امراض الجهاز التنفسي.. أسبابها وسبل الوقاية منها
من بينها نزلات البرد والتهاب الجيوب الأنفية وذات الرئة
الشتاء هو الفصل الذي تنشر فيه مختلف أنواع عدوى الجهاز التنفسي. ولذا ارتأينا أن نقدم دليلا حول أمراض البرد الشائعة إضافة إلى 4 من أنواع الأمراض الأخرى. ولا تدخل عدوى الإنفلونزا ضمن هذا الدليل المختصر لأن التركيز يجري على مواقع تشريحية من الجهاز التنفسي، بينما تؤثر عدوى الإنفلونزا على كل أنحائه. وعند كتابة هذا الموضوع ظهر جانبان مؤكدان: الأول، هو أن غسل اليدين هو حقا أفضل دفاع للجسم ضد عدوى الجهاز التنفسي. أما الثاني فهو أن المضادات الحيوية هي أدوية مهمة في العلاج، إلا أنها توصف أكثر من اللازم، خصوصا في علاج التهاب الجيوب الأنفية والتهاب القصبات.
* نزلات البرد
* ما هي إنها التهاب الأغشية المخاطية التي تبطن جدار الأنف.
* الأعراض: قد يكون المصطلح الطبي لها وهو «التهاب الأنف الفيروسي» (viral rhinitis)، غير معروف، إلا أن أعراضه هي احتقان الأنف، وسيلان الأنف، والعطس. وتتسبب نزلات البرد في حدوث شعور مزعج في البلعوم لمدة تمتد إلى نصف فترة الإصابة، وهذا غالبا في العادة ما يمثل العرض الأول من الأعراض لها، رغم أنه وبحلول اليومين الثاني أو الثالث تتحول مشكلات الأنف إلى أعراض رئيسية سائدة. وإن ظهر السعال فإنه لن يبدأ قبل مرور بضعة أيام من ظهور بقية الأعراض، وقد يستمر طويلا لعدة أسابيع بعد اختفاء الأعراض. ويندر أن يعاني الكبار من ظهور حرارة مرتفعة بعد إصابتهم بنزلات البرد - ويعتبر عدم وجود الحرارة المرتفعة أحد علامات الإصابة بنزلات البرد - إلا أن الحرارة المرتفعة قد تظهر لدى بعض الأطفال أحيانا.
* الأسباب: يتسبب ما يزيد على 200 نوع من الفيروسات في الإصابة بنزلات البرد، التي تكون أعراضها متشابهة لكل الأنواع. ويرجع ذلك إلى أن الأعراض تأتي نتيجة استجابات (أي ردود فعل) جهاز المناعة للعدوى في الجهاز التنفسي، وليس نتيجة الأضرار المباشرة التي تسببها تلك الفيروسات. وتحدث ما بين 30 و50 في المائة من نزلات البرد بسبب الفيروسات الأنفية (rhinoviruses). كما أن الفيروسات المسببة للإنفلونزا هي أيضا من بين الأنواع الكثيرة الأخرى للفيروسات التي تتسبب في حدوث نزلات البرد.
* الوقاية: غسل اليدين بانتظام هو وسيلة منفردة تدرأ حدوث نزلات البرد (وكل أنواع عدوى الجهاز التنفسي)، إذ إن الإنسان يلتقط في أكثر الأحيان الفيروسات المسببة لنزلات البرد بعد ملامسته إنسانا آخر مصابا أو ملامسة الأسطح وأكرات الأبواب أو درابزين السلالم، ثم ينقل العدوى إلى الجسم بعد ملامسة الأنف أو العينين. وتعيش الفيروسات المسببة لنزلات البرد في قطيرات الرذاذ الصغيرة المحمولة في الهواء التي تنتشر فيه بعد السعال أو العطس، ولذا فهناك احتمال الإصابة بالعدوى بعد استنشاق هذه القطيرات مباشرة، (إلا أن يدي الإنسان هي التي تكون مسؤولة على الأغلب).
أما فيما يخص تناول جرعات كبيرة من فيتامين «سي» فقد جاءت نتائج الأبحاث متضاربة. كما لم يظهر أي تأثير لعشب «الإكناشا» (Echinacea) في الدراسات على درء الإصابة بنزلات البرد، وكان تأثير عشب «جينشنغ» (ginseng) أقل منها!
* العلاج: العلاج الشافي من نزلات البرد الشائعة يظل صعبا، ولذا فإن العلاج الحالي لها هو تخفيف الأعراض، وهو الأمر الذي قد لا يمكن تحقيقه أحيانا. وفي التجارب الإكلينيكية لم تثبت أكثر الأدوية المخففة لحدة السعال التي تباع من دون وصفة طبية، أنها أفضل تأثيرا من تأثير الحبوب الوهمية. ولم تثبت فاعلية «فينيليفرين» (Phenylephrine) مقارنة بـ«سيدوإيفرين» (pseudoephedrine)، وهو مزيل الاحتقان، الذي حل محله ضمن صنف الأدوية غير الموصوفة طبيا. وقد تفيد بخاخات الأنف مثل «بروميد الإبراتروبيوم» (ipratropium bromide) («أتروفينت» Atrovent) في تخفيف الأعراض، إلا أن الاستخدام الزائد عن الحد للمرشاشات مثل مرشاش (سبراي) «أوكسيميتازولين» (oxymetazoline) («أفرين» Afrin)، يسبب المشكلات. أما «الإكناشا» وفيتامين «سي» فلم يظهرا أي نجاح ملموس في التجارب الإكلينيكية. كما كانت نتائج استخدام الزنك متفاوتة، وتشير التجارب إلى أن فائدته، إن وجدت، محدودة جدا. وأخيرا، فإن من الأفضل ربما اتباع النصيحة المجربة القديمة: اشرب الكثير من السوائل، تمتع بأكبر قدر من الراحة - وانتظر حتى زوال نزلة البرد.
