منتديات مدرسة طبريا الثانوية للبنات الاردن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات مدرسة طبريا الثانوية للبنات الاردن

مديرية التربية والتعليم اربد الاولى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مجد
عضو مميز
عضو مميز
مجد


انثى عدد المساهمات : 1358
نقاط : 2373
تاريخ التسجيل : 27/12/2011
العمر : 35
الموقع : شركة الكهرباء
العمل/الترفيه : مهندسة

اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Empty
مُساهمةموضوع: اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة    اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالسبت ديسمبر 31, 2011 12:04 am

الشهيد نجيب سعد العلي البطاينة
الحديث عن المجاهد الشهيد نجيب البطاينة هو الحديث عن رجل عانق الشمس من أجل أن يصنع للوطن مكاناً يليق بشعبه وأمته، وهو لا يفرق بين مشرق الوطن ومغربه، فناضل عسكرياً في الجيش العثماني، واستشهد قائداً مجاهداً في صفوف الثورة الشعبية الليبية، ولد في الشمال الأردني وسقط شهيداً في الجنوب الشرقي الليبي، فالبطولة لها أشكالها وأنواعها، ولها زمانها ومكانها، فرسم لوحة على جدار الزمن ليتحدث التاريخ عن البطولة والأبطال، وعن أحرار الأردن الذين أسقوا بدمائهم الزكية شجرة الحرية في ليبيا واليمن، وفلسطين والعراق، وسورية، وصدق دولة المرحوم سليمان النابلسي الذي قال: أرى في الشعب الأردني شعباً فريداً بين الشعوب العربية، فهو لم يضرب مرة من أجل مصالحه الخاصة، ولم يقم بمظاهرة في سبيل منافعه الذاتية. ولم تنزل قطرة دم واحدة منه من أجل قضية محلية. كل تضحياته قدمت في سبيل إخوانه في فلسطين وسوريا وليبيا والجزائر.. .

إن أردت أن تعرف شعباً من الشعوب فعليك أن تتعرف على رجاله، لأن هذه الرموز هي التي تخوض معركة الحياة بخيرها وشرها، وهي التي تصنع التاريخ للأمة، وهي التي أسهمت في إضاءة الدروب للأجيال الصاعدة والمتجددة في وطننا، وهي التي صاغت البيان التحريضي لنهضة الأمة، وهم الذين علمونا الوعي بثقافة المقاومة . ونجيب البطاينة من هؤلاء الرجال الأبطال الذين أضاءوا أفق الرؤية، وكان لـه شرف بلورة الهوية القومية من أجل بناء وطن كانت رؤاه الوحدوية منطلقة في الدفاع عن العروبة في كل بقعة من بقاع الوطن العربي.

قد تختلف العوامل التي تصنع الرجال، إلا أنها تشترك في استحالة تحقيق هذا الرجل أو ذاك دون رصيد حقيقي من مواقف وأقوال وأفعال ومنجزات يسجلها لـه التاريخ ويتحدث عنها البعيد والقريب، وذاكرة أبناء الأردن من الرعيل الأول والثاني تحتفظ بالكثير من الأحداث وصناعة الفعل الثوري والجهادي. تروي حكايا هذا المجاهد المعتز بعروبته وإسلامه.. فعندما قاد شهيدنا البطل نجيب البطاينة فصائل المقاومة الشعبية الليبية لم يكن مباهاة لتعزيز الهيبة ولا ترفاً لصيد الرجال، وإنما كان دفاعاً عن قدسية الأرض وكرامة الإنسان العربي، فقد صاغ خطابه الجهادي وفق معطيات مرحلته بكل تحولاتها العميقة وتحدياتها الخطرة، ومستجداتها الصعبة بتفكير ثاقب، ووعي ناضج متمسكاً بفكر المقاومة الشعبية مع القوى الوطنية الليبية ممثلاً بالمجاهدين: أحمد الشريف ومحمد المهدي، ومحمد بن عبد الله، وغيرهم من أبطال المقاومة الليبية الذين كان وإياهم يعبرون عن مجمل الشعور الجمعي لرسالة النضال المكونة في ذاكرتهم وهم يقارعون الغزاة وأعداء الوطن والأمة.

نسبه وعائلته
ينسب الشهيد نجيب وعائلته البطاينة إلى قبيلة (الجهمي) أو (الشمري) كما يعتقد البعض، ويعد الشيخ (ضرغام بن عويمر بن خويلد الشمري) المؤسس للعشيرة في بلاد الشام. وتسكن العشيرة في إربد، والبارحة، وحكما، وسال، وكفر يوبا، والزرقاء، والمفرق، وعمان. وتقسم العشيرة الآن إلى ثمانية أفخاذ وكانوا قبل قدومهم إلى سوريا من الحجاز بعد نجد التي تسكن ولا زالت في المناطق الواقعة بين نجد وظفار . وقد رحل الراحلون للأسباب نفسها التي كانت وراء معظم التحركات نحو الشمال التي قامت بها القبائل العربية أو جزء منها، وهي كلها تكاد تكون حروباً مع القوى في المنطقة أو هروباً من حروب. وعن رحيل العائلة التي وصلت إلى جبل العرب برئاسة شيخهم المسمى بضرغام بن عويمر بن خويلد، مكونة من بعض الأسر. توفي ضرغام في (عرمان) ثم تفرقت العائلة لأسباب غير مؤكدة أو ربما بسبب خلاف مع الأكثرية الدرزية كما يقول البعض من المتوارث من القصص. ومنهم اليوم:
أبو بكر في (يعبد) والأحمد في (رمانة) من قرى جنين، وأبو الغوش في القدس وأبو الغنم في مادبا. والسيوف في البلقاء وعجلون، والبطاينة في إربد .

وصل عيسى وعبد الهادي أبناء ضرغام مع ابن أخ لهم توفي إلى قرية (سموع) في الكورة في بداية القرن الثامن عشر في عائلة لم تتجاوز العشرة أشخاص. لم يطل المقام بهم في (سموع) فغادروها إلى قرية (كفر يوبا). وأولى الوثائق التي تتحدث عن البطاينة في كفر يوبا هي ما وجد في سجل دمشق الشرعي. الوثيقة مصورة ويحتفظ بها السيد أحمد يوسف البطاينة في (حكما) وهي عبارة عن وصل أجرة لحمولة من الذخائر سلمها لحامية دمشق كل من الشيخ عبد الله بن عيسى البطين شيخ كفر يوبا، والشيخ إبراهيم بن مصطفى النصر شيخ الحصن، والشيخ أبو بكر بن صالح بن كريزم من إربد، والشيخ موسى بن حمد شيخ عشيرة العبيدات، ويعود تاريخ الوصل إلى 19 شباط 1766م.

تولى الشيخ عبد الله البطين قيادة العائلة بعد موت والده، وأنجب ستة أولاد هم أفخاذ العشيرة الستة اليوم بالإضافة إلى فخذ عبد الهادي عم عبد الله البطين، وفخذ القواسمة، أحفاد ابن أخ عيسى الذي هاجر مع عمه من عرمان.

ثم انتقلت القيادة بعد موت عبد الله إلى أكبر أبنائه موسى من كفر يوبا ولكن لم يستطع أن يقوم بمهام قائد العشيرة فانتقلت إلى الشيخ مطلق بن عمر، ثم إلى ابنه محمد ثم إلى أخيه غير الشقيق الشيخ سعد العلي والد الشهيد نجيب البطاينة.

مولده ونشأته
ولد نجيب البطاينة في بلدة (البارحة) عام 1883م، ونشأ في كنف والده الشيخ سعد العلي البطاينة، وله ثمانية من الأخوة الذكور هم: عارف، ومنصور، وناصر، وزايد، وأحمد، ومحمد ومفلح، ومحمود.

