الإعجاز في علوم الأرض
المكون البيئي المعجز والأهم
حديثنا اليوم عن السهل الممتنع، ذلك المكون البيئي المهم والرئيس والمعجز، احتار العلماء في تعريفه وتفسيره قديماً: وفُسر قديماً، فقالوا: وفُسر الماءُ بعد الجهد بالماء، وذلك لانتشاره وملازمته للحياة ملازمة جعلت الإنسان يحتار في ماهيته وتعرفه لقرون طويلة، وكما أجهد الماءُ العلماءَ في الماضي فقد أجهدهم البحث عنه في الكواكب السيارة في الفضاء، وكلما انفتح أمامهم باب الأمل في العثور عليه بعدت الشقة بينهم وبينه، فهو دليل الحياة ومؤشرها الحقيقي، ولذلك ربط الله سبحانه وتعالى بين الماء والحياة برباط إلهي وثيق تعجز البشرية عن الإنفكاك منه قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) (الأنبياء: 30 ) فالماء صنو الحياة، ولا حياة بدون ماء، ويندر أن تغيب الحياة عن الماء على سطح الأرض وباطنها، فحول الينابيع الحارة التي تبلغ حرارتها 95 درجة سيليزية، وفي الماء المغلي عند فوهات هذه الينابيع تعيش الطحالب الخضراء المزرقة وبعض الطحالب الخضراء وتنمو وتتغذى وتتكاثر وتكون فلوراً خاصة حول هذه الينابيع الحارة.
صورة مجهرية لطحلب(Cyanidium caldarium) الذي يعيش في مياه الينابيع الحامضية الحارة
وعلى الثلوج الباردة في سيبريا وفي داخلها تعيش بعض الأنواع من الطحالب التي تضفي ألوانها على تلك الثلوج، وما بين الينابيع الحارة وخط الاستواء والقطب الشمالي ترتبط الحياة النباتية والحيوانات وحياة الكائنات الحية الدقيقة ارتباط وثيقاً بالماء، حتى في الصحراء القاحلة وعلى الصخور الصّلدة الجافة الحارة تعيش تكيّسات بعض الأُشنات وبعض الحيوانات وبيضاتها، وبذور وحبوب وجراثيم بعض النباتات والكائنات الحية الدقيقة والتي تحوي قدراً من الماء يصعب على عوامل الجفاف والحرارة العالية استخلاصها من تلك العُصبّات المكيِّسة والمعجزة، حتى إذا نزل المطر ازدهرت الحياة في تلك البيئة القاحلة، وملأت الأزهارُ الصحراء، وتحركت البرك المائية وعجت بالحياة، ولذلك حير الماء العلماء كما حير الشعراء والأدباء قديماً.
صورة لطحالب الثلج الذي يلون الثلج باللون الأحمر وهو موجدة في أمريكا الشمالية والقطب الشمالي واليابان حيث يفضل أن يبقى على سطح الثلج بداً من التجمد في الجليد
صورة مجهرية لبكتريا (Boulder Spring bacteria) والذي يعيش في مياه الينابيع الحامضية الحارة
الخصائص المميزة والمعجزة للماء:
عند دراسة الخصائص الكيميائية والفيزيائية والأحيائية للماء احتار العلماء أيضاً في خصائصه فقالوا: الخصائص الشاذة للماء، وقد أخطأ العلماء في هذا أيضاً فالشذوذ بُعدٌ عن الفطرة وعن المرغوب، ولكن الخصائص الفريدة للماء بين سوائل الحياة جعلتهم يظنون أيضاً أنها خصائص شاذة ولكنها في الحقيقة خصائص فريدة ومعجزة وبدونها تغيب الكفاءة التي ربطت الماء بالحياة.
فللماء حرارة نوعية عالية عن كثير من السوائل، وله حرارة تبخر وحرارة كامنة عاليتان بصورة فريدة، وتساعد هاتان الخاصيتان على بقاء الماء بصورته السائلة في درجات حرارة مختلفة، تجعله صالحاً لحياة الكائنات الحيّة في درجات الحرارة العالية أو المنخفضة .
