إكسير الحياه ( الأمل )
إكسير الحياة ..
لولا الأمل ما بنى بان بني .. ولا غرس غارس .. ولا عمل عامل .. ولا ذاكر مذاكر .. ولا تاب عاص .. ولا دعى داع .. ولا تقدم متقدم .. ولا اخنرع مخترع
الأمل هو :- انشراح النفس في وقت الضيق والأزمات ؛ الأمل هو قوة تدفع الإنسان إلى إنجاز ما فشل فـيه من قبل ، ولا يمل حتى ينجح في تحقيقه .. وكما قيل هو :- نور الحياة ، وأما عكسه اليأس فهو سلم الفقراء .. وقيل :- لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس ..
وقيل :- ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية، وذلك لأن المخترع لم يتمكن من تحقيق إنجازه من أول مرة في أغلب الأحيان، وإنما حاول تحقيقه مرة بعد مرة دون يأس أو ملل .. ولذلك قيل :- الأمل يُنَمِّي الطموح والإرادة، واليأس يقتلهما.
والأمل هو :- إكسير الحياة ، وهو دافع نشاطها، وهو مخفف ويلاتها، وهو باعث البهجة والسرور فيها.
العلامة يكتب عن الأمل ..
وقد كتب فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوى :- ( من مصادر الأمن والسكينة لدى المؤمن :- ما يغمر جوانحه من أمل ، ذلك الشعاع الذي يلوح للإنسان في دياجير الحياة فُيضيء له الظلمات ، ويُنير له المعالم ويهديه السبيل ، ذلك هو الأمل ، الذي به تنمو شجرة الحياة ، ويرتفع صرح العمران ، ويذوق المرء طعم السعادة، ويحس ببهجة الحياة.
الأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل ، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب ، وتبعث النشاط في الروح والبدن ، وتدفع الكسول إلى الجد ، والمجد إلى المداومة على جده ، والزيادة فيه تدفع المخفق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح ، وتحفز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه .. إن الذي يدفع الزارع إلى الكدح والعرق أمله في الحصاد ، والذي يغري التاجر بالأسفار والمخاطر أمله في الربح ، والذي يبعث الطالب إلى الجد والمثابرة أمله في النجاح ، والذي يحفز الجندي إلى الاستبسال أمله في النصر ، والذي يهون على الشعب المستعبد تكاليف الجهاد أمله في التحرر ، والذي يحبب إلى المريض الدواء المر أمله في العافية ، والذي يدعو المؤمن أن يخالف هواه ويطيع ربه أمله في رضوانه وجنته ) ..
النمل مدرسة الأمل ..
يُحكى أن قائدًا هُزِمَ في إحدى المعارك، فسيطر اليأس عليه ، وذهب عنه الأمل ، فترك جنوده وذهب إلى مكان خال في الصحراء ، وجلس إلى جوار صخرة كبيرة .
وبينما هو على تلك الحال ، رأى نملة صغيرة تَجُرُّ حبة قمح ، وتحاول أن تصعد بها إلى منزلها في أعلى الصخرة ، ولما سارت بالحبة سقطت منها، فعادت النملة إلى حمل الحبة مرة أخري. وفي كل مرة، كانت تقع الحبة فتعود النملة لتلتقطها، وتحاول أن تصعد بها...وهكذا.
فأخذ القائد يراقب النملة باهتمام شديد، ويتابع محاولاتها في حمل الحبة مرات ومرات، حتى نجحت أخيرًا في الصعود بالحبة إلى مسكنها، فتعجب القائد المهزوم من هذا المنظر الغريب، ثم نهض القائد من مكانه وقد ملأه الأمل والعزيمة فجمع رجاله ، وأعاد إليهم روح التفاؤل والإقدام ، وأخذ يجهزهم لخوض معركة جديدة .. وبالفعل انتصر القائد على أعدائه ، وكان سلاحه الأول هو الأمل وعدم اليأس، الذي استمده وتعلمه من تلك النملة الصغيرة.
لا يأس مع الحياة ..
في أحد الأيام وقع حصان في بئر غائر .. أخذ الحصان يصرخ لساعات بينما كان الفلاح يحاول التفكير في طريقة لتخليص حصاته .. أخيراً قرر الفلاح أن الحصان صار عجوزا ًوليس له به حاجة وأن البئر لابد أن يدفن على أي حال .. لذلك فلا فائدة من إنقاذ الحصان .. قام الفلاح بإستدعاء كل جيرانه لمساعدته في دفن البئر .. فأمسك كل منهم معول وبدأ يسكب الرمل والوسخ في البئر .. عندما إستنتج الحصان ما يحدث بدأ يرسل صرخات عنيفة. وبعد لحظات هدأ الحصان تماماً .. حدق الفلاح في أسفل البئر فتفاجئ مما رآه .. ففي كل مرة ينسكب فيها الرمل من المعول يقوم الحصان بعمل شيء مدهش .. فقد كان ينتفض ويسقط الوسخ في الأسفل ويأخذ خطوة للأعلى فوق الطبقة الجديدة من الوسخ .. بينما الفلاح وجيرانه يلقون الرمال والوسخ فوق الحصان كان ينتفض ويأخذ خطوة للأعلى .. وبسرعة وصل الحصان لحافة البئر وخرج بينما إنصدم وأندهش الفلاح وجيرانه .
الإيمان والعمل ..
كتب ماهر السيد :- ( نعم هذه حقيقة وواقع مشاهد أن الإيمان يبعث في النفس الأمل ويدفع عنها اليأس والأسى .. فالمؤمن الحق يرى أن الأمور كلها بيد الله تعالى فيحسن ظنه بربه ويرجو ما عنده من خير ، وأمام عينيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين فيما يرويه عن ربه عز وجل :- ( أنا عند ظن عبدي بي ...) .
وكيف يتطرق اليأس إلى نفس المؤمن وهو يقرأ قول الله تعالى :- ( وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) سورة يوسف: من الآية87 ..
أم كيف يتمكن منه قنوط وهو يردد كلما قرأ القرآن قوله تعالى :- ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ ) سورة الحجر: من الآية56؟
إن المؤمن في كل أحواله صاحب أمل كبير في روح الله وفرجه ومعيته ونصره ، لأنه لا يقف عند الأسباب الظاهرة فحسب ، بل يتعداها موقناً أن لها خالقاً ومسبباً وهو الذي بيده ملكوت كل شيء ، وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ، فيمتلئ قلبه توكلاً ورجاءً وأملاً .. وهذا ما يفتقده غير المؤمنين ..
.
إلى الأمل أخى وأختى نفوز بالدنيا والآخرة معاً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..