لم يكن في قرية البارحة مدرسة ابتدائية، ولا حتى مكتباً لتدريس القواعد الأولية للقراءة والقرآن الكريم، لذلك كان معظم أطفال القرية يشتغلون في الزراعة مع آبائهم، حتى أن والده الزعيم العشائري كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، فالمدرسة القريبة من البارحة هي مدرسة إربد الابتدائية وهي الوحيدة أيضاً، وبمعلمها الوحيد الشيخ محمد بن عبد القادر الخطيب المعروف بـ (أبي الضباع) وهذه المدرسة من حيث سمعتها كانت تسمى بمدرسة عنبر الإربدية، تشبهاً بمدرسة عنبر الشامية، فكل الذين تخرجوا منها أصبحوا من رجالات الأردن، الأوائل الذين أكملوا دراساتهم العليا أو التحاقهم بالمدارس العسكرية في استانبول، وكان علي خلقي الشرايري، وصالح مصطفى التل، وخلف محمد التل، ومحمد علي العجلوني، وجلال القطب، ونجيب سعد العلي البطاينة، يمثلون الوعي التعليمي والعسكري بمدينة إربد ومحيطها من القرى التي أصبحت الآن من أحياء إربد، والبارحة مثل على ذلك وجميعهم درسوا الابتدائية في مدرسة (أبو الضباع) ومنها انتقلوا إلى مدرسة (عنبر) أو المدرسة (الرشيدية)، ومن الواضح أن هؤلاء الطلاب كانوا من أبناء الزعامات العشائرية في إربد حيث لم يكتب لغيرهم متابعة دراستهم خارج مدينة إربد.

في عام 1896م، انتقل نجيب للدراسة في دمشق، وسجّل في المدرسة الرشيدية بناء على نصيحة السيد حسين علي السلامة الشرايري والد القائمقام علي خلقي، لأن علي خلقي يتابع دراسته في المدرسة، ولكنه كان في سنة التخرج.

أدرك (نجيب) أن دمشق تختلف كلياً عن إربد والبارحة وبطينها، والدراسة في (الرشيدية)، تختلف كثيراً عن الدراسة في ابتدائية إربد ومعلمها الوحيد (أبو الضباع)، حيث المدرسة النموذجية والأساتذة بلهجاتهم المختلفة، وبعضهم التركي الأصل وبخاصة مدير المدرسة.. صعوبات كثيرة واجهت نجيب في الشهر الأول من الدراسة، والبداية كانت من (البارحة) عندما خلع ملابس ابن القرية، ولبس الطربوش وبدلة الجوخ، وشعر كأنه ولد من جديد.

ولكنه لم يعتد على مثل هذا اللباس المقيد للحركة والذي فيه شكل أبناء الأغوات، وقد ساعده علي خلقي الأكبر منه سناً على الحياة الدمشقية الجديدة.

بعد الشهر الأول تجاوز (نجيب) هذه الصعوبات، وسجّل في القسم الداخلي للمدرسة، والحياة في القسم الداخلي رفاهية من حيث الأكل واللباس والمنامة، وقد وصف صالح التل في مذكراته الحياة في الأقسام الداخلية لمدارس دمشق بقوله: فطعام المدرسة فيه دسم أكثر، ويختلف الأكل الذي في البيوت عن أكل المدرسة .

سجل (نجيب) في الصف السابع (الأول إعدادي) وكان من الطلاب المتفوقين في دراستهم، وبنى علاقات جيدة وحميمية مع طلاب صفه، ومع الطلاب الذين يشاركونه في المنزل الداخلي.

عاش نجيب خمس سنوات في دمشق، كانت من أجمل أيام صباه، وتخرج من مدرسة الرشيدية عام 1900م بشهادة الدراسة الثانوية العامة وكان من الأوائل في صفه. دراسته العسكرية
في عام 1901م، غادر نجيب الأردن إلى الآستانة (استانبول) وسجل في الكلية العسكرية، وكانت تسمى (مدرسة العشائر) ولا تعرف بهذا الاسم إلا في بلاد الشام فقط، لأن طلابها يتم اختيارهم من قبل العشائر أو من أبناء الزعامات العشائرية، ويرشحهم عادة والي الشام، وتشير الدراسات العسكرية على أن طلاب الكلية العسكرية كان يتم اختيارهم من أبناء العشائر ومن الطلاب الأوائل في مدارسهم وكانت تعرف بـ (المكرمة السلطانية).

تخرج من الكلية العسكرية برتبة ملازم ثان عام 1907م، حيث كانت الدراسة في الكلية العسكرية أقلها سبع سنوات، لكن الدكتور عارف البطاينة يؤكد على أن شقيقه نجيب تخرج من الكلية العسكرية عام 1909م، وعمل في الجيش في دمشق وتدرج في العمل وأصبح قائداً لقوات الهجانة في العقبة... .

برز نجيب كضابط ملتزم بالأخلاق العسكرية، إلى درجة التقيد الصارم بالتعاليم الصادرة من قيادته العليا، واعتبر خير من يطبق عملية (الضبط والربط) العسكرية.

تخرج الضباط من الكلية العسكرية، يتم فرزهم إلى كليات الاختصاص ولمدة عامين، فالتحق نجيب بكلية الهجانة، وتخرج منها عام 1909م برتبة ملازم أول، لذلك ذكر الدكتور عارف البطاينة أن نجيب تخرج من الكلية العسكرية عام 1909م . وترافق تخرجه مع استلام حزب الاتحاد والترقي مقاليد الحكم، ونفي السلطان عبد الحميد إلى سالونيك في اليونان.

نجيب والقائد عزيز علي المصري
ولد القائد عزيز علي المصري في القاهرة عام 1876م. والتحق بالكلية العسكرية، ثم بكلية الأركان وتخرج منها عام 1904، ثم عين مدرساً في الكلية العسكرية عام 1905م، وتعرف على الطالب نجيب سعد البطاينة، وأولاه اهتماماً كبيراً كونه من الطلبة العرب. وكان في الكلية العسكرية أكثر من عشرة طلاب من الولايات العربية، وفي أوقات خارج الدوام الرسمي كان عزيز يلتقي بالطلاب العرب جماعة وأفراداً، ويحثهم على التفوق الدراسي والتميز في العمل الميداني، وكان يحدثهم عن القضايا العربية في ظل الدولة العثمانية، ويطرح في أحاديثه مسائل سياسية بعيدة عن المسائل العسكرية وفي مقدمتها مملكة ذات تاجين تلتقي فيها الأهداف العربية مع الإخلاص للدولة العثمانية . وقد أعجب نجيب بشخصية عزيز المصري ليس لأنه ضابط عربي إنما لأنه شخصية قيادية كبيرة ومتفوقة على الجنرالات التركية فكراõ وثقافة وسلوكاً، وقد وصفه علي خلقي بقوله: كان نفوذه أعظم كثيراً من مستوى رتبته العسكرية، وسبب ذلك أنه كان يحاضر في وقت ما في الكلية العسكرية وفي كلية الأركان، فاستطاع أن يستميل قلوب الجيل الناشئ من ضباط الجيش وبخاصة الضباط العرب، كما امتاز في ميدان العمل بالخلق والجرأة والحكمة، وأهله خلاص نيته وثبات عزمه في وطنيته أن يرضى بزعامته من هم أسن منه.. .

تعلق نجيب بأستاذه العسكري تعلقاً كبيراً وأصبح مثله الأعلى، وحزن كثيراً عندما أخبره بأنه سيترك الكلية العسكرية حيث عيّن في هيئة أركان حرب الجيش الثالث في (مقدونية). وكان نجيب على رأس مودعيه وعانقه عناقاً حاراً وأوصاه خيراً بإخوته الضباط العرب.

