخرى والتى تؤدى إلى حدوث آلام أسفل الظهر، ولكنها أقل حدوثاً مثل:
- أورام العظام Tumours
- Osteoarthitis
- Abdominal aortic aneusysm
- Sacro iliac Joint dysfunction
- Piriformis syndrome
- Fibromyalagia
- Automobile accidents
- Pregnancy related back pain
- Osteoprosis
- Rheumatoid arthritis
- Ankylosing spondylitis
كيف يتم تشخيص أسباب آلام الظهر؟
من حسن الحظ.. وكما ذكرنا سابقاً فإن معظم آلام الظهر ليست نتيجة أسباب خطيرة، ولكنها نتيجة إصابة عضلات الظهر والأربطة بين الفقرات، وهى غالباً ما تشفى خلال أسبوعين إلى ثلاثة أشهر بالراحة والعلاج الدوائى، ولكن هذا لا ينفى وجود نسبة قد تخفى وراءها ضرورة تدخل طبى سريع، ولذلك ننصح باستشارة الطبيب المختص للتشخيص الصحيح لآلام أسفل الظهر.
وتشخيص أسباب آلام الظهر يبدأ بالتعرف على الأعراض المرضية وتطورها وعلاقتها بأوضاع حركة المريض فى الجلوس إلى الوقوف إلى المشى، كما يشكل الفحص الطبى الدقيق حجر الأساس فى تشخيص آلام الظهر، حيث يتم اختبار حركات الظهر فى جميع الأوضاع وفحص العمود الفقرى، ثم الفحص العصبى الدقيق؛ للتأكد من وجود أى أعراض عصبية مصاحبة، مما يفيد فى تحديد نوع العلاج المطلوب وتوقيته.
وتمثل الأشعة التشخيصية، سواء كانت أفلام الأشعة السينية العادية أو الأشعة المقطعية أو أشعة الرنين المغناطيسى، الخطوة الرئيسية التالية فى تشخيص أسباب آلام أسفل الظهر؛ لتحديد نوع الإصابة ونوع العلاج المطلوب طبياً أو جراحياً، إضافة إلى تحديد نوع العلاج الجراحى، إذا لزم الأمر، سواء كانت جراحة استئصال غضروف قطنى أو عملية تثبيت للفقرات القطنية.
وقد يتبادر إلى ذهن الكثيرين سؤال..
ما هو العلاج الأمثل لحالات آلام الظهر؟
إن علاج حالات آلام الظهر يمكن توضيحه بالنقاط التالية:
- نسبة كبيرة جداً من المرضى (90%)، تستجيب للعلاج التحفظى مثل الحد من نشاط المريض، الراحة، إضافة إلى العلاج الدوائى والعلاج الطبيعى.
- قد يحتاج بعض المرضى للاستخدام المتقطع لبعض أنواع أحزمة الظهر، خاصة فى حالات آلام الظهر الناتجة عن الانزلاق الفقارى.
- عند اختفاء الآلام الحادة بالظهر، يجب أن يبدأ المريض بتقوية عضلات البطن والظهر، واتباع تمارين المرونة؛ لزيادة قوة ومرونة العضلات والأربطة بالظهر.. ومن أفضل الرياضات للممارسة بالنسبة لمرضى آلام الظهر هى المشى، والسباحة.
- المحافظة على الوزن المناسب وإنقاص الوزن الزائد؛ حيث إن كل سنتيمتر واحد زيادة فى حجم الخصر يضيف خمسة أرطال من الوزن الإضافى على العمود الفقرى والعضلات فى منطقة أسفل الظهر.
- الامتناع عن التدخين؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة ارتباط التدخين بآلام الظهر وارتجاعها.
- المحافظة على حركة الظهر السليمة فى الوقوف والجلوس باعتدال،إضافة إلى حمل الأغراض بالطريقة الصحيحة وتفادى حمل الثقيل منها.
- هناك بعض أنواع العلاج غير الجراحى مثل الكيروبراتيك Chiropractic ويعتمد على إعادة مرونة وحركة العمود الفقرى، عن طريق حركات معينة للعمود الفقرى فى المريض، يقوم بها الأخصائى، مما يقلل من آلام الظهر، وهذه الوسيلة العلاجية قد لا تفيد فى حالات الانزلاق الغضروفى والزحزحة الفقارية..
إضافة للكيروبراتيك، هناك الحقن بالإبر الصينية، وهو يفيد فى حالات محدودة جداً:
1- فى حالات آلام الظهر المزمنة نتيجة التهاب مفاصل الفقرات فإن الحقن الموضعى لها قد يأتى بنتائج جيدة للغاية لإزالة الألم.
2- إن نسبة 5% إلى 10% من مرضى آلام الظهر الحادة أو المزمنة، قد يحتاجون للتدخل الجراحى سواء لاستئصال الغضروف القطنى أو تثبيت الفقرات أو توسيع القناة القطنية، وهؤلاء المرضى يعانون من آلام مبرحة تعوق استمرار حياتهم بصورة طبيعية.
3- على الرغم من فترات العلاج التحفظى ووسائل العلاج المختلفة أو إن بعضهم يعانى من ضعف أو ثقل أو فقدان الإحساس بإحدى الرجلين أو كلتيهما.
4- ونسبة منهم قد تتطور الحالة المرضية عندهم بحيث يصابون بعدم التحكم فى التبول أو الإخراج وفقدان الإحساس بالساقين والفخذين فى الداخل وهو ما يستدعى تدخلاً جراحياً عاجلاً Cauda equina syndrome
ومن هنا نجد أن آلام الظهر لها تأثيرها على حياتنا اليومية وأسلوب معيشتنا، لذا يجب أن نقى أنفسنا من الإصابة بها.. فالوقاية خير من العلاج..
وعلاج آلام الظهر يبدأ قبل ظهورها بالوقاية منها، عن طريق اتباع الأسلوب الصحيح للمشى والجلوس والوقوف، والمحافظة على الوزن، وممارسة الرياضة باستمرار، حتى ولو كانت رياضة بسيطة مثل المشى.