بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دور مدير المدرسة في رفع كفاءة المعلمين
إن طبيعة عمل مدير المدرسة تفرض عليه أن يقوم بدور القيادة في مدرسته ومن الطبيعي أن يُتوقع منه القيام بهذا الدور القيادي ، فالرؤساء في المراكز الإدارية العليا والمعلمون والتلاميذ والآباء بل والمجتمع كلهم ينظرون إلى مدير المدرسة على أنه قائد تربوي وأن عليه القيام بدوره القيادي .
ومن هنا لابد أن يبرز دور مدير المدرسة في رفع كفاءة منسوبي مدرسته من معلمين أولاً والذي بدوره ينعكس أثره على التلاميذ ثانياً ويتمثل هذا في تفهمه تفهماً صحيحاً نابعاً من وعيه لجوانب عمله وأساليبه وتطويره وتنفيذه وقدرته على التعامل التربوي السليم مع الجميع دون استثناء .
ومن هنا يتضح جلياً أن مدير المدرسة لكي يبرز دوره في تدريب المعلمين أثناء الخدمة لابد أن تتوفر فيه عدة صفات من أبرزها وأهمها
أن يكون ديناميكياً حيوياً يقوم بأدوار العمل المختلفة وفقاً لمقتضيات الموقف والمصلحة العامة .
ملماً بسبل ربط الوسائل بالغايات .
قادراً على تطوير العمل وتجديده بما يتلاءم مع طبيعة العمل وظروف المدرسة حسب الإمكانيات المتاحة
أن يتصف بشخصية ذات تأثير إيجابي على القيادة الواعية لمؤسسته التربوية ، كإدارة التعليم أو الوزارة .
ودور مدير المدرسة في تدريب المعلمين لديه لا يقتصر على أسلوب واحد بل على عدة أساليب إشرافية متعددة ، ويتطلب الأمر منه تنويع هذه الأساليب والطرق حتى يتمكن من تحقيق الغاية المرجوة والمتمثلة في رفع كفاءة المعلمين لديه سواء كانت كفاءة علمية أو مهارية أو تربوية ينعكس أثرها على مستوى التلاميذ بكافة جوانبه ، ومن هذه الأساليب الإشرافية ما يلي :
الزيارة الصفية :
وهي أن يقوم مدير المدرسة بزيارة المعلم في الصف ليطلع على المشكلات التعليمية التي يواجهها المعلم مع طلابه ، وعليه أن يخطط للزيارة مع المعلم وألا يقاطع المعلم أثناء الشرح ، وعليه أن يجتمع مع المعلم ويوضح له أهدافها وأن الهدف منها تطوير الموقف التعليمي ولابد أن يتلقى المعلم استفادة بعد الزيارة تساعده في تطوير أدائه لأن الكلمة الطيبة التي تنبع من نفس صادقة لها دلالاتها ، وهي التي تجعل المعلم يشعر بالسعادة والارتياح النفسي بسبب تقدير مدير المدرسة لجهوده وهي عظيمة المفعول بالنسبة له ، حيث أن أي ملاحظة إيجابية قد تكون سبباً في تفجير طاقاته ، وتجعله ينطلق بحماس منقطع النظير لكي يحقق ما سعى من أجله المدير بهمة دون كلل أو تذمر ، وعلى العكس من ذلك فإن أي ملاحظة سلبية إذا لم يتمكن المدير من إيصالها بالصورة الملائمة قد تحدث أثراً عكسياً فتصدم المعلم وتثبطة وتصيبه بالإحباط .
وهذا مثال تربوي قد حدث فعلاً في الميدان التربوي ، فأحد المعلمين عندما زاره مدير المدرسة زيارة صفية في بداية العام الدراسي ، وبعد أن خرج المدير من الصف علم المعلم بأن المدير قد أشاد به أمام زملائه قائلاً لهم: ( خُلق هذا ليكون معلماَ ) فكانت تلك الجملة التي سمعها المعلم من زملائه بمثابة الشرارة التي فجرت جميع الطاقات التي يكتنزها هذا المعلم حيث كان لها أثر بالغ في نفس المعلم فقد جعلته يتعلق بالمدرسة وبالمدير ويحب عمله بشكل منقطع النظير ، فأنتج أعمالاً وقام بنشاطات وجهود كبيرة ، وعندما زاره المشرف التربوي أوصى بأن يزوره بعض المعلمين من مدارس أخرى للاستفادة منه ، وهذا جعله يواصل العطاء ويطور أساليبه وينميها باستمرار .
