العين وصفي التل يناقش موازنة الدوله عام1969
العين وصفي التل يناقش موازنة الدوله عام1969
بين يدي كلمة لرئيس الوزراء وصفي التل، عندما كان عيناً في مجلس الأعيان في العام 1969، يناقش فيها الموازنة العامة، وفي ثناياها نقدٌ شرس للحكومة وسياساتها ومسارها، أختار منها المقتطفات التالية..
".. من هنا جاءت قصص رخص سيارات الديزل ورخص التركات ورخص قطع الغيار وإعطاء التعهدات وتعيين المحاسيب والأنصار بغض النظر عن أهليتهم أو كفاءتهم، ومع هذه القافية جاءت قصص الرز والسكر والجوازات وتعهدات الأسفلت وأموال القسم التجاري وكوموسيونات المشتريات، ووصلت الأمور حدّاً دفع بأحد السادة الوزراء إلى كتابة كتاب رسمي بموضوع بالذات طالباً من رئيس الوزراء معالجة الموضوع ولم يتخذ أي إجراء على هذا الكتاب..".
".. من أوجه هذا الهدم وهذا النكران للجميل التشكيك بقيم هذا البلد وبمستقبله والاستهانة بقوانينه وأنظمته، واعتبار ماله وموارده وتقاليده وأصوله ومصادر رزقه مالاً مباحاً كأنما تخص مال إنسان ميت لا عزوة له..".
".. آثار هذه المعالم المؤسفة وتفاصيلها يعرفها القاصي والداني، هذه المعرفة أنتجت لا أبالية عامة وميوعة في أجهزة الدولة وتصاعدت نتيجة لذلك كل عوامل الفساد والانحلال في كل مجال، هذا التصاعد حتى في أيام السلام والدعة يكفي لتقويض مجهود أي دولة فما بالنا ونحن في معركة يفترض أن تتحول الحكومة عندنا إلى مستوى الأنبياء والصحابة بسبب قداسة المصير وقداسة معركة المصير..".
"..على الحكومة ألا تفسر الانضباطية التي يتحلى بها هذا البلد على أنها خوف أو جهل أو عدم معرفة. النقمة وصلت إلى كل مواطن سواء كان فلاحاً وراء محراثه أو جندياً في خندقه. إن مراد هذه الانضباطية التي هي من شيم البلد هو رغبة كل مواطن ألا يشوش على حكومة ولاها جلالة الملك من جهة، ومن جهة أخرى تقديراً من كل مواطن لدقة الظرف وحرج الأحوال".
"على ماذا نصوّت؟ على سياسة الإبداع في تخريب هذا البلد والإبداع بالسير به نحو الهاوية والإبداع بالتشهير به وبأهله ومؤسساته أثناء التبجحات المعروفة لأركان الحكومة في حفلات السراب والطبيخ، في وسعي أن أستطرد إلى ما لا نهاية في تعداد عشرات المآخذ والمثالب. في وسعي تعداد انحرافات ورشوات تبلغ قيمتها مئات الألوف وربما الملايين من الدنانير..".
"كان هذا البلد مضرب المثل في حسن استخدامه لموارده المحدودة وفي نظافة أجهزته وحزم إدارته. الرشوة والميوعة و(شلة الحكومة) جعلت منا موضع غمز ولمز لا يرضاها مخلص..".
".. البلد لا يستحق سوى الأجلاء الأعزاء رغم تآمر اللاأبالية والفساد على سمعته. لقد أوصلت هذه الحكومة الأمور في هذا البلد الطيب إلى درجة من الفوضى والهوان والفساد حداً لا يصح السكوت عليه كائنة ما كانت الظروف..".
".. الذين يعتقدون أن هذا البلد قد انتهى واهمون، والذين يعتقدون أن هذا البلد بلا عزوة واهمون كذلك، والذين يتصرفون بما يخص هذا البلد كأنه (جورعة) مال داشر واهمون كذلك، والذين يتصرفون كالفئران الخائفة على سفينة في بحر هائج سيغرقون هم كما تغرق الفئران وستبقى السفينة تمخر العباب إلى شاطئ السلامة..".
"لا مكان للفساد ولا مكان للرشوة.. ولا مكان لتلون وجوه الميدان فقط للصابرين الصادقين.. ذوي الرأي الجريء الصريح..".
هكذا تحدث وصفي التل في 9 آذار (مارس) 1969!