ولا مَجْد الاّ الهاشميون أهْلُه
وليس يُساوي خالدُ الذِكرِ .. فانيا
تنتسب الاسرة الهاشمية الى هاشم جد النبي محمدعليه الصلاة والسلام من قبيلة قريش في مكة المكمرمة, وال هاشم هم احفاد النبي محمد من ابنته فاطمة الزهراء وزوجها علي بن ابي طالب ,رابع الخلفاء الراشدين . ويرجع نسب هذه القبيلة الى اسماعيل بن ابراهيم عليه السلام ,وهاشم هو سيد قريش ،عمرو بن عبد مناف ، وسمي ب هاشم لانه هشم الخبز واتخذ منه الثريد الذي كان يقدمه لاهل مكة بعد ان يصب عليه المرق واللحم في سنة حلت بهم محنة القحط ,واصبح القرشيون اغنياء بفضله لانه هو الذي مهد لهم الطريق لرحلتي الشتاء والصيف ,واحدة الى بلاد اليمن والاخرى الى بلاد الشام
المغفور له الشريف الحسين بن علي مفجر الثورة العربية الكبرى
الثورة العربية الكبرى وتاسيس الامارة الاردنية
ويعيد آل هاشم الاطهار مجد الامة والعروبة في مطلع القرن العشرين في ثورة العرب الكبرى عام 1916ويتقدمون من جديد لبناء الدولة العربية وبعث الروح القومية في نفوس العرب جميعا.
بدأت مسيرة الدولة العربية الحديثة بثبات وعزم مؤسس على الارادة العربية وليس على ارادة الاشخاص.. وكانت القيادة الهاشمية في مستوى الصحوة العربية, وطموح الامة ,وامال الشعوب التي كانت تتطلع الى المؤسسة العربية الفاعلة.. فجاءت صياغة الثورة واهدافها ونظامها واضحاً وثابتا في ان الدولة العربية المستقلة هي الاساس.
ضحى الشريف الحسين بن علي بالعرش وهو يقاتل مجاهداً في اروقة السياسة رافضا التنازل عن شبر واحد من القدس وارض فلسطين، ومصرا على وحدة ارض العرب والشعوب العربية.. وخاطب الشريف الوفود العربية في عمان :" لا اتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد ,لااقبل الا ان تكون فلسطين لاهلها العرب ,ولا اقبل بالانتداب ,ولااسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة الحكومة البريطانية بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب."
وكان ذلك السبب في اقدام بريطانيا عام 1925 بنفيه من العقبة الى جزيرة قبرص منهية حلمه بتحقيق وحدة العرب وبقي في المنفى الى ان لقي وجه ربه عام 1931 ودفن بجوار الاقصى المبارك في القدس الشريف.
امارة شرق الاردن
لعب الامير عبد الله دورا مهما في الثورة العربية الكبرى، وكان ابانها قائدا للجيش الشرقي الذي حرر الطائف والمدينة المنورة وفي 8 اذار1918 عقد الوطنيون العراقيون مؤتمرا في دمشق اعلنوا فيه استقلال العراق ونادوا بالامير عبد الله ملكا دستوريا عليه.
وصل الامير عبد الله الى معان ، التي كانت حينذاك تابعة اداريا للحجاز، على راس قوة من المقاتلين النظاميين وغير النظاميين ,ومنها صمم على الزحف الى دمشق واعادة فيصل الى عرش سوريا وطلب من السوريين التضامن معه واعلان الثورة .