بدون تكون المواد أعلى كثافة في درجة التجمد، ولكن يتفرد الماء عن ذلك حيث تكون أعلى كثافة له عند درجة حرارة أربعة درجة سيليزية، وبذلك يطفو الجليد على سطح الماء في البحار والمحيطات والأنهار المتجمدة، فيصبح عازلاً مانعاً للماء السفلي من التجمد، وهذا يحمي الكائنات البحرية من الهلاك والانقراض.
ويتضمن الماء بصفات هامة جداً للنظام الحيوي منها : خاصية التّماسك بين جزيئاته، والتلاصُق بين جزيئاته والمواد الأخرى خاصة السليلوز المكون النباتي الأكثر شيوعاً في النبات، وكذلك التوتر السطحي والضغط الأسموزي الخصائص المهمة في نقل الماء والأملاح والمعادن والأيونات داخل النبات .
ويتميز الماء بالتحلل أو التأين المائي الضوئي المهم في عملية التمثيل الضوئي أهم عملية لتكوين الغذاء في البيئة الأرضية والتي بغيابها تغيب الحياة عن البيئة الأرضية ويعتبر الماء مذيباً جيداً للأملاح والمركبات العضوية، وبذلك يمثل وسطاً مثالياً لنقل تلك المركبات في الكائنات الحية ويسهل حدوث عمليات الأيض والاتزان بخاصية التحلل المائي الفريدة في الكائنات الحية.
ولذلك يحتوي قنديل البحر 99% من جسمه ماء، والطماطم 94% من وزنها ماء، والكرنب (الملفوف) 92.5% والعنب 80% والسمك 66% واللبن 87% وتتراوح نسبة الماء في جسم الإنسان من 20% من العظام إلى 85% في خلايا المخ ويمثل 70% من جسم الإنسان عامة.
يفقد الإنسان في المتوسط 2600 مل ماء يومياً، ويدخل إليه فقط 2255مل بالغذاء المقدم إليه، أي أن هناك نفس (1/7) الكمية، فمن أين يأتي الجسم بالكمية الزائدة عن الداخل إليه؟ لقد وجد أن ذلك يأتي للجسم من التمثيل الغذائي الداخلي.
يحتاج نبات واحد من الذرة خلال فترة حياته إلى 180لتر ماء، فكم يحتاج الفدان الواحد؟
يحتاج إنتاج كيلوجرام واحد من الأرز إلى 1700 لتر ماء.
يحتاج إنتاج كيلوجرام واحد من اللحم إلى 22000لتر ماء .
تحتوي الطماطم على 94% من وزنها ماء، والكرنب يحتوي على 93.5% والعنب 80%، والبرتقال 85% والمانجو 86% ولحم الضأن 63% والكبد 70% والمسك 66% واللبن 87% وقنديل البحر 99% من وزنه ماء.
من السابق نعلم أن الماء المكون البيئي المعجز والأهم من البترول (الذهب الأسود) ومن الذهب الأصفر، والملح والقطن (الذهب الأبيض)، ولذلك سيكون الماء هو محور الحروب في القرن القادم، ومن هنا جعلت إسرائيل حدودها من النيل إلى الفرات، وبدأت في مدها إلى الفرات، فهل نحن واعون لأهمية المياه في حياتنا؟ وهل دبرنا مستقبلنا المائي؟ أم سيأتي علينا اليوم الذي ينطبق علينا فيه قول الشاعر :
العيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورهنا محمول
فإذا لم تُسلب مواردنا المائية منا بالاستعمال الخارجي، سلبها الله منا بالتلوث والهدر والجهل والإهمال والإفساد اليومي في البيئة البرية والبيئة المائية.