الاجتماع بالمعلمين :
إن الاجتماعات من الأساليب المهمة لتحسين العملية التعليمية وهي تؤدي دوراً بارزاً في توفير الطمأنينة وتنمية روح التعاون بين المعلمين وإفساح المجال للابتكار والإبداع ويجب أن يكون مدير المدرسة ذا مهارة في القيادة تسهم في رفع الروح المعنوية لزملائه ، لكن هذه الاجتماعات تلزم التحضير الجيد لها والتخطيط بدقة ورسم الأهداف التي تحقق الغاية من هذا الاجتماع ، والقدرة على إدارة دفة الحوار والنقاش والمداخلات حتى
يتم تحقيق ما يؤمل منه وتكوين أراء مشتركة تفيد في تنسيق الأعمال وحل المشكلات والمعوقات التي تؤثر على تكامل العملية التعليمية وتحد منها .
تنظيم اللقاءات والمحاضرات والندوات :
يتم تنظيم هذه اللقاءات والمحاضرات والندوات داخل المدرسة ويشترك فيها المشرفون التربويون والمعلمون المتميزون ، وبعض رجالات التربية الذين لهم باع طويل مثمر في هذا المجال ، وبعض منسوبي الجامعات والكليات لمناقشة الأمور التربوية والتعليمية بغرض استعراض المستجدات التي طرأت على الميدان التربوي والسبل والطرائق التي استحدثت في الموضوعات التي تهم منسوبي التعليم بشكل عام والمعلمين بشكل خاص سواء تلك التي تهتم في إدارة الصف أو التي تهتم بطرق التدريس والتخطيط له وبعبارة موجزة لمناقشة الأمور التربوية والتعليمية وتطوير بعض المفاهيم أو تعديلها .
الدورات التدريبية :
وتتجلى أهمية مدير المدرسة ويبرز دوره في السبل التي يسلكها مدير المدرسة لحث المعلمين على الالتحاق بالدورات التدريبية سواء قصيرة أو طويلة المدى التي تنظمها إدارة التعليم أو الوزارة أو مراكز خدمة المجتمع في الجامعات أو الكليات الأخرى التي لا تخضع لنظام الوزارة وذلك بهدف إطلاعهم على أحدث الأساليب التعليمية والوسائل التعليمية وتقنيات التعليم بصورة أشمل وأعم وتدريبهم عليها لتنمية إعدادهم المهني وتطويره
حيث أن هذه الدورات تهدف إلى عدة أمور من أهمها :
1 ـ رفع كفاءة المعلمين المهنية والفنية .
2 ـ تدريب المعلمين على الأساليب الحديثة للتعليم .
3 ـ الاطلاع على التجديدات والمستحدثات التربوية .
4 ـ تنمية العلاقات الإنسانية في المجتمع المدرسي والمنتمين إليه .
5 ـ أدوار ومسؤوليات المعلمين في ضوء قوانين وأنظمة الدولة ووزارة المعارف ، وإدارات التعليم .6 ـ تنمية الخبرات والمهارات التعليمية .
7 ـ الإلمام من قبل المعلمين بتطور الفكر التربوي ونظريات التعليم والتعلم .
8 ـ إثراء خبرات المعلمين بعملهم باعتبارهم الركيزة الأساسية في العملية التعليمية .
9 ـ التأكيد على المعلمين بأهمية التعاون بين البيت والمدرسة ، والمنزل والمجتمع .
10 ـ تزويد المعلمين بالمعرفة والمهارات والأساليب الحديثة لفهم الطلاب ، ورعاية نموهم علمياً وجسمياً ونفسياً واجتماعياً .
11 ـ التعرف على أهم القضايا التي تواجه التعليم في نموه وتطوره وعلى دور المعلمين من جهة ، والإدارة المدرسية من جهة أخرى في مواجهتها .
12 ـ الدراسة الميدانية لبعض القضايا والمشكلات التعليمية مما يسهم إسهاماً فعالاً في إيجاد العلاج الناجع لها .
13 ـ تعزيز انتماء المعلمين لمهنة التعليم وتأصيل شعورهم بقيمة أدوارهم وحجم وعظم مسؤولياتهم .
14 ـ تزويدهم بالمعلومات والمهارات لفهم وتقييم عملية التعلم والتعليم في هذا الميدان التربوي الهام والحساس جداً .