اما فرنسا وبريطانيا فقد احستا بالقلق تجاه حركة الامير وطلبتا منه العودة الى الحجاز باسرع وقت وابلغته بريطانيا بانها لن تسمح بان تتحول احدى المناطق الخاضعة لنفوذها بموجب الانتداب الى قاعدة لمهاجمة حليفتها فرنسا في سوريا وطلبت بريطانيا من الامير مغادرة معان الا انه اصر على ان يقيم في ارض تابعة للحجاز على ان رد الفعل الوطني على دعوة الامير عبد الله لم يكن مؤثرا كما اراد او كما تمنى له ان يكون لم يكن معه سوى عدد قليل من الرجال واسلحة قليلة ولم يكن الامير يملك مالا لتغطية نفقات حملة ضد فرنسا ..كما كانت سوريا نفسها خاضعة لحكم فرنسي متشدد ..غير ان رد فعل الاردنيين على دعوته كان اكثر ايجابية وتشجيعا من رد فعل السوريين انفسهم. وكان شرقي الاردن في ذلك الوقت الجزء الوحيد من سوريا الذي لم يكن خاضعا لاحتلال لقوة عسكرية اوروبية بشكل مباشر ورغم ان بريطانيا وضعته في اطار صك الانتداب الا انها لم تضم المنطقة الى ادارة فلسطين المحلية بل اكتفت بتعيين مستشارين سياسيين للمساعدة في تاسيس حكومات محلية للمقاطعات الثلاث التي كانت تتكون منها انذاك وهي اربد, والسلط ,والكرك وكانت هذه الحكومات المحلية قد تاسست في ايلول 1920 غير انها اثبتت ضعفها وعدم تمكنها من المحافظة على الامن وفرض سلطتها ,وفي تلك الاثناء قررت الحكومة البريطانية اجراء تفاهم مع العرب، ولهذا دعت فيصل الى لندن لاجراء محادثات سياسية واشترطت ان لا يقوم الامير عبدالله باي تحركات بانتظار ما ستسفر عنه تلك المحادثات من نتائج غير ان حماس الاردنيين لقضية الاستقلال العربي ظهر من خلال عقد اجتماعات شعبية وارسال الوفود الى معان لدعوة الامير عبد الله والالحاح عليه بالتقدم نحو الشمال ..وهكذا وبعد اقامة قصيرة دامت نحو اربعة شهر وصل الامير الى عمان في الثاني من اذار عام 1921 واستقبلته وفود من ارجاء البلاد وعلنت ولاءها له وفي ذات الوقت كان وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل يعقد مؤتمرا مهما في القاهرة يبحث فيه امكانية ايجاد الحلول المناسبة لمشاكل المنطقة.
وقد اتخذ المؤتمر قرارا باحتلال شرقي الاردن احتلالا عسكريا الا ان تشرشل غير رايه عندما تلقى رسالة من الامير عبد الله يشرح له فيها وجهة النظر العربية فدعا تشرشل الامير عبد الله الى لقاء في القدس وعقد معه اربعة اجتماعات في اواخر اذار 1921 حاول خلالها اقناع تشرشل بضرورة توحيد فلسطين وشرقي الاردن في دولة واحدة بزعامة امير عربي غير ان تشرشل ابلغ الامير ان بريطانيا لا يمكنها تغيير سياستها المعلنة تجاه فلسطين وفي النهاية اقترح على الامير البقاء في شرقي الاردن وتولى زمام الامور فيها ثم توصل الطرفان الامير وتشرشل الى اتفاق ضمن النقاط التالية
o تاسيس حكومة وطنية في شرقي الاردن برئاسة الامير عبد الله بن الحسين.
o قيام الحكومة الاردنية باستكمال اجراءات الاستقلال .
o تعيين معتمد بريطاني في عمان لتمثيل سلطة الانتداب.
o تقديم بريطانيا الدعم اللازم لشرقي الاردن .
o عدم استخدام شرقي الاردن كقاعدة لاي هجوم ضد سوريا او فلسطين .
o احتفاظ بريطانيا بحق انشاء مطار في عمان.