ـــــــــــــــ
• أستاذ علم النبات
• المدير العام لمركز ابن النفيس البحرين
• باحث في التربية البيئية
بعص المصادر العلمية :
http://www.chikyu.ac.jp/takeuchi/snowalgae_ak.htmlhttp://www.bact.wisc.edu/Bact303/b21الإعجاز في علوم الأرض
المكون البيئي المعجز والأهم
بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا*
حديثنا اليوم عن السهل الممتنع، ذلك المكون البيئي المهم والرئيس والمعجز، احتار العلماء في تعريفه وتفسيره قديماً: وفُسر قديماً، فقالوا: وفُسر الماءُ بعد الجهد بالماء، وذلك لانتشاره وملازمته للحياة ملازمة جعلت الإنسان يحتار في ماهيته وتعرفه لقرون طويلة، وكما أجهد الماءُ العلماءَ في الماضي فقد أجهدهم البحث عنه في الكواكب السيارة في الفضاء، وكلما انفتح أمامهم باب الأمل في العثور عليه بعدت الشقة بينهم وبينه، فهو دليل الحياة ومؤشرها الحقيقي، ولذلك ربط الله سبحانه وتعالى بين الماء والحياة برباط إلهي وثيق تعجز البشرية عن الإنفكاك منه قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) (الأنبياء: 30 ) فالماء صنو الحياة، ولا حياة بدون ماء، ويندر أن تغيب الحياة عن الماء على سطح الأرض وباطنها، فحول الينابيع الحارة التي تبلغ حرارتها 95 درجة سيليزية، وفي الماء المغلي عند فوهات هذه الينابيع تعيش الطحالب الخضراء المزرقة وبعض الطحالب الخضراء وتنمو وتتغذى وتتكاثر وتكون فلوراً خاصة حول هذه الينابيع الحارة.
صورة مجهرية لطحلب(Cyanidium caldarium) الذي يعيش في مياه الينابيع الحامضية الحارة
وعلى الثلوج الباردة في سيبريا وفي داخلها تعيش بعض الأنواع من الطحالب التي تضفي ألوانها على تلك الثلوج، وما بين الينابيع الحارة وخط الاستواء والقطب الشمالي ترتبط الحياة النباتية والحيوانات وحياة الكائنات الحية الدقيقة ارتباط وثيقاً بالماء، حتى في الصحراء القاحلة وعلى الصخور الصّلدة الجافة الحارة تعيش تكيّسات بعض الأُشنات وبعض الحيوانات وبيضاتها، وبذور وحبوب وجراثيم بعض النباتات والكائنات الحية الدقيقة والتي تحوي قدراً من الماء يصعب على عوامل الجفاف والحرارة العالية استخلاصها من تلك العُصبّات المكيِّسة والمعجزة، حتى إذا نزل المطر ازدهرت الحياة في تلك البيئة القاحلة، وملأت الأزهارُ الصحراء، وتحركت البرك المائية وعجت بالحياة، ولذلك حير الماء العلماء كما حير الشعراء والأدباء قديماً.
صورة لطحالب الثلج الذي يلون الثلج باللون الأحمر وهو موجدة في أمريكا الشمالية والقطب الشمالي واليابان حيث يفضل أن يبقى على سطح الثلج بداً من التجمد في الجليد
صورة مجهرية لبكتريا (Boulder Spring bacteria) والذي يعيش في مياه الينابيع الحامضية الحارة
الخصائص المميزة والمعجزة للماء:
عند دراسة الخصائص الكيميائية والفيزيائية والأحيائية للماء احتار العلماء أيضاً في خصائصه فقالوا: الخصائص الشاذة للماء، وقد أخطأ العلماء في هذا أيضاً فالشذوذ بُعدٌ عن الفطرة وعن المرغوب، ولكن الخصائص الفريدة للماء بين سوائل الحياة جعلتهم يظنون أيضاً أنها خصائص شاذة ولكنها في الحقيقة خصائص فريدة ومعجزة وبدونها تغيب الكفاءة التي ربطت الماء بالحياة.
فللماء حرارة نوعية عالية عن كثير من السوائل، وله حرارة تبخر وحرارة كامنة عاليتان بصورة فريدة، وتساعد هاتان الخاصيتان على بقاء الماء بصورته السائلة في درجات حرارة مختلفة، تجعله صالحاً لحياة الكائنات الحيّة في درجات الحرارة العالية أو المنخفضة .