كانت المفاجأة الكبيرة للضابط نجيب أن عزيز علي المصري اشترك بالثورة العسكرية الانقلابية على السلطان عبد الحميد من قبل حزب الاتحاد والترقي سنة 1908م، وفي نيسان 1909 يزحف بقواته إلى العاصمة لينهي ورفاقه نهائياً الحكم الحميدي، وفي نفس هذا العام تخرج نجيب من كلية الهجانة وأصبح ضابطاً عاملاً في جيش يقوده نخبة من الضباط توجهاتهم السياسية (طورانية) ولا يعتزون بشرف الانتماء للهوية الإسلامية، حركتهم الحركة الماسونية والحركة الصهيونية.. ولكن كيف يكون عزيز المصري العربي المسلم ضمن هذه الفئة العنصرية؟؟ القائمقام علي خلقي الشرايري يكشف أوراقه وأوراق عزيز المصري، ويكتشف نجيب أن علي خلقي أيضاً من منتسبي حزب الاتحاد والترقي، والحكاية يرويها الشرايري إلى البطاينة في دمشق على الوجه التالي: إن انضمام عزيز المصري وعلي خلقي إلى حزب الاتحاد والترقي كان لعاملين: الأول تنظيم العلاقات العربية - التركية. وفق مبادئ العدل والمساواة بالحقوق والواجبات ومن منطلق المثل العليا للقومية العربية، والروح الأخوية الإسلامية . أما العامل الثاني فهو: إخلاصهما لمصلحة الدولة العثمانية والشراكة العربية في الدولة .

ولم يقتنع نجيب البطاينة بتفسيرات ومبررات علي خلقي. يقول المجاهد شكيب أرسلان، الصديق للمجاهد نجيب البطاينة ورفيقه في الجهاد ضد الغزو الإيطالي: كان نجيب الحوراني يعيش مأساة خلع السلطان عبد الحميد، ويعتقد لو أن السلطان عبد الحميد على رأس السلطة لما انهزم الجيش العثماني أمام قوات إيطالية متواضعة، وكان الحوراني نجيب السعد يستغرب قرار حكومة (الترقي) بالانسحاب من ليبيا، ولم يبرر تورط المصري بالحركة الانقلابية إلا بعد أن اجتمع الثلاثة: عزيز المصري، وعلي خلقي، ونجيب الحوراني في الجبل الأخضر وتفهم نوايا المصري ومباركة علي خلقي للانقلاب، حيث أدرك المصري في الشهور التي تلت الانقلاب أن سياسة الاتحاديين كانت تعارض تنظيم العلاقات العربية التركية، كما كانت تسيء التصرف إلى العقيدة الإسلامية وإلى العرب بخاصة ويجمل علي خلقي سياسة الحزب الحاكم بقوله: عندما أعلن الدستور في تركيا وأصبحت جمعية الاتحاد والترقي هي الحاكم الفعلي، تطلعت القوميات المختلفة إلى عهد تسوده الحرية والمساواة، ولكن هذه الوعود لم تكن سوى سراب خادع، إذ كان زعماء الجمعية الثلاثة: طلعت باشا، وأنور باشا وجمال باشا، أنفسهم غير متفقين على سياسة مشتركة إلى درجة أنهم خسروا الضباط العرب، وبدأوا يمارسون عليهم الفوقية والعنصرية.. .

كانت حياة نجيب البطاينة العسكرية حافلة بالعطاء وكثيرة التنقل والترحال، وخدم في أكثر من فرقة عسكرية، بدأت في استانبول ثم إلى دمشق، والعقبة، ثم عيّن أميراً للحج، ثم نقل إلى اليمن للمشاركة في إخماد ثورة الإمام يحيى، ومن اليمن إلى ليبيا حتى نال الشهادة فوق ترابها العربي الإسلامي حياته العسكرية بدمشق والعقبة
بعد تخرجه من كلية الهجانة في 17 حزيران 1909م، عيّن قائداً لسرية الهجانة التابعة للفرقة 51/ التي كانت قيادتها في قلاع الدردنيل والقوقاز والتركستان. ولم يكتب له الالتحاق بقيادة الفرقة، حيث نقل إلى الفرقة 14/ المتمركزة في لبنان وسوريا والأردن، وتسلم قيادة الهجانة التابعة لهذه الفرقة، وكانت مهماتها:
- استقبال وتنظيم الحجاج القادمين من تركيا إلى دمشق، وإسكانهم في مدينة خاصة للحجاج أقيمت في منطقة (المزة).
- تأمين المياه والأعلاف للحجاج ولجمالهم ومراكبهم المتنوعة.
- حماية الطرق من اللصوص وقطاع الطرق لتأمين سلامة الحجاج.
- الإشراف المباشر على الأسواق التجارية التي تعد خصيصاً لموسم الحج، وكانت تقام في (حي الميدان) جنوب دمشق وفي (الكسوة) والأخيرة في درعا.

وهناك رواية تقول: إن نجيب الحوراني ألقى القبض على ثلاثة رجال وامرأة من بدو اللجاة، تسللوا إلى مدينة الحجاج في درعا وحاولوا سرقة متاع الحجاج، وسلمهم إلى قائد الدرك في درعا ويدعى سيف الدين الحشيش، واعترفوا بأنهم أصحاب أسبقية، وكانوا يبيعون المسروقات إلى تاجر من مدينة الشهباء من عائلة سنان في جبل العرب. ولم يفرج عن المعتقلين إلا بعد قدوم سعد العلي البطين والد نجيب، وحلوا ضيوفاً عند الشيخ سعد الدين المقداد، حيث كان برفقة الشيخ سعد البطين ثلاثة من مشايخ عرب السرحان، وجاءوا للإفراج عن المرأة، ولكن القائد نجيب تكريماً لوالده أمر بالإفراج عن الجميع.. وكان نجيب قد تعرف على المقداد في استانبول في مطلع عام 1910م، انتقل إلى العقبة وبقي فيها موسماً واحداً، وترأس حجاج بيت الله الحرام، وسمي أميراً للحج حيث أصبح قائداً لقوات الهجانة، أما معالي الدكتور عارف البطاينة فيقول عن شقيقه إن نجيب كان مقوماً للحج .

الانتقال إلى اليمن
في عام 1908م أي بعد الانقلاب العسكري على السلطان عبد الحميد، قررت قيادة الحكم الجديد القضاء على الثورة اليمنية التي أعلنها الإمام يحيى على الأتراك، يومها كان (نجيب) في سنته الأولى في مدرسة الهجانة، وكان نواب العرب في البرلمان العثماني، والضباط العرب، يستعدون لوداع الشريف الحسين بن علي، حيث تقرر سفره إلى مكة المكرمة لاستلام إمارة الحجاز بعد وفاة عمه (عبد الإله)، وكان القائمقام علي خلقي والملازم نجيب البطاينة من بين الضباط العرب الذين كانوا بوداع الشريف الحسين بن علي ويومها تعرف الملازم نجيب على النواب العرب. وكان سعيداً بالتعرف على سعد الدين المقداد (نائب حوران) وتوفيق المجالي (نائب الكرك) وشكيب أرسلان (نائب جبل الدروز) وغيرهم من النواب، وبعد وداع الشريف، انتقل علي خلقي ونجيب إلى مقر المنتدى الأدبي وأخبره علي خلقي بنقله إلى اليمن وقال له: بعد أن ودعنا الشريف حسين عليك أن تودعني لأن الأوامر العسكرية صدرت بنقل الفرقة 14/ إلى اليمن وكانت الفرقة 14 متمركزة في سورية ولبنان والأردن.