وخلال المناقشات اشار تشرشل الى ان المصالحة مع فرنسا قد تؤدي الى قيام حكم عربي برئاسة الامير عبد الله ووعد بان تبذل حكومته كل ما في وسعها لتحقيق هذا الهدف وكان من جملة الشروط التي اتفق الامير عبد الله والمستر تشرشل عليها ان يستثني شرقي الاردن من ان تشمله نصوص وعد بلفور القاضية بانشاء وطن قومي للبهود في فلسطين
الملك المؤسس عبد الله بن الحسين (1882 – 1951)
المغفور له الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، شخصية فريدة وجليلة برزت مع تاريخ العالم العربي المعاصر.، شخصيته تجمع التقليدية والحداثة. وكان في مسيرة حياته العامة عصرياً يتطلع إلى الأمام. وتجسد هذا فيه كونه من أوائل الزعماء العرب الذين تبنوا نظاماً ملكياً دستورياً خلال السنوات الأولى التي أعقبت تأسيس بلده كما تمثل ذلك بتجربته الواقعية ومشاركته لشعبه.
أسس المغفور له الملك عبد الله إمارة شرق الأردن في 21 نيسان 1921م عندما أقام أول نظام حكومي مركزي في مجتمع معظمه عشائري وبدوي. وطوال السنوات الثلاثين التالية، ركز على بناء الدولة، ووضع الأطر المؤسسية للأردن الحديث. وبتصميم ورؤية عظيمين، سعى إلى الحكم الذاتي والاستقلال، بإقامة شرعية ديمقراطية، بوضع أول دستور للأردن في عام 1928عرف باسم المجلس التشريعي، وإجراء الانتخابات لأول برلمان في عام 1929م. وخلال هذه العقود الثلاثة أيضاً، عقد الملك سلسلة من المعاهدات بين إنجلترا وشرق الأردن، كان آخرها في 22 آذار 1946م بالمعاهدة الإنجليزية- الشرق أردنية التي أنهت الانتداب البريطاني وحققت لشرق الأردن استقلالا كاملاً ولتصبح الدولة باسم "المملكة الأردنية الهاشمية" في 25 ايار 1946م.
وبتحقيق الاستقلال التام اخذ الاردن يمارس دوراً متقدماً عربياً ودولياً ويشارك في المؤتمرات واولها مؤتمر قمة انشاص في 28 أيار 1946م بعد ايام من استقلال الدولة، ومن ثم يتبوأ الاردن مركزاً متقدماً في خدمة القضية الفلسطينية.
وخلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، كان الجيش العربي الأردني فعالاً في الدفاع عن القدس وأجزاء أخرى من فلسطين. وأبدى شجاعة وبطولة وعرف عنه على نطاق واسع مستواه العالي في الاحتراف والثبات والعزم والشجاعة أمام قوة متفوقة في العدد والعدة.
ونجح الجيش العربي في إلحاق الهزيمة في القوات اليهودية في باب الواد واللطرون والقدس وحافظ على القدس الشرقية رغم الهجمات الإسرائيلية الشديدة اللاحقة، التي حاولت دون جدوى انتزاعها من الجيش العربي الأردني. وانتهت الحرب في منتصف شهر تموز 1948م وبعدها جرى توقيع عدد من اتفاقيات الهدنة بين الأطراف العربية وإسرائيل في مؤتمر رودس. وبموجبها تم ترسيم حدود منطقة شرق الاردن مع فلسطين.
في 20 تموز 1951م توجه الملك عبد الله إلى القدس لأداء صلاة الجمعة مع حفيده الشاب، الحسين بن طلال . ليقضي شهيداً على عتبات المسجد الاقصى وعلى مقربة من ضريح والده الحسين بن علي الذي ضحى من اجل كل العرب.
وكان الملك الحسين/ الامير الشاب حينها/ الى جانب جده، يشهد الموقف وتنزلق رصاصة من على وسام على صدره، ويعيش جلالته لحظات حاسمة مع الاحداث، وكان لاغتيال جده الملك عبد الله أثرا عميقا في حياته، من حيث إدراكه لأهمية الموت وحتميته، وإحساسه بأهمية واجبه ومسؤوليته في السنوات اللاحقة.