ومن هنا يتجلى لنا الأثر البارز الذي تحدثه الدورات التدريبية سواء التي تكون أثناء الدوام الرسمي أو خارجه ، وذلك يضح من خلال قدرة مدير المدرسة الفعال على تحفيز المعلمين وإثارة الدافعية لديهم للالتحاق بهذه الدورات مهما تُكبده من جهد ومشاق على المتدرب في سبيل تحقيق غاية أسمى وهي ما أشرنا إليه سابقاً في أهداف الدورات التدريبية على كل ملتحق بها ، وتتفاوت محصلة هذه الأهداف بحسب إثارة الدافعية لدى المعلمين وخاصة من قبل مدير المدرسة
التعاميم والنشرات :
إن مدير المدرسة الفعال لا يقتصر دوره في استقبال النشرات التعاميم سواء من قبل إدارة التعليم أو الوزارة وإشعار المعلمين بالتوقيع عليها كل فيما يخصه ، بل الدور المناط بمدير المدرسة توضيح المراد من هذه التعاميم والنشرات ، وإن تطلب الأمر إلى تصوير هذه التعاميم والنشرات وإعطاء كل معلم ما يخصه لكي يكون المعلم على معرفة بأحدث الأساليب والأنظمة والتعليمات والقضايا التربوية والمستجدات والتجارب الحديثة التي تخدم الأهداف التعليمية وترفع مستوى الأداء والتحصيل ، وكل هذا لا يغني مدير المدرسة على وضع ملف كامل وخاص لكل تخصص وفرع من المواد الدراسية يمكن للمعلم الرجوع إليه بيسر وسهولة عند الحاجة .
الزيارات المتبادلة بين المعلمين :
وهذا يبرز فيه قدرة مدير المدرسة على تهيئة المعلمين نفسياً كي يستفيدوا من زملائهم المماثلين لهم في التخصص نفسه وذلك بزيارتهم أثناء إلقائهم دروسهم ، وهذا بدوره يؤدي إلى تلاقح الخبرات وصقلها بين بعضهم البعض ، كذلك يمكن لمدير المدرسة عند وضع الجدول المدرسي تفريغ بعض المعلمين نهاية أحد الأيام بحيث يمكن إنهاء جدوله بعد الحصة الرابعة مثلاً لكي يتمكن من زيارة معلم آخر بارز في مدرسة أخرى لتحقيق الغرض ذاته ، ولا يقتصر الأمر على زيارة المعلم لزميله في نفس التخصص فقط ، بل يمكن زيارة معلم آخر في تخصص مغاير بهدف الاستفادة من أسلوب إدارة الصف أو طريقة عرض الدرس بغض النظر عن المادة العلمية الملقاة على التلاميذ .
ومن هنا يتضح لنا أن الإدارة المدرسية القائمة على جميع الجهود والنشاطات التي يقوم بها فريق العاملين بالمدرسة الذي يتكون من المدير والوكيل والمعلمين والإداريين والفنيين بغية تحقيق الأهداف التربوية داخل المدرسة وخارجها وبما يتمشى مع أهداف المجتمع من تربية أبنائه تربية صحيحة وعلى أسس سليمة .
فإذا نظرنا إلى الإشراف التربوي بأنه عملية الاتصال بين أطراف العملية التربوية لتحقيق فرص تعليم مناسبة للطلاب .
إن هذا المفهوم للإشراف التربوي يشير إلى أن مدير المدرسة هو المسؤول الأهم في هذه العملية فهو المشرف التربوي الذي يقيم في المدرسة ويعرف مشكلاتها وحاجاتها ويعرف قدرات ومشكلات وحاجات المعلمين والطلاب والمجتمع المدرسي .
فمهمة مدير المدرسة لا تقتصر على تنظيم العمل المدرسي وفق الأنظمة والتعليمات بل إن المهمة الأساسية لمدير المدرسة تنطوي تحت تطوير البرنامج التعليمي في مدرسته فالمدير بحكم إقامته في المدرسة وعلاقته اليومية مع معلميه وطلابه وأولياء أمورهم قد أدرك مشكلات المدرسة وحاجاتها وحاجات العاملين فيها واكتسب بذلك فهماً دقيقاً لمختلف جوانب العمل المدرسي وهذا يعطيه مسؤولية الإشراف التربوي في المجالات التالية :
1. وضع الخطط لتطوير العمل بالمدرسة والمساهمة في جعل المعلمين يعملون كفريق واحد من أجل تحقيق تلك الخطط .