وكان علي خلقي يحمل أوراقاً باللغة التركية، أخذ يقرأها على نجيب وفيها معلومات عن تاريخ الثورة اليمنية، وفي نهاية اللقاء تم الوداع الحار بين الاثنين وتمنى نجيب أن يوفق الشرايري في عمله ويعود إلى أرض الوطن سالماً، ولم يفكر أبداً أن قراراً عسكرياً مماثلاً يقضي بنقله من العقبة والتحاقه بالفرقة 14/ التي تقاتل في اليمن، وتسلم نجيب نفس الأوراق التي قرأها عليه علي خلقي والخاصة بتطور الثورة اليمنية، ومن المعروف تاريخياً أن أول ثورة في اليمن انطلقت عام 1872، وتمكن الجيش التركي من احتلال صنعاء، ولكن المناطق الداخلية بقيت مصدراً للاضطرابات والثورات وتجددت الثورة عام 1891، بقيادة الإمام يحيى، وكانت هذه الثورة بداية سلسلة من الهزائم والنكبات العسكرية للأتراك في الجزيرة العربية، وقد احتل الثوار صنعاء وبقيت في حوزتهم لأكثر من عام واحتلوها مرة أخرى في عام 1910م، حيث كان عزيز المصري وعلي خلقي الشرايري من قادة الحملة المتواجدة في اليمن وشهدوا هزائم حملتهم على يد القوات الشعبية اليمنية، وهم في هذه الأوضاع السيئة طلبوا من رئاسة أركان الجيش العثماني المدد بقوات إضافية، فكان نصيب نجيب أن يكون من بين القوات الجديدة التي ستلتحق بالحملة المهزومة، ويلتقي الملازم نجيب بالضابطين الكبيرين عزيز علي المصري وعلي خلقي الشرايري.

بعد وصول القوات الجديدة، شكل قائد الحملة مجلساً عسكرياً بقيادته وعضوية عزيز المصري وعلي خلقي ونجيب السعد البطاينة، وضابط أخر من عائلة (قروشلي) وأعتقد أنه من جذور كردية.

والحديث حول مناقشات هذا المجلس يطول كثيراً، ولكن المهم في قرارات هذا المجلس البحث عن طريقة لعقد الصلح مع الإمام يحيى، لوقف نزيف الدم بين الطرفين، فاجتهد الملازم نجيب أن يتم الاتصال مباشرة مع قيادة الثورة عن طريق أحد شيوخ القبائل، وعرض مبادئ الصلح على الإمام يحيى، فوافق الجميع على الاقتراح، وكانت بنود المصالحة تشمل البنود التالية:
1- وقف إطلاق النار بين الجانبين.
2- انسحاب الثوار من صنعاء إلى مشارفها.
3- منح ولاية اليمن حكماً ذاتياً بقيادة الإمام يحيى، ويتمتع بسلطات جوهرية، ويكون نائباً عن السلطان.
4- منح الإمام يحيى منحة مالية كبيرة تساعده على ممارسة سلطاته.
5- انسحاب قوات الحملة العسكرية الأولى والثانية، والاحتفاظ بالقوات التي كانت قبل الثورة.

وقد وافق الإمام يحيى على هذه المبادئ وباركها السلطان ووزير الحربية، وتم التوقيع عليها من قبل الجنرال التركي قائد الحملة، والإمام يحيى وانتهت أعمال الثورة اليمنية ورقي نجيب إلى رتبة رئيس بعد عودته إلى دمشق.

الغريب في الامر أن علي خلقي الشرايري يقول في مذكراته (المخطوط) أن الحرب في اليمن كانت مع الجيوش البريطانية على الرغم من اعترافه بالمباحثات التي آل إليها الصلح مع الإمام يحيى، فيقول: ... وتحركت بفرقتي من لبنان وسورية إلى اليمن لمحاربة الإنجليز.. ولا أفاخر إذا قلت أن هذه الفرقة أبلت بلاء حسناً بالقضاء على الإنجليز في تلك المعركة، وبقيت في اليمن حتى عام 1910 .

ردود الفعل على الصلح
تأزم الوضع بين العرب والأتراك بعد ثورة اليمن التي ألقت أسباباً جديدة للتنافر والتهجم الإعلامي. وقد تخللت هذه الثورة مضاعفات وملابسات كثيرة، زادتها تعقيداً الاضطرابات الأمنية التي حدثت في ولايات ومقاطعات عربية أخرى ولاسيما في العراق ونجد وحوران والأردن حيث انطلقت ثورة الكرك متزامنة تماماً مع ثورة اليمن، مما جعل القادة الاتحاديين يزدادون تحاملاً على النوايا العربية، وإذا بالحرب الصحفية تأخذ ألواناً من الشدة والتعصب بعد اتفاق صنعاء مع الإمام يحيى، أدت هذه الحملة على الضباط العرب إلى التحقير بكرامة العرب، وذلك بالتدخل المباشر من قبل وزير الداخلية المدعو (طلعت باشا) حيث قدم استقالته في 11 شباط 1911م لتشبثه بتطبيق سياسته العنصرية ولمعارضته لكل حل للثورة اليمنية. يقول المؤرخ العربي توفيق برو في كتابه (العرب والترك) صفحة 235/: لم يتدخل وزير الداخلية طلعت باشا للحد من تطور الأمور بين العرب والترك بل شجع الصحافة على تحقير التاريخ العربي، وكان الوحيد الذي عارض الحلول السلمية لأحداث اليمن، التي تعطي لهذا القطر العربي حقوقه من اللامركزية التقليدية، وبخاصة أن تلك الحلول قد تحققت على يديّ الضباط العرب القادة بالاتفاق مع الإمام يحيى وفي مقدمتهم عزيز علي المصري، وعلي حسين الشرايري، ونجيب سعد الدين الحوراني، وخليل إبراهيم البزم، ونايف عبد الرحمن الترك وغيرهم .
ونشير هنا إلى أن اسم القائمقام علي خلقي الشرايري في السجلات التركية هو علي خلقي بن حسين بن سلامة بن محمد بن بشر الشرايري واسمه في السجلات الفرنسية رقم 9/6662 والمؤرخة في29 آذار عام 1920م، هو (علي خلقي بن حسين) ضابط مشاه في الجيش السوري برتبة قائمقام وقائداً للواء السادس . أما نجيب سعد العلي البطاينة فاسمه في السجلات التركية (نجيب بن سعد العلي الحوراني كما ورد اسمه في كتاب (ساطع الحصري) (نشوء الفكرة القومية) صفحة 202 تحت اسم (نجيب العجلوني) نقلاً عن مذكرات (عزت الجندي). وذكر المؤرخ السوري توفيق برو في كتابه (الإسلام والقومية) صفحة 164/ أن قنصل بريطانيا في دمشق بعث إلى وزارة الخارجية البريطانية تقريراً بتاريخ 12 تموز 1910م، ذكر فيه نجاح الضباط العرب في إرضاء الإمام يحيى المتمرد على السلطان العثماني، ولكنهم - الضباط - تعرضوا لانتقادات من قبل بعض الرموز الماسونية في الحزب الاتحادي، يقودهم طلعت باشا وزير الداخلية . وأضاف توفيق برو: أن الضباط العرب الذين تعرضوا إلى تهمة التعاطف مع الإمام يحيى أعادوا لليمن ما كانت تتمتع بهذا الحق منذ القدم، وتجدد على يد القائمقام عزيز المصري وإخوانه الضباط العرب، وخلف طلعت باشا في وزارة الداخلية (خليل بك) رئيس جمعية الاتحاد والترقي في مجلس المبعوثان .

وقد أظهرت الصحافة العربية في مصر وكذلك في باريس سرورها بالمصالحة مع الشعب العربي اليمني ولوحت بفكرة الاستقلال الذاتي، كنتيجة حتمية للمبادئ اللامركزية، وركزت على الجو السياسي المتوتر في بلاد الشام من جراء المضايقات الإدارة وارتفاع الأسعار.