الملك طلال بن عبدالله (1909 – 1972)
تولى جلالة المغفور له الملك طلال بن عبدالله العرش بعد استشهاد والده ولأسباب صحية، لم يتمكن من الاستمرار في الحكم، فأعفي جلالته، بعد أقل من سنة، من العرش، في 11 آب 1952، وأنجز الملك طلال، خلال عهده، الكثير لتطوير العلاقات بين الأردن من جهة والسعودية ومصر من جهة أخرى.
كما كان مسؤولا إلى درجة كبيرة عن تطوير دستور جديد عصري، هذا الدستور الذي جعل الحكومة جماعياً، والوزراء فردياً، مسؤولين أمام البرلمان، وتم اعتماده في الأول من كانون الثاني 1952م.
الملك الحسين بن طلال (1935 – 1999)
ولد الملك الحسين في عمان في 14 تشرين الثاني 1935، وهو الابن البكر للأمير طلال بن عبد الله والأميرة زين الشرف بنت جميل. وبعد أن أكمل دراسته الابتدائية في عمان انتظم جلالته في كلية فكتوريا في الاسكندرية في مصر، ومن بعدها في مدرسة هارو في انجلترا. وتلقى جلالته بعدها تعليمه العسكري في أكاديمية ساندهيرست الملكية للعلوم العسكرية في انجلترا.
نودي به ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب 1952 ولأن جلالته لم يكمل بعد الثمانية عشر سنة قمرية تم تشكيل مجلس وصاية ليتولى إدارة البلاد إلى حين الاستحقاق الدستوري لتسلم جلالته سلطاته الدستورية يوم 2 ايار 1953م حيث جرت مراسيم تسلم جلالته لسلطاته وفقاً للدستور.
ركز الملك الحسين بعد ذلك مباشرة على بناء بنية تحتية اقتصادية وصناعية لتكمل وتعزز التقدم الذي أراد أن يحققه لشعبه. وخلال عقد الستينات من القرن العشرين، تطورت صناعات الأردن الرئيسية، بما في ذلك الفوسفات والبوتاس والإسمنت. كما تم إنشاء شبكة من الطرق تغطي أنحاء المملكة كافة.
تتحدث الأرقام عن إنجازات الملك الحسين على الصعيد البشري. فبينما كانت خدمات المياه والمرافق الصحية والكهرباء متاحة أمام نسبة لا تزيد على 10% من الأردنيين في عام 1950، قفزت هذه النسبة لتبلغ 99% وارتفعت نسبة المتعلمين إلى 85,5% في عام 1996، بعد أن كانت 33% فقط عام 1960. وتظهر إحصائيات منظمة اليونيسف أن الأردن قد حقق في الفترة من عام 1981 إلى عام 1991 أسرع نسبة سنوية في العالم في مجال انخفاض وفيات الأطفال دون السنة من عمرهم 70 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة في عام 1981 إلى 37 وفاة لكل 1000 ولادة في عام 1991، أي بانخفاض مقداره 47%. ولطالما آمن الملك الحسين بأن الشعب هو أغلى ما يملك الأردن، فقد شجع طيلة سنوات حكمه جميع المواطنين - بما في ذلك الأقل حظاً والمعاقين والأيتام - على تحقيق المزيد لخدمة أنفسهم وبلدهم.
كما كافح الملك الحسين عبر سنوات حكمه السبع والأربعين لإرساء السلام في الشرق الأوسط. إذ كان له دور محوري في بلورة قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي صدر بعد الحرب العربية - الإسرائيلية في عام 1967. وينادي هذا القرار بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها خلال حرب عام 1967 مقابل السلام. وقد شكل هذا القرار العمود الفقري الذي استندت عليه جميع مفاوضات السلام اللاحقة. وفي عام 1991، قام الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وفي توفير "مظلة" تمكن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد أردني - فلسطيني مشترك. وتعتبر معاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994 خطوة رئيسية نحو تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط.
