المريخ
كوكب المريخ من الكواكب المعروفة منذ القدم وبسبب إضاءته ولونه الأحمر الذي يرى بوضوح في السماء ليلاً أطلق عليه اسم اله الحرب Mars. فاللون الأحمر هو لون الحرب والموت لدى الإغريق. المريخ هو رابع الكواكب بعداً عن الشمس، وسادس الكواكب من حيث الحجم. وأول كوكب يدور في مدار خارج مدار الأرض، وما يتبع ذلك من خصائص تختلف عما رأينا عند دراسة كوكبي عطارد والزهرة؛ مثل إمكانية رصد هذا الكوكب على فترات طويلة في السماء ليلا ً. فهو يقطع السماء من الشرق إلى الغرب. وبما أن مداره خارجي فلا يحدث له عمليات عبور أمام قرص الشمس. ولكن إذا افترضنا وجود ساكن على سطح المريخ فانه يستطيع رؤية الأرض وهي تعبر أمام قرص الشمس ويرى الأرض ترتفع إلى مستوى معين في السماء ولا يرصدها لفترة طويلة في ليل المريخ. والمريخ يبعد عن الشمس 228 مليون كلم (1.52 وحدة فلكية). ومدة دورته حول الشمس أطول لأن حجم المدار أصبح كبيراً الآن، وسنتناول هذه المواضيع في سياق هذا الفصل.
كوكب الخيال العلمي: لقد ألهب هذا الكوكب خيال العلماء والأدباء والفنانين كثيراً، وقضى الجميع فترة طويلة في محاولة مخاطبة سكان المريخ وتصور أشكالهم وصفاتهم وطبيعة حياتهم. حتى أن جائزة عرضت في عام 17/12/1900م من قبل الأرملة الثرية الفرنسية كلارا جوتزمان قيمتها 10 آلاف فرنك للبحث والاتصال مع أية حياة خارج الأرض عدا المريخ! لأنهم كانوا على ثقة تامة بأن المريخ مأهول وزاخر بالحياة. فكثرت القصص والحكايات والروايات والكتابات المختلفة عن سكان المريخ، ونشطت عملية الاتصال مع هؤلاء السكان ولكن دون جدوى حتى أنه في تقابل المريخ 25/8/1924 حيث اقترب المريخ من الأرض وأصبح على بعد 55.78 مليون كم فقط، استجاب الجيش الأمريكي لاقتراح قدمه الفلكي تود Todd وهو وقف كل الإرسال اللاسلكي الذي يرسله الجيش والإصغاء إلى إشارات لاسلكية محتمل أن يرسلها سكان المريخ إلى الأرض. وقد تكررت هذه الظاهرة في تقابل عام 1926م وتقابل عام 1928 م.
والآن لابد وأن نتساءل ما السبب الداعي لكل هذا الاهتمام بالمريخ؟ ولماذا لم نلحظ هذا الاهتمام عند دراسة الكواكب السابقة ؟ عند دراسة المريخ بصورة أولية لاحظ العلماء وجود قبتين جليديتين في شمال وجنوب الكوكب كما هما القطبان الجليديان على الأرض. وأن هاتين القبتين تغيران مساحتهما مع مرور الوقت، فإذا عرفنا أنه تتغير مساحة القطبين الجليديين على الأرض مع تغير الفصول الأربعة، حيث تقل المساحة صيفاً وتزداد شتاءاً. وسبب حدوث الفصول الأربعة على الأرض هو ميلان محور الأرض عن الخط العمودي مع مدارها بمقدار 23.4 ْ أثناء دوران الأرض في مدارها حول الشمس. فلا بد وأن سبب الاختلاف في مساحة الأقطاب على كوكب المريخ على مدار العام يدل على أن فصولاً تحدث على سطحه؛ وهذه الفصول لا تنشأ إلا من ميلان محور الكوكب عن الخط المتعامد على مداره. فلا بد وأن يكون محور الكوكب يظهر ميلاً عن العمود على المدار، وبالفعل وجد أن محوره مائل وأن درجة الميلان هذه تعادل 25.2 ْ وهي قيمة قريبة من ميل محور الأرض. فظن الكثيرين أنه مع تغير الفصول لا بد من وجود حياة.
وقد تمت بعض الأرصاد التي عززت نتائجها مثل هذه الفكرة حيث استطاع بعض الراصدين لسطح الكوكب من رصد بقع داكنة تتفاوت في ألوانها فاعتقدوا بأنها محيطات وقارات كالأرض. وتم رؤية بعض الغيوم البيضاء في مناطق معينة من سطحه. وكذلك تم رصد عواصف رملية متحركة . وعندما درس العالم كريستان هايجنز Christian Huygens الكوكب ورسم له أول خريطة، وجد أن اليوم المريخي يقارب 24 ساعة (في الواقع الرقم الصحيح لليوم المريخي هو 24 ساعة و 37 دقيقة و 22.6 ثانية) فهو قريب جداً من يوم الأرض. ووجود ليل ونهار بنفس طول ليل ونهار الأرض ارتبط بفكر الناس في تلك الفترة بوجود حياة شبيهة بالحياة على الأرض . وعندما تم رصد قمران صغيران يدوران قريباً من الكوكب عند مستوى دائرة الاستواء اعتقد بعض العلماء أنهما قمران صناعيان يدوران حول الكوكب. مثل هذه المشاهدات لابد وأن أثارت الخيال بوجوب وجود حياة مريخية بل وأنه يجب إجراء المحاولات
[