أما الجنرال شكري باشا قائد الجيوش العثمانية فقد رحب بالضباط العرب وشكرهم على إنهاء القتال في اليمن ليتفرغوا إلى معارك جديدة في ليبيا لرد الغزو الإيطالي، ونشير إلى أن شكري باشا يكون والد زوجة علي خلقي الشرايري.

العمل السياسي في إطار الجمعيات السرية
أدرك الضباط العرب في الشهور التي تلت الانقلاب العسكري على السلطان عبد الحميد، أن سياسة الاتحاديين أصبحت محكومة بالحركتين الماسونية والصهيونية المعاديتين للعرب والمسلمين، وألغت الحكومة الاتحادية في شباط 1910م جمعية الإخاء العربي العثماني واتهم أنور باشا وزير الحربية الضباط العرب بإثارة النعرة العربية، وتبني فكرة الاستقلال عن الدولة العثمانية .

وكانت البداية في التردد على زيارة مقر (المنتدى الأدبي) ثم تأسست جمعية سرية أطلق عليها اسم (الجمعية القحطانية) وكان من بين أعضائها الأوائل: عبد الكريم الخليل، والدكتور عزت الجندي، والأمير عادل أرسلان، ومحمد كرد علي، ومن أوائل الضباط، يقول علي خلقي: فانتسبنا إلى الجمعية القحطانية، وكنت أنا وعزيز المصري ونجيب سعد البطين (البطاينة) من أوائل الضباط العرب، وقد أثارت آراؤنا شكوك المتطرفين من زملائنا في جمعية الاتحاد والترقي، وازدادت بانضمامنا إلى الجمعية القحطانية . ولما كانت هذه الجمعية سهلة الاختراق، قررت مجموعة من الضباط العرب تأسيس جمعية سرية لا ينتسب إليها إلا الضباط العرب، فتأسست جمعية (العهد) بزعامة عزيز علي المصري، وكان نجيب البطاينة من المؤسسين، وقد بلغ عدد أعضائها من الضباط العرب حسب رواية جمال باشا 395 ضابطاً من جملة 490 ضابطاً عربياً، وذكر طه الهاشمي في مذكراته بأن عزيز المصري أملى عليه بنود جمعية العهد وأن نوري السعيد سودها واستخرج منها نسخاً عديدة وكان منهاج الجمعية:
1- جمعية العهد جمعية سرية تعمل لاستقلال البلاد العربية الداخلي، متحدة مع حكومة الآستانة اتحاد المجر مع النمسا.
2- بقاء الخلافة الإسلامية بأيدي العثمانيين.
3- حماية الآستانة من مطامع الدول الأوروبية.
4- إنماء المزايا الأخلاقية لحفظ كيان الأمة السياسي.
5- على العرب أن يكونوا القوى العظمى التي تدعم الأتراك في حمايتهم للشرق أمام الغزو الغربي.
وذكرت مجلة الأسرار في بيروت عام 1913 صفحة 9 بعض أسرار هذه الجمعية وذكر مصطفى الشهابي في كتابه القومية العربية صفحة 79 بعض أسماء الضباط العرب وكان اسم نجيب البطاينة من بينهم وباسم الملازم نجيب العجلوني، وعدّه من ضباط سورية إلى جانب الضابط علي النشاشيبي، ولم يكمل مشواره السياسي حيث نقل للجهاد العسكري والشهادة على أرض ليبيا العربية نص حياته العسكرية في ليبيا
من معارك اليمن إلى معارك ليبيا، هذا هو قدر الضباط العرب أن يقاتلوا نيابة عن الضباط الأتراك، ولكن الحرب في ليبيا تختلف عن الحرب في اليمن، فالمعركة هذه المرة ضد الغزو الإيطالي على قطر عربي شقيق، فأحرز الضباط أمجاداً رائعة بقيادتهم المقاومة العربية ضد الغزو الإيطالي، ودائماً في طليعة الجهاد الأبطال الثلاثة: عزيز المصري، وعلي خلقي، ونجيب الحوراني، أما غيرهم من الضباط الأتراك فكانت عيونهم على استانبول حيث توزيع المناصب على الانقلابيين، فأخذتهم السياسة وأبعدتهم عن الواجب العسكري، فاحتلت الأراضي، وأنيطت المهمة للضباط والجنود العرب .

كان (نجيب) يعتز بشرف القتال على الأرض الليبية، ليس كضابط في الجيش التركي بل كضابط عربي يدافع عن الأرض العربية وكرامة الإنسان العربي، وعزز في نفوس وذاكرة الجنود العرب هذا الهدف القومي، حيث بدأ الضباط الأتراك يدركون معاني استبسال العرب في القتال ضد الجيوش الإيطالية، مما وسع شقة الخلاف بينهم وبين القادة والضباط الأتراك وفي مقدمتهم الجنرال أنور باشا الذي تسلم فيما بعد وزارة الحربية، عن هذا الخلاف يقول علي خلقي في مذكراته (المخطوط) ما يلي: ..مما وسع شقة الخلاف بيننا وبين زملائنا الضباط في جمعية الاتحاد والترقي فأصبحت معاملتنا لهم خالية من الاحترام، مثال ذلك: انتقادنا الشديد لأنور باشا، وتجريحنا له، وعدم اعترافنا برئاسته لنا عندما كان معنا في ليبيا، ولم نكف عن انتقادنا الشديد له علناً أمام الضباط الأتراك والعرب حتى بعد أن أصبح وزيراً للحربية، كل هذه المواقف، جعلت بعض أعضاء جمعية الاتحاد والترقي يتهموننا بإثارة النعرة العربية، وكان نجيب بك أول من اكتشف نوايا القيادة العسكرية بتسليم ليبيا إلى الطليان.. .

كان ذلك الجزء من الأراضي الليبية الذي يشمل ولايتي طرابلس وبني غازي قد سقط في قبضة القوات الإيطالية الغازية في سنة 1911م، واضطرت تركيا إلى أن تعترف رسمياً بالتنازل عن سيادتها عليهما، في معاهدة (أوشي) وبقيت هضبة (برقة) القليلة السكان حرة لم تحتلها الجيوش الإيطالية. وكان لهذه المنطقة في ذاتها قيمة سياسية ودينية، إذ أنها موطن الزعيم الليبي النشيط والمجاهد أحمد الشريف، وكان نفوذه في إفريقيا الشمالية يتجاوز كثيراً حدود منطقته الخاصة.

نجيب والحركة السنوسية
نشأت الطريقة السنوسية في (برقة) في منتصف القرن التاسع عشر على يديّ رجل جزائري تقي كان قد قضى أكثر عمره في مكة المكرمة، ووقف نفسه على الدعوة إلى إصلاح العقيدة الإسلامية، وكانت تعاليم هذه الطريقة تدعو إلى الرجوع إلى أساليب صدر الإسلام وعاداته، كما أن (الزوايا) التي بثها في أنحاء البلاد مكنته من أن يكون له نفوذ سياسي، وأن يجند المتطوعين لأغراض عسكرية، ومن مميزات هذه الحركة أنها شجعت الناس على الاستقرار وزراعة الأرض. واستطاعت هذه الجماعة - خلال نصف قرن - أن تحقق لنفسها القوة والتماسك: وأن تضم إليها جماعات كبيرة من الأنصار في مناطق واسعة من إفريقيا الوسطى. وكان رئيس الجماعة في هذا العهد الذي يقوده حزب الاتحاد والترقي السيد أحمد الشريف من سلالة مؤسسها، ولم يكن على وفاق مع الاتحاديين، ولكنه تعاون مع الضباط العرب في الجيش التركي وفي مقدمتهم (نجيب) الذي أصبح صهراً لهم بعد زواجه من السنوسية السيدة الفاضلة (فايزة السنوسي)، فقاد نجيب إلى جانب أحمد الشريف، المقاومة الشعبية الليبية وأشرف على تنظيم وتدريب المجاهدين بالتعاون مع شقيقي زوجته (مهدي) و(سنوسي).