كما عمل الملك الحسين على حل الخلافات بين الدول العربية. فقد بذل جهوداً جبارة خلال أزمة الخليج بين عامي 1990 - 1991 لضمان انسحاب عراقي سلمي واستعادة الكويت لسيادتها وصدر عن الدولة الأردنية الكتاب الأبيض الذي يشرح الموقف الحقيقي والعقلاني للقيادة الأردنية من أزمة الخليج تلك.
كذلك كان سعيه هذا إلى تحقيق مصالحة عربية حقيقية، حافزة للتوسط في الحرب الأهلية اليمنية. وعلاوة على ذلك، كان جلالته ينادي في معظم خطاباته ومن معظم المنابر بتقديم المساعدة الدولية للتخفيف من المعاناة اليومية للشعب العراقي.
أسهم التزام الملك الحسين بالديمقراطية والحريات المدنية وحقوق الإنسان في جعل الأردن نموذجاً يحتذى بين دول المنطقة. وتحظى المملكة باعتراف دولي بأن سجل حقوق الإنسان لديها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي فتحت فيه الإصلاحات الأخيرة الباب أمام الأردن ليستأنف خياره الديمقراطي الذي لا رجعة عنه. وفي سنة 1990، عين الملك الحسين لجنة ملكية تمثل جميع أطياف الفكر السياسي الأردني لوضع مسودة الميثاق الوطني، الذي يعتبر اليوم - جنباً إلى جنب مع الدستور الأردني- بمثابة خطوط توجيهية لعملية المأسسة الديمقراطية والتعددية السياسية في البلاد.
وقد أجرى الأردن في الأعوام 1989 و1993 و1997 انتخابات برلمانية كانت باعتراف العالم من أكثر الانتخابات حرية وعدالة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.
وفي سنوات عمره الأخيرة، كان الملك الحسين يستمتع في الإبحار عبر شبكة الإنترنت، وكان يثمن عالياً الإنترنت كقوة قادرة على إحداث التقدم والتفاهم وما إرشادات الحسين بتزويد كل مدرسة أردنية بخدمة الإنترنت سوى دليل ساطع آخر على تراثه الخالد.
كانت حياة جلالته محور العديد من الكتب. وقام هو نفسه بتأليف ثلاثة كتب هي كتاب مشاغل الملوك (1962) والذي تناول طفولته وسنوات حكمه الأولى وكتاب حربي مع إسرائيل (1969) وكتاب مهنتي كملك.
ومثلما كانت معركة الحرب التي خاضها الاردن بكل شرف وشجاعة، كانت معركة السلام التي توجت بتوقيع معاهدة السلام مع اسرائيل في السادس والعشرين من تشرين الاول عام 1994، حيث أكد الاردن على ثوابته الاساسية والمتمثلة في تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الاوسط واقامة سلام مبني على قراري مجلس الامن الدولي 242 و338 وبما يضمن تلبية الحقوق الفلسطينية كافة، خصوصا إقامة الدولة المستقلة على التراب الفلسطيني.
لقد وقف الاردن في عهد الحسين الى جانب امته العربية والاسلامية بمواقف مشرفة واتسمت سياسته الخارجية بالاتزان والواقعية والاعتدال مما وضع الاردن على خارطة العالم دولة عربية تؤمن بالسلام وتعمل على تحقيق غاية الشعوب بنيل مستوى حياة افضل في ظل استقرار وامن عز نظيره بين دول المنطقة .
وتأكيدا للنهج الذي اختطه جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وترسيخا للرؤية الأردنية، وجه جلالته في 26 كانون الثاني 1999، ، رسالة إلى ولي عهده حينذاك جلالة الملك عبد الله الثاني يقول فيها: " وإنني لأتوسم فيك كل الخير وقد تتلمذت على يدي وعرفت أن الأردن العزيز وارث مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها العظيمة، وأنه جزء لا يتجزأ من أمته العربية، وأن الشعب الأردني لا بد أن يكون كما كان على الدوام في طليعة أبناء أمته في الدفاع عن قضايا ومستقبل أجيالها.