بدون تكون المواد أعلى كثافة في درجة التجمد، ولكن يتفرد الماء عن ذلك حيث تكون أعلى كثافة له عند درجة حرارة أربعة درجة سيليزية، وبذلك يطفو الجليد على سطح الماء في البحار والمحيطات والأنهار المتجمدة، فيصبح عازلاً مانعاً للماء السفلي من التجمد، وهذا يحمي الكائنات البحرية من الهلاك والانقراض.
ويتضمن الماء بصفات هامة جداً للنظام الحيوي منها : خاصية التّماسك بين جزيئاته، والتلاصُق بين جزيئاته والمواد الأخرى خاصة السليلوز المكون النباتي الأكثر شيوعاً في النبات، وكذلك التوتر السطحي والضغط الأسموزي الخصائص المهمة في نقل الماء والأملاح والمعادن والأيونات داخل النبات .
ويتميز الماء بالتحلل أو التأين المائي الضوئي المهم في عملية التمثيل الضوئي أهم عملية لتكوين الغذاء في البيئة الأرضية والتي بغيابها تغيب الحياة عن البيئة الأرضية ويعتبر الماء مذيباً جيداً للأملاح والمركبات العضوية، وبذلك يمثل وسطاً مثالياً لنقل تلك المركبات في الكائنات الحية ويسهل حدوث عمليات الأيض والاتزان بخاصية التحلل المائي الفريدة في الكائنات الحية.
ولذلك يحتوي قنديل البحر 99% من جسمه ماء، والطماطم 94% من وزنها ماء، والكرنب (الملفوف) 92.5% والعنب 80% والسمك 66% واللبن 87% وتتراوح نسبة الماء في جسم الإنسان من 20% من العظام إلى 85% في خلايا المخ ويمثل 70% من جسم الإنسان عامة.
يفقد الإنسان في المتوسط 2600 مل ماء يومياً، ويدخل إليه فقط 2255مل بالغذاء المقدم إليه، أي أن هناك نفس (1/7) الكمية، فمن أين يأتي الجسم بالكمية الزائدة عن الداخل إليه؟ لقد وجد أن ذلك يأتي للجسم من التمثيل الغذائي الداخلي.
يحتاج نبات واحد من الذرة خلال فترة حياته إلى 180لتر ماء، فكم يحتاج الفدان الواحد؟
يحتاج إنتاج كيلوجرام واحد من الأرز إلى 1700 لتر ماء.
يحتاج إنتاج كيلوجرام واحد من اللحم إلى 22000لتر ماء .
تحتوي الطماطم على 94% من وزنها ماء، والكرنب يحتوي على 93.5% والعنب 80%، والبرتقال 85% والمانجو 86% ولحم الضأن 63% والكبد 70% والمسك 66% واللبن 87% وقنديل البحر 99% من وزنه ماء.
من السابق نعلم أن الماء المكون البيئي المعجز والأهم من البترول (الذهب الأسود) ومن الذهب الأصفر، والملح والقطن (الذهب الأبيض)، ولذلك سيكون الماء هو محور الحروب في القرن القادم، ومن هنا جعلت إسرائيل حدودها من النيل إلى الفرات، وبدأت في مدها إلى الفرات، فهل نحن واعون لأهمية المياه في حياتنا؟ وهل دبرنا مستقبلنا المائي؟ أم سيأتي علينا اليوم الذي ينطبق علينا فيه قول الشاعر :
العيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورهنا محمول
فإذا لم تُسلب مواردنا المائية منا بالاستعمال الخارجي، سلبها الله منا بالتلوث والهدر والجهل والإهمال والإفساد اليومي في البيئة البرية والبيئة المائية.
ـــــــــــــــ
• أستاذ علم النبات
• المدير العام لمركز ابن النفيس البحرين
• باحث في التربية البيئية
بعص المصادر العلمية :
http://www.chikyu.ac.jp/takeuchi/snowalgae_ak.htmlhttp://www.bact.wisc.edu/Bact303/b21