وقد فهم (نجيب) السنوسية من خلال منهجية (الزوايا) القائمة على أشكال الممارسة السياسية/ الدينية، وأن الوظيفة الأساسية (للزاوية) هي الجهاد، ولا يمكن اعتبار الوظيفة الجهادية إلا بالارتكاز على الرجال الصلحاء، والاعتماد على شخصيات وقبائل قوية في لحظة تكون خلالها السلطة المركزية ضعيفة .

ويقول المجاهد أحمد الشريف: إن الدور السياسي للزاوية، هو نتيجة لنفوذها الاجتماعي والديني، ولكي يتمكن زعيم ديني من فرض سلطته على الصعيد السياسي، لابد أن يكون الظرف ملائماً، إنه لا يتمكن من تقوية نفوذه إلا إذا كان الحكم ضعيفاً، لأن السلطة المركزية حين تكون قوية، لا تسمح بإقامة قوة من الممكن أن تصبح في أية لحظة قوة منافسة .

لقد ضعفت الدولة، وهزم جيشها أمام الطليان، وتخلت عن المقاومة فدخل أحمد الشريف دائرة الضوء الجهادي بدعم من الضباط العرب وفي مقدمتهم نجيب البطاينة الذي فكّ ارتباطه بالجيش التركي، وخلع بزته ورتبه العسكرية، وتمنطق بالسلاح واللباس الليبي الذي كان يرتديه ثوار المقاومة الشعبية.

من العسكرية التركية إلى المقاومة الليبية
حين تولى السلطان عبد الحميد مقالد حكم الإمبراطورية العثمانية، كانت السلطة العثمانية في إفريقيا تشمل تونس، وليبيا، ومصر، والسودان فقط، بعد أن استولت فرنسا على الجزائر سنة 1830م، وفي عام 1881م، احتلت تونس. وفي عام 1882م، احتلت إنجلترا مصر والسودان، وقد اعترفت إنجلترا بسيادة السلطان الإسمية على مصر والسودان، ولكن فرنسا لم تعترف بها على تونس والجزائر، وفي كلتا الحالتين لم يمارس (عبد الحميد) أية سلطة في حكم هذه البلاد وإدارتها، ومعنى هذا أن الشواطئ الإفريقية الشمالية جميعها ضاعت من الأتراك، ما عدا ليبيا التي سقطت أجزاء كبيرة منها في حوزة إيطاليا سنة 1912م، ولكنها قبل ذلك كانت البقعة الوحيدة في إفريقيا التي بقيت خاضعة للسلطان، وكانت مقسومة إدارياً إلى ولايتين: ولاية طرابلس، وولاية بنغازي.

قاتل نجيب في ظل الجيش التركي في معارك طرابلس كضابط محترف، وكان من أشجع الضباط في الجيش التركي بشهادة المجاهد شكيب أرسلان بقوله: واستمات العرب في قتال العدو فلما رأى هؤلاء وفرة من وقع من القتلى والجرحى، ارتدوا على أعقابهم، وخلصنا نحن إلى جهة فيها جموع المجاهدين، وفي هذه الواقعة جرح الضابط نجيب الحوراني الذي كان من أشجع أبطال الحرب الطرابلسية .

انتهت الحرب النظامية بين الطليان والجيوش التركية بهزيمة الجيش التركي والتسليم للطليان بالهزيمة، وعادت الجيوش التركية إلى مواقعها في استانبول وبلاد الشام، وعاد عزيز المصري وعلي خلقي الشرايري، ولكن نجيب كان صريحاً وشجاعاً عندما خاطب الجنرال التركي المهزوم: لقد أديت واجبي كضابط في الجيش السلطاني، ولم أسلم من الجراح، ولكن لم تكتب لي الشهادة... يعز عليّ يا سيدي الأفندي أن أترك إخوتي وأبناء جلدتي للجلادين الطليان، ومن العيب علينا نحن العرب خلط الدم بالماء البارد، لقد اخترت البقاء في ليبيا مقاتلاً ومدرباً، ولا تحسبني عاصياً أو متمرداً بل ممثلاً لسيدي السلطان .

لم يأخذ (نجيب) بنصيحة قائده التركي، ولا بمشورة صديقه القائد عزيز علي المصري، بل أخذ بتشجيع ابن بلده القائمقام علي خلقي الشرايري الذي قال له: سر على بركة الله يا أخي نجيب - لو كانت ظروفي العسكرية والعائلية مثل ظروفك ما تركتك في الجبل الأخضر، نحن أمامنا مهمات أكثر صعوبة من مهماتك، فالضباط العرب ينكل بهم وينقلون من جبهة إلى جبهة، ولهذا يتطلب منا، أنا وأخيك عزيز (علي المصري) أن نعيد نشاط جمعية العهد. لأن تعيين أنور باشا وزيراً للحربية سيؤثر على أحرار البلاد من عسكريين ومدنيين، فهو أكثرهم حقداً على العرب، بلغ تحياتنا للمجاهد الكبير أحمد الشريف، وكن ساعده القوي ومستشاره الأمين، ولن تشعر بالغربة طالما بجانبك المجاهد شكيب أرسلان، آمل أن نلتقي بإذن الله في الشام .

الوداع الأخير
افترق الفرسان الثلاثة... فأخذ نجيب مكانه القيادي في المقاومة العربية الليبية تحت قيادة المجاهد العربي الليبي أحمد الشريف، وكان ينتقل من جبهة إلى جبهة، حيث تقضي ظروف المقاومة، ومن طرابلس إلى محروقة، ومن محروقة إلى فزان، ثم إلى الشلظيمية، والكردايسي وأخيراً إلى زاوية مسوس، حيث المعارك الأشد والانتصارات الأكثر، والهزائم اليومية للقادة الطليان (مياني) و(بولاتي) و(جيبي) و(جروشو) وغيرهم.

وينتشر اسم (نجيب الحوراني) في كل المدن والقرى والزوايا الليبية، وأصبح عنواناً للأهازيج الشعبية في مناطق (الشّب) و(أشكده) و(براك)، فزاد الحقد الإيطالي عليه، وقررت القيادة العسكرية الإيطالية تصفيته جسدياً بمؤامرة دنيئة، بعيدة عن السلوك العسكري وبالالتزام بالتقاليد الحربية، كما سنرى في الحلقة القادمة.

بعد عودته من ليبيا وتعيينه وزيراً للحربية مارس أنور باشا حقده وحسده على الضباط العرب، فأمر باعتقال عزيز علي المصري، وعلي خلقي الشرايري، لكن علي خلقي تخلص من الاعتقال بواسطة والد زوجته الجنرال شكري باشا، ونقل إلى الحجاز حاكماً عسكرياً، بعد فشل حملة قناة السويس التي شارك بها إلى جانب جمال باشا.