كانت هذه رؤية جلالة المغفور له الحسين طيب الله ثراه الثاقبة والصائبة ، فما ان وقع القدر المحتوم وما ان كانت مشيئة الله سبحانه وتعالى باختيار الاب والملك والانسان الى جواره راضيا مرضيا حتى كانت الوقفة الاردنية العظيمة التي آمنت بالقدر واستوعبت الحدث، فوقف الاردنيون بعزة واباء الى جانب الابن الملك والاسرة الهاشمية بهذا المصاب الجلل , فكان الوداع المؤثر للحسين في السابع من شباط 1999 يوم تجديد البيعة للقيادة الهاشمية الرائدة .
ان جنازة الحسين طيب الله ثراه التي وصفت بانها جنازة العصر كانت شهادة عالمية بمكانة الاردن الرفيعة، واعترافا بحكمة الحسين طيب الله ثراه اذ التقى قادة العالم وزعماؤه على الارض الاردنية وفاء للراحل الكبير وثقة بالقيادة الهاشمية التي تسلم رايتها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي سار بالاردن على درب الانجاز وتعزيز البناء الذي ارسى دعائمه الراحل العظيم .
د محمد خير العجلوني
ينتمي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني إلى الجيل الثالث والأربعين من أحفاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقد تسلم جلالته سلطاته الدستورية ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية في السابع من شهر شباط1999م، يوم وفاة والده جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه.
ولد جلالة الملك عبدالله الثاني في عمان في الثلاثين من كانون الثاني 1962م، وهو الابن الأكبر لجلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وصاحبة السمو الملكي الأميرة منى الحسين. تلقى جلالته علومه الابتدائية في الكلية العلمية الإسلامية في عمان عام 1966م، بداية، لينتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم بمدرسة إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراسته الثانوية.
التحق جلالة الملك عبدالله الثاني بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة عام 1980م، وبعد إنهاء علومه العسكرية فيها قلّد رتبة ملازم ثان عام 1981، وعيّن من بعد قائد سرية استطلاع في الكتيبة 13/18 في قوات الهوسار (الخيالة) الملكية البريطانية، وخدم مع هذه القوات في ألمانيا الغربية وإنجلترا، وفي عام 1982، التحق جلالة الملك عبدالله الثاني بجامعة أوكسفورد لمدة عام، حيث أنهى مساقا للدراسات الخاصة في شؤون الشرق الأوسط.
ولدى عودة جلالته إلى أرض الوطن، التحق بالقوات المسلحة الأردنية، برتبة ملازم أول، وخدم كقائد فصيل ومساعد قائد سرية في اللواء المدرّع الاربعين. وفي عام 1985، التحق بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1986، كان قائدا لسرية دبابات في اللواء المدرع 91 في القوات المسلحة الأردنية برتبة نقيب. كما خدم في جناح الطائرات العمودية المضادة للدبابات في سلاح الجو الملكي الأردني، وقد تأهل جلالته قبل ذلك كمظلي، وفي القفز الحر، وكطيار مقاتل على طائرات الكوبرا العمودية.
وفي عام 1987، التحق جلالة الملك عبدالله الثاني بكلية الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون في واشنطن العاصمة، ضمن برنامج الزمالة للقياديين في منتصف مرحلة الحياة المهنية، وقد أنهى برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية، في إطار برنامج ''الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية''. واستأنف جلالته مسيرته العسكرية في وطنه الاردن بعد انهاء دراسته، حيث تدرج في الخدمة في القوات المسلحة، وشغل مناصب عديدة منها قائد القوات الخاصة الملكية الاردنية وقائد العمليات الخاصة. خدم جلالته كمساعد قائد سرية في كتيبة الدبابات الملكية/17 في الفترة من كانون الثاني 1989 وحتى تشرين الاول 1989 وخدم كمساعد قائد كتيبة في نفس الكتيبة من تشرين الاول 1989 وحتى كانون الثاني 1991، وبعدها تم ترفيع جلالته الى رتبة رائد. حضر جلالة الملك عبدالله الثاني دورة الاركان عام 1990، في كلية الاركان الملكية البريطانية في كمبربي في المملكة المتحدة. وفي الفترة من كانون الاول عام 1990 وحتى عام 1991، خدم جلالته كممثل لسلاح الدروع في مكتب المفتش العام في القوات المسلحة الاردنية.