التهاب الجيوب الأنفية
* ما هو إنه التهاب أغشية بطانة الجيوب الأنفية.
* الأعراض: من أعراض التهاب الجيوب (sinusitis) الواضحة، الإحساس بضغط غير مريح على الوجه يصاحبه إحساس بالألم. ويختلف موقع الضغط باختلاف موقع الجيب المصاب، فعلى سبيل المثال فإن وجود ألم في الجبهة هو مؤشر على إصابة الجيوب الجبهية، أما أن ظهر الألم في الفك الأعلى أو الأسنان العليا، فإن الجيوب الفكية في الوجنتين هي المصابة. ومثله مثل نزلة البرد، فإن التهاب الجيوب يتسبب في احتقان الأنف الناجم عن زيادة إفراز المخاط وتورم الأغشية الأنفية. وبالفعل فإن الشعور بالتهاب الجيوب غالبا ما يكون مشابها لنزلة البرد. والمخاط غالبا ما يكون ثخينا، وأصفر أو أخضر اللون (وهو يميل إلى اللون الأخضر عند وجود كميات كبيرة من كريات الدم البيضاء، التي هي رغم اسمها، خضراء اللون). وقد يرتجع بعض المخاط نحو البلعوم مسببا طعما سيئا، وسعال، أو النفس الكريه. وقد تحصل لبعض الناس قشعريرة أو إجهاد بعد أن يقوم جهاز المناعة في أجسامهم باتخاذ خطوات دفاعية.
* الأسباب: الجيوب الأنفية للإنسان تشابه الكهوف داخل العظام، وتوجد نحو العينين والأنف. وتبطنها أغشية تقوم بإفراز مخاط سائل خفيف يسحب بعد تسربه نحو فتحات صغيرة جدا تسمى «ostia». وإن حدث انسداد في هذه الفتحات فإن المخاط والسوائل تتراكم مكونة موقعا مناسبا لتكاثر البكتيريا الموجودة طبيعيا فيها. وعند زيادة أعداد البكتيريا واستجابة الجسم لها، ويظهر الالتهاب والتورم اللذان يؤديان إلى حدوث أعراض الضغط المؤلم والأعراض الأخرى.
وتعتبر نزلات البرد من أكثر الأسباب شيوعا لانسداد الفتحات الصغيرة جدا في الأنف أولا، ولهذا فإن السبب الرئيسي لالتهاب الجيوب غالبا ما يكون ذا منشأ فيروسي، رغم أن التهاب الجيوب، وفقا لتعريفه، هو عدوى بكتيرية للجيوب.
إلا أن جزءا يسيرا من فيروسات البرد - نحو 1 في كل 100 منها - يؤدي إلى حدوث التهاب الجيوب. كما يصاب بعض الناس بالتهاب الجيوب المزمنة نتيجة مشكلات بنيوية أو هيكلية تقود إلى انسداد هذه الفتحات، مثل انحراف حاجز الأنف (septum)، أو أورام الأغشية المخاطية.
* الوقاية: لأن التهاب الجيوب ينجم في الغالب عن مضاعفات نزلات البرد، فإن غالبية الاحتياطات ضد هذه النزلات مفيدة للوقاية من الالتهاب. ويوصي بعض الأطباء بتروية الأنف بانتظام بالماء المالح، إلا إن دراسة أظهرت أن هذه التروية المنتظمة تقود إلى التهابات أكثر، وليس أقل، في الجيوب الأنفية. وإن كنت مصابا بنزلة برد، فعليك أن لا تتمخط بقوة، فقد تتغلغل البكتيريا والمخاط نحو جيوبك الأنفية.
* العلاج: إعادة عملية سحب وتسريب المخاط إلى طبيعتها، تقلل في الغالب من الأعراض وتخفف من قوة العدوى. كما أن تناول الكثير من الماء واستنشاق البخار (الاستحمام تحت المرشاش «أو الدوش» لفترة أطول) يفكك المخاط، وهو ما يسهل فتح الفتحات الصغيرة. ويوظف النوم ورفع الرأس إلى أعلى، قوة الجاذبية الأرضية لتخيف الأعراض. كما أن بمقدورك تجربة واحد من مزيلات الاحتقان التي يتم تناولها عبر الفم. ويرغب الكثير من الأطباء في أن يخضع المصابون لعدة أيام من «علاج تسريب المخاط» قبل الإقدام على تناول المضادات الحيوية، وذلك يعود جزئيا إلى أن مفعول المضادات الحيوية يكون أقوى، إن كان تسريب المخاط في الجيوب الأنفية، أفضل. ولكن، إن كان التهاب الجيوب شديدا منذ البداية أو كان متواصلا، فيجب اللجوء إلى المضادات الحيوية، التي أثبتت فاعليتها.