أما عزيز علي المصري فقد اعتقل بتهمة الخيانة، ونترك الحديث هنا للمؤرخ العربي جورج انطونيوس، الذي ذكر في كتابه (يقظة العرب) صفحة 195- 197 أنه في التاسع من شهر شباط/ فبراير سنة 1914م، بينما كان الرئيس عزيز علي المصري، من هيئة أركان حرب الجيش، خارجاً من فندق (طوقات ليان) بعد الغداء، بادره ثلاثة من رجال الشرطة السريين ودعوه إلى مركز الشرطة السري في القسطنطينية. وهناك ألقي القبض عليه من غير أن توجه إليه أية تهمة، فذاعت الشائعات بأنه سيحاكم بتهمة الخيانة، وقد أثار نبأ اعتقاله الدهشة بين العرب هناك، ثم تحولت الدهشة إلى سخط تمثل في مظاهرات الجماهير في الشوارع . ويؤكد جورج أنطونيوس استناداً إلى معلومات أمنية أن أسباب اعتقال المصري تعود إلى سعيه لإقامة مملكة عربية في شمال إفريقيا . أما جريدة (التايمز) فقد ذكرت في عددها الصادر يوم 9 نيسان 1914م أن الضباط العرب الذين كانوا في ليبيا لصد الهجوم الإيطالي، عادوا إلى الآستانة ليشكلوا جمعية سرية تطالب بالاستقلال العربي عن الدولة العثمانية، وتركوا في طرابلس مجموعة من الضباط للدعاية لجمعيتهم... .

وبدأت محاكمة عزيز المصري سراً في الخامس والعشرين من شهر آذار، أمام مجلس تأديبي عسكري، يقول أنطونيوس: إن صحيفة الاتهام تضمنت اتهام عزيز المصري باقتراف جرائم لا يمكن تصديقها أبداً وهي أنه اختلس أموال الجيش، وأنه سلّم (برقة) للإيطاليين مقابل رشوة مالية، ويسعى إلى إقامة دولة عربية مستقلة في الشمال الإفريقي .

وأصدرت المقاومة العربية الليبية بياناً تضامنياً مع المعتقل عزيز المصري، ووصفته بالقائد البطل، أما الجنرالات الترك من أمثال أنور باشا بدلاً من محاكمته بتهمة التقصير، يõعيّن وزيراً للحربية، وأكد المجاهد شكيب أرسلان في مقابلته مع الكاتب والمؤرخ الأمريكي (لوثروب ستودار) أن نجيب الحوراني (البطاينة) أصدر بياناً يفند فيه الادعاءات الكاذبة التي لفقتها المحكمة العسكرية بحق القائد عزيز المصري ورفاقه الضباط العرب، وتحدث شكيب أرسلان عن بطولات نجيب في سير المعارك ضد الغزو الإيطالي، وقد وردت شهادة شكيب في الكتاب الذي أصدره الأمريكي (لوثروب ستودار) تحت عنوان حاضر العالم الإسلامي ، كما أن قيادة المقاومة الليبية أكدت على أن تركيا هي التي باعت ليبيا للطليان، وما الصلح الذي وقعته الحكومة التركية مع الإيطاليين يوم 18 تشرين الأول 1912م، إلا الدليل القاطع على هزيمة الأتراك، وترك الشعب الليبي وبعض الضباط العرب يواجهون الاحتلال الإيطالي، حيث بدأ المجاهدون بترتيب أوضاعهم وسط ظروف صعبة .

لم يتمكن نجيب من اللقاء مع صديقيه، وكان لقاء طرابلس، الوداع الأخير بينهم، نجيب ينال الشهادة ويسقي بدمه شجرة الحرية في (مسوس)، ويعود المصري إلى القاهرة، ثم يلتحق بالشريف حسين بن علي، ويعيّن الشرايري حاكماً عسكرياً في مكة، ثم يلتحق بثورة الشريف حسين، وتبقى بطولات نجيب في ذاكرة التاريخ. محاولة اغتيال البطاينة
بعد معارك برقة وطرابلس، التي كانت قتالاً بطولياً اتخذ طابعاً حكومياً حيث كانت الحركة الوطنية الليبية ترتبط بالدولة العثمانية، وتنازل تركيا بموجب معاهدة الصلح الموقعة يوم 18 تشرين الأول 1912م، أصبحت الحركة الوطنية الليبية صاحبة القرار العسكري والسياسي في كل الولايات الليبية، ويشير المجاهد شكيب أرسلان بأن السيد أحمد الشريف السنوسي تسلم قيادة الحركة الوطنية الليبية، وتسلم قيادة العمل الجهادي المجاهد نجيب الحوراني، والشريف أحمد هو شقيق محمد بن علي السنوسي، العلامة والمجتهد الذي استقر في طرابلس وبدأ نشر دعوته وأخذ يؤسس الزوايا، وقد خلف محمد ابنه المهدي الذي انتقل من (الجغبوب) إلى (الكفرة) وخلف المهدي أحمد الشريف .

اكتشف الجنرال الإيطالي (مياني) أن نجيب البطاينة كان وراء تسليم أسلحة الجيش التركي إلى المجاهدين، وهو الذي اتفق مع (أنور باشا) على ذلك، ومن هنا بدأ التخطيط لاغتيال نجيب، وكان لهذه الأسلحة الدور الحاسم في معارك (محروقة)، حيث تمكن نجيب من تحقيق الانتصار على قوات (ميامي) وقتل أكثر من خمسين جندياً وضابطاً. يقول شكيب أرسلان: بدأ المجاهد نجيب الحوراني بترتيب الأوضاع العسكرية للمقاومة وسط ظروف صعبة، حيث أصبح السيد أحمد الشريف يعتمد عليه في كل صغيرة وكبيرة، فهو الضابط الذي أثار حقد الجنرالات الإيطاليين عليه، فاستقطبوا الجواسيس للنيل من حياته أكثر من مرة، حيث اكتشف القائد الإيطالي (مياني) أن نجيب أقنع أنور باشا على أن يبقى السلاح مع المجاهدين في شرق ليبيا، وفي منطقة برقة على عكس ما حصل في غرب ليبيا.. .

وعلى الرغم من جرح نجيب مرتين في معركتين متتاليتين إلا أن القيادة العسكرية الإيطالية قررت تصفيته بالسم عن طريق جاسوسة ليبية جندتها المخابرات العسكرية الإيطاليين، خصيصاً لاغتيال نجيب البطاينة. وتمكنت هذه الجاسوسة من التعرف على مجاهدين يقاتلون في فرقة نجيب البطاينة، واستعدت أن تكون بخدمتهم في المنزل الذي يستريحون فيه، ويستخدمونه مستودعاً لأسلحتهم، تقول الرواية التي أوردها شكيب أرسلان للكاتب الأمريكي (لوثروب ستودار) في كتابه حاضر العالم الإسلامي والذي ترجم للغة العربية، وعنه نقل الأديب الراحل يعقوب العودات (البدوي الملثم)، واختصرها الدكتور سعد أبو دية في كتابه (أوراق منسية من تاريخ الأردن) صفحة 105 بقوله: تحدثت عن قصة الاستشهاد مصادر مكتوبة ومنها ما كتبه شكيب أرسلان في كتابه حاضر العالم الإسلامي للأستاذ (لوثروب ستودار) الأمريكي وفيه تعليقات للأستاذ شكيب، ولقد كتب عنه أيضاً الأستاذ الراحل يعقوب العودات وتحدث عن محاولة اغتياله من قبل عملاء إيطاليا إذ أعطوا للخادمة علبة صغيرة فيها (سم) لترشه على الطعام، ولما عاد نجيب إلى منزله مع رفاقه وبدأوا تنظيف السلاح تناول (قط) بعضاً من الطعام المسموم فأوشك على الموت فعرف نجيب أن في الأمر ما يبعث على الريبة ونالت الخادمة جزاءها إذ قتلها أحدهم...