قاد جلالة الملك عبدالله الثاني كتيبة المدرعات الملكية الثانية في عام 1992، وفي عام 1993 اصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الاربعين، ومن ثم اصبح مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الاردنية، ومن ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد، وفي عام 1996 اعاد تنظيم القوات الخاصة لتتشكل من وحدات مختارة لتكون قيادة العمليات الخاصة. ورُقِّى جلالته الى رتبة لواء عام 1998، وفي ذات العام خلال شهري حزيران وتموز حضر جلالته دورة ادارة المصادر الدفاعية في مدرسة مونتيري البحرية.
بالاضافة لخدمة جلالته العسكرية كضابط، فانه قد تولى مهام نائب الملك عدة مرات أثناء غياب جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عن البلاد. وقد صدرت الارادة الملكية السامية في 24 كانون الثاني 1999، بتعيين جلالته ولياً للعهد، علما بأنه تولى ولاية العهد بموجب إرادة ملكية سامية صدرت وفقاً للمادة 28 من الدستور يوم ولادة جلالته في 30 كانون الثاني 1962 ولغاية الأول من نيسان 1965.
اقترن جلالة الملك عبدالله الثاني بجلالة الملكة رانيا في العاشر من حزيران 1993، ورزق جلالتاهما بنجلين هما سمو الأمير حسين الذي ولد في 28 حزيران 1994، وسمو الأمير هاشم الذي ولد في 30 كانون الثاني 2005، وبابنتين هما سمو الأميرة إيمان التي ولدت في 27 أيلول 1996، وسمو الأميرة سلمى التي ولدت في 26 أيلول 2000 ولجلالته أربعة أخوة وست أخوات.
ويحمل جلالة الملك عبدالله الثاني العديد من الأوسمة من الدول العربية والأجنبية. وهو مؤهل كطيار، وكمظلي في مجال الهبوط الحر بالمظلة. ومن هواياته سباق السيارات (وقد فاز ببطولة سباق الرالي الوطني الأردني)، وممارسة الرياضات المائية والغطس خاصة أنه قد تدرب على أعمال الضفادع البشرية، ومن هواياته الأخرى اقتناء الأسلحة القديمة.
ومنذ ان اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني سدة الحكم وجه جلالته حكوماته للعمل على ترسيخ سيادة القانون والحفاظ على امن الوطن استقراره وادارة شؤون الوطن في مناخ من العدالة والنزاهة وحسن الاداء . ركز جلالة الملك عبدالله الثاني على الواقع المجتمعي وسبل تنمية وتطوير النشاط الاقتصادي بما يعود بالنفع على تحسين معيشة المواطن اولا ، وسعى من اجل ذلك الى المشاركة في العديد من الملتقيات العالمية الاقتصادية والالتقاء برجال الاعمال والمستثمرين في شتى البقاع مما اسهم في جذب استثمارات فاقت التوقعات.
وشهد الأردن منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية تطورات مهمة في المجالات الاقتصادية، تمثلت بتعديل أنظمة وقوانين الاستثمار وتوقيع اتفاقيات عربية ودولية فتحت أسواقا تصديرية جديدة وسياسات نقدية ومالية
عمل جلالة الملك على جعل الأردن مركزاً اقتصادياً يجتذب الاستثمار ورأس المال وذلك ايماناً منه بقدرة الاردنيين وبمستقبل البلاد، وأصدر جلالته توجيهاته بتحديث القوانين والانظمة الاقتصادية لكي تتناسب ومرحلة التحول الاقتصادي وبشكل يلبي متطلبات العولمة والانفتاح ويخدم المصلحة الوطنية العليا.