2. توثيق العلاقة بين البيت والمدرسة .
3. تطوير الخدمات الإرشادية والتوجيهية التي يتلقاها الطلاب والمعلمون
4. تنظيم الاجتماعات المدرسية وتوزيع العمل وتحديد الاختصاصات
وكثيراً ما يتردد بين المعلمين ومديري المدارس تساؤل مهم يتمثل في :
هل يستطيع مدير المدرسة أن يشرف على معلمين من مختلف التخصصات ؟لكي نجيب على هذا السؤال لابد أن نعرف الأمور التالية :
أولاً / الإشراف التربوي لا يعني تزويد المعلمين بمعلومات تتعلق بالمادة الدراسية ، فالمعلمون متخصصون في هذه المادة ولا يحتاج معظمهم إلى مساعدة بمحتوى المادة الدراسية وموضوعاتها .
ثانياً / الإشراف التربوي لا يقتصر على الإشراف على المعلمين بل يشمل الإشراف على العملية التعليمية والتربوية بكل جوانبها وعناصرها وكافة أبعادها .
ثالثاً / يحتاج المعلمون إلى مساعدات في مجالات غير المادة الدراسية وهذه المجالات تتمثل في :
1. معرفة طرق تحديد أهداف التدريس والتخطيط للدرس وطرق تقويم الطلاب وأساليب الاختبارات .
2. أساليب التعامل مع طلاب المرحلة التي يدرسونها وفق أسس تربوية سليمة .
3. المساعدة في توفير المواد والأدوات والوسائل التي يحتاجها المعلمون .
4. حاجة المعلمين إلى التشجيع والتحفيز وإثارة الدافعية لتنمية مهاراتهم المهنية .
5. حث المعلمين على تطوير علاقاتهم مع بعضهم البعض داخل المجتمع المدرسي وخارجه .إن هذه كلها مجالات تربوية هامة وضرورية للمعلم وبإمكان مدير المدرسة بحكم إعداده المهني ودوره الكبير ومسؤولياته كمدير أن يقدم المساعدات بتلك المجالات .
رابعاً / إن عملية الإشراف التربوي لا تعني أن يخوض من يمارسها ونقصد بذلك مدير المدرسة في تفصيلات المادة الدراسية بل يهتم في إطار المبادئ والأساليب التربوية العامة أما ما يخص المادة الدراسية فالمعلم هو خير من يعالجها بنفسه أو مع زملائه في نفس التخصص أو مع المختصين في إدارة التعليم .
خامساً / الإشراف التربوي ليس عملاً فردياً بين المدير والمعلم بل يمكن أن يكون جماعياً بين المدير ومجموعة من المعلمين عن طريق اجتماعات المعلمين أو عقد ندوات أو محاضرات لهم وحثهم على تبادل الخبرات فيما بينهم .
والمدير المتميز هو الذي يتمكن بثاقب بصيرته وسعة أفقه من التأثير على معلميه من أجل تنمية مهاراتهم وصقل خبراتهم بإحساس منهم ذاتياً بالعمل على ما يلي :
• القراءة المستمرة رغبة في النمو المعرفي الأكاديمي ،و الثقافة العامة.
• القراءة في مجال التربية بم يخدم النمو المهني للمعلم ، ويساعد على تحسن أدائه .
• حضور المحاضرات والندوات واللقاءات التربوية والمؤتمرات الخاصة بالمعلمين أو الخاصة بتطوير العملية التعليمية .
• المشاركة في عضوية جمعيات المعلمين والجمعيات التربوية ، كالجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ( جستن )ِ، والحرص على حضور لقاءات الجمعية ، والمشاركة الفعالة في أعمالها .
• المشاركة في الدورات التدريبية القصيرة أو الطويلة ، والحرص على الاستفادة منها .
• المشاركة في عمليات فحص المناهج وتقويمها وتطويرها ، وتقويم آثارها في تعليم الطلاب .
• الحرص على الدراسة في المعاهد أو الكليات للحصول على المؤهلات الأعلى في المجال المهني .• المساهمة الفعالة في إنجاح المشروعات البحثية التي تقوم بها الجهات المختصة بتطوير التعليم ، أو الجامعات ، أو الباحثين ، والتي تتعلق بالعملية التعليمية .
• تحقيق الاستفادة القصوى من المشرف التربوي الذي يعمل على تحسين العملية التربوية والارتقاء بمستوى أداء المعلم .