زواج نجيب
فشلت المؤامرة الإيطالية باغتيال (نجيب) وكان ردّ الفعل الإيطالي على هذا الفشل كبيراً، فاتهم الجنرال الإيطالي (مياني) الخادمة الجاسوسة بالتعاون مع المقاومة الليبية، وهي التي أخبرت نجيب بقصة (السم)، ولكي يصدقها نجيب ورفاقه وضعت السم للقط كدليل على رغبتها بالتعاون مع المقاومة، وأن الطليان هم الذين أعطوها السم لرشه على الطعام الذي سيتناوله نجيب، ولم يصدق (مياني) أن نجيب أمر أحد رفاقه بقتل الخادمة الجاسوسة، وإنما كلفت بمهمات لصالح المجاهدين أو أنها ما زالت في خدمة منزلهم، ولكن المجاهد أحمد الشريف كان ردّ فعله يختلف عن رد فعل الطليان، فقرر أن يزوج نجيب واحدة من قريباته السنوسيات، تأميناً على حياته بالإضافة إلى أن يكون نسيباً (صهراً) لهذه العائلة الشريفة المجاهدة، فحصل التعارف على شقيقي الزوجة المرشحة، وهما (المهدي) و(السنوسي) وتمت مراسم الزواج، من نجيب وزوجته الفاضلة (فايزة عبد الله السنوسي)، وحصل نجيب على إجازة هي بمثابة استراحة المحارب، كان ذلك في أوائل عام 1914م، حيث اصطحب زوجته وشقيقيها المهدي والسنوسي، وعادوا الأربعة إلى الأردن، حيث تعرف الوالد الشيخ سعد العلي والعائلة في (البارحة) على زوجة نجيب وأخويها، لكن الإقامة في (البارحة) لم تدم طويلاً. فعقد الجهاد المقدس عند نجيب ورفاقه أقوى وأقدس من عقد الزواج، فغادروا الأردن وعادوا إلى معارك الجهاد، وترك زوجته في البارحة، وما زال عطرها يفوح من ذوائبها، وترك والده الشيخ سعد العلي حزيناً على فراقه، وكان وداعاً حزيناً ومؤثراً، حيث لا يعرف الوالد والوالدة والأخوة متى وكيف يعود إلى زوجته العروس، وإلى أهل بيته وقريته، وفي نفس اليوم كان الوداع للابن الآخر الذي كان يدرس في مكتب عنبر بدمشق الطالب زايد السعد الذي كان هو الآخر يناضل مع الحركة الطلابية الأردنية ضد سياسة حزب الاتحاد والترقي القائمة على مبادئ التتريك والعنصرية، ولكن (زايد) استشهد في الكورة خلال ثورة الشيخ كليب الشريدة سنة 1921م. يقول سعادة السفير فالح الطويل: فقد دفع الشيخ سعد العلي للميدان ابنه (نجيب) الذي استشهد في ليبيا سنة 1914م، ودفع في الثانية ابنه (زايد) في حملة الكورة في آذار 1920، وقتل هناك . ونشير هنا إلى أن مخبراً نعى إلى الشيخ سعد العلي ابنه (زايد) حوالي الساعة الحادية عشرة ظهراً، فسجنه في خان بعيد لأنه كان مشغولاً بإقراء ضيوفه ولم يرد أن يتوقف عن المهمة التي يعتبرها مقدسة، ثم أطلق سراح المخبر بعد الغداء ليعلن الخبر !!

وقال يومها: الحمد لله الذي أكرمني باستشهاد نجيب فهو من كتبت له الشهادة مرتين، مرة لأنه قاتل الغزاة على أرض إسلامية عربية هي ليبيا، والثانية لأنه مات غريباً عن أهله، ولكن زايد قتل على يد بني قومه، وأنا وأولادي وعشيرتي نسامح الذي قتله، وأتمنى له الجنة مثل أخيه نجيب.. .

نجيب والمقاومة الليبية
تميزت المقاومة العربية الليبية عن التنظيمات الشعبية الثورية الأخرى بأنها ترافقت مع الحرب النظامية العسكرية، فاشترك ثوار المقاومة في معارك طرابلس جنباً إلى جنب مع القوات العسكرية التركية وبأسلحة خفيفة معظمها ينطبق عليها السلاح الأبيض، وكان فعلها القيادي لا يقل عن فعل وتنظيم القوى العسكرية، يقول في ذلك المجاهد شكيب أرسلان: كانت المقاومة الشعبية الليبية منذ انطلاقتها منظمة وملتزمة بشرف الدفاع عن الوطن والكرامة العربية الإسلامية، وكانت موضع احترام وتقدير الضباط والجنود العرب، ويبدو أن السيد أحمد الشريف أعلن التعبئة الشعبية وإعلان الجهاد قبل وصول قوات التعزيز العسكرية التركية التي تأخر وصولها من بلاد الشام، ويعود السبب إلى انشغال قوات الجيوش العثمانية بالحروب الداخلية وقمع الثورات التي اندلعت في صنعاء وعس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عبد الحميد شرف / اردنيون في ذاكرة الزمن
» عاكف الفايزأ اردنيون في ذاكرة الزمن
» فراس العجلوني ... اردنيون في ذاكرة الزمن
» اردنيون في ذاكرة الزمن / الاستاذ الدكتور محمد الحموري
» من كتاب اردنيون في ذاكرة الزمن/ الدكتور سليم الزعبي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات مدرسة طبريا الثانوية للبنات الاردن :: اردنيات :: الاردن تاريخ وحضارة-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» بردة
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالأربعاء يناير 08, 2014 5:48 pm من طرف طبريا

» خطة قيم الحاسوب
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالثلاثاء سبتمبر 10, 2013 12:42 am من طرف amrmus286

» اردنيون في ذاكرة الزمن الشيخ المرحوم محمد محيلان قاضي القضاة
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 4:46 pm من طرف سمر

» اردنيون في ذاكرة الزمن الشيخ المرحوم محمد محيلان قاضي القضاة
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 4:45 pm من طرف سمر

» اردنيون في ذاكرة الزمن: الفارسة الدكتورة خولة جرادات انموذجا يحتذى"
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 4:43 pm من طرف سمر

» محطات للتأمل في تاريخ الشهيد وصفي التل" رجل بحجم وطن"/ رابعة الشناق
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 4:42 pm من طرف سمر

» لسيدة نادية الروابدة .. محطة مضيئة في مسيرة مؤسسة الضمان الاجتماعي ،" المرأة المناسبة في المكان المناسب"/ رابعة الشناق
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالأحد مايو 19, 2013 2:19 pm من طرف سمر

» ست الحبايب ياحبيبه يااغلى من روحي ودمي
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالسبت أبريل 20, 2013 5:05 pm من طرف طبريا

» كتاب مسيرة عطاء سيرة ملك2
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   Emptyالخميس يناير 17, 2013 1:55 pm من طرف طبريا

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
وطن - 1426
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
مجد - 1358
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
طبريا - 1327
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
سمر - 1285
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
منى خالد بني ياسين - 1214
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
ولاء وانتماء - 667
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
ايمان طه - 461
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
ايمان خالد - 426
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
ghida2 qarqaz - 216
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
admin - 165
اردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_rcapاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_voting_barاردنيون في ذاكرة الزمن / االشهيد نجيب سعد العلي البطاينة   I_vote_lcap 
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات مدرسة طبريا الثانوية للبنات الاردن على موقع حفض الصفحات
المواضيع الأكثر نشاطاً
مليون رد
مليون دعاء متجدد شاركونا
كلمات رائعة -------- لا تبخلوا فيها
حكمة اليوم
هل تعبت من الحياة والناس ؟ هل تريد السعادة؟ هل أنت منصدم في حياتك؟ تعال
حملة المليون صلاة على النبي واله ارجو التثبيت
توسع في المعرفة ----- ضع بصمتك
ماذا تقول لأمك بمناسبة عيد الام
:: الـــــتــــقــوى زادنا ::
تعليقات وصور

جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات مدرسة طبريا الثانوية للبنات الاردن
 Powered by Adnan Albsoul®https://tabarea.jordanforum.net
حقوق الطبع والنشر©2012 - 2011