وباشراف من جلالة الملك انجزت الحكومة حزمة من التشريعات والانظمة الاقتصادية التي تمثل في مجملها منظومة قانونية تنظم الاستثمارات وتحفزها من خلال المزايا التي ضمنها قانون تشجيع الاستثمار اضافة الى حماية الحقوق المرتبطة بالمشاريع التي ستنشأ في المملكة. وتم اصدار قانون لحماية حقوق الملكية الفكرية يتفق واشتراطات منظمة التجارة العالية والاتفاقيات التجارية الدولية.
وبتحديث التشريعات اصبحت معظم الفرص الاقتصادية متاحة امام رجال الاعمال والمستثمرين، وعالجت القوانين والانظمة الجديدة كثيراً من الاختلالات التي كانت تعيق جهود جذب الاستثمارات، كمااهتم جلالته بمشاريع التدريب والتأهيل بهدف الحد من البطالة وكان أبرزها تشكيل المجلس الوطني للتدريب المهني الذي بدأ عمله بتنفيذ خطة طموحة قوامها تدريب وتأهيل الآلاف من الشباب الاردني تمهيداً لادخالهم سوق العمل.
وشهدت النهضة العمرانية والبنى التحتية في عهد جلالته اضطرادا مستمرا ونقلة نوعية هائلة تمثلت بانشاء المناطق التنموية في عدد من المدن الاردنية وتنفيذ مشروعات عمرانية وسكنية متعددة شملت جميع محافظات المملكة مع اعطاء الاولوية لايجاد السكن الملائم للعديد من الفئات المجتمعية .
استطاع الكثير من الاردنيين وبشكل خاص فئة الشباب الاستفادة من فرص العمل التي تم توفيرها خلال السنوات الماضية، ومن بين هذه المشروعات مشروع استخدام مدنيين في القوات المسلحة الاردنية للعمل في قطاع الانشاءات والذي يجري تنفيذه بالتعاون مع الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب
واهتم جلالته بتطوير القضاء باعتباره ركيزة اساسية لمستقبل الديمقراطية والإصلاح السياسي والاقتصادي والتنمية الشاملة المستدامة، وشهد القضاء خلال العقد الماضي تطورات اسهمت في تعزيز استقلاليته وضمان تنافسيته وانسجامه مع أفضل الممارسات العالمية.
وفي مجال رعاية الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية اصدر جلالته توجيهاته لإعداد خطط التأهيل والتدريب للأئمة والوعاظ والخطباء , وجاءت رسالة عمان التي اطلقها الأردن عام 2004 لتشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف والدعوة للحوار، وتبرز صورة الإسلام الحقيقية المبنية على أسس الخير والعدالة والتسامح والاعتدال والوسطية.
وواصل جلالة الملك عبدالله الثاني جهوده الرامية الى احلال السلام في المنطقة وايجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين , وتركزت جهود جلالته على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
ودان جلالته العدوان الإسرائيلي فور حدوثه على قطاع غزة، وحذر من تداعياته على حق الشعب الفلسطيني ومستقبله وإقامة دولته المستقلة, وأطلق جلالته جهودا مكنت من وقف العدوان بأسرع وقت ممكن, كما أمر جلالته بتقديم المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة عدد من الجرحى في الأردن، بالإضافة إلى ارسال مستشفى ميداني عسكري ضم جهازا طبيا متكاملا لتقديم الخدمات العلاجية للأهل في غزة.
وترتكز سياسة الأردن العربية على أساس المواقف المبدئية والثابتة النابعة من التزام الأردن التاريخي والقومي للدفاع عن مصالح الأمة وخدمة قضاياها العادلة, وحرص الاردن في عهد جلالته على تقديم كامل الدعم من اجل تعزيز التضامن العربي ومأسسة العمل العربي المشترك، وبلورة مواقف موحدة للتصدي للتحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية.