لا يمكن تطوير تعليمنا دون تجديد الدماء
لاشك بأن التخطيط والتطوير والتغيير أحد ركائز النجاح الذي تسعى إليه كل دوائرنا الحكومية في ظل المتغيرات الفنية والتقنية الراهنة ، ومن هذا المنطلق سعت وزارة التربية والتعليم في بلادنا الغالية جاهدة للرفع من كفاءة منسوبيها عن طريق الكثير من الدورات التدريبية ذات العناوين المختلفة والشاملة والدقيقة والتي لو نفذت كما هو مرسوم لها لكانت كفيلة بتغيير الحالة المؤسفة التي تعيشه مخرجات تعليمنا منذ زمن ولم نستطع تغييره .
إنني أشكر وزارتنا الطموحة وأشفق عليها في نفس الوقت ذلك لأنها وكما يقول المثل الشعبي ( تنفخ في قربة مخرومة ) فالكثير – وليس الكل - من الكوادر البشرية القابعة على رأس الهرم التعليمي في الإدارات العامة أو على مستوى إدارات المدارس ليست لديهم الرغبة أو الإمكانية في التغيير، بل وفي حالات كثيرة هم مقاومون للتغيير بجميع أشكاله ، يريدون أن يبقى الحال كما كان منذ سنوات وليس لديهم أدنى استعداد لبذل أي جهد ولوكان تافها لاستقبال خبرات جديدة حتى لوكانت في صلب العملية التربوية .لنرى مثلا تصرفاتهم عندما يلزمون بحضور أي دورة تدريبية . يأتي المدرب المنفذ وكله حيوية وتميز وإبداع فيفاجأ بأنه يصطدم بهذه الفئة الجامدة التي تقتل كل محاولة للإبداع فهم إبتداءا لا يحترمون وقت الدورة الذي فرغوا فيه عن الذهاب لمدارسهم فتجدهم يحضرون بعد الوقت المقرر للبداية بساعة وربما أكثر ويطلبون الإنصراف قبل الوقت المقرر كذلك ، وهم كذلك لايحسنون مهارة الإصغاء فسرعان ما يدخلون في أحاديث جانبية لا علاقة لها بموضوع الدورة فينصرف جزء من الوقت ليس بالقليل لرجاء هذا وذاك للاستماع ناهيك عن الاتصالات الطارئة التي يزعمونها .وكذلك هم كما أسلفت لايسمحون بمحاولة إضافة جديد فترى التذمر والتشاؤم ظاهرا على محياهم من هذا الهراء الذي يسمعونه زاعمين بأن لا علاقة بما يقوله هذا المسكين بالميدان وأنه مجرد مضيعة للوقت لاطائل منها .
بالتالي والحال كما ذكر فالنجاح الذي تنشده الوزارة وتسعى إليه يصعب تنفيذه أو على أقل تقدير يتأخر لفترات يجعلنا دائما في ذيل القائمة والسبب هو اصطدامه بهذا العائق البشري الذي هو مفتاح النجاح أو الفشل ولا يمكن تجاوزه للسير في طريق التميز والإبداع إلا بالعمل على إزاحة أمثال أولئك المتخاذلين عن احتلال مواقع قيادية على اختلاف أماكنهم.
إذ كيف نعمل على تطوير وتحسين التعليم في مدارسنا والقفز به لمسايرة العالم من حولنا و قائدها أو مديرها لا يحسن أو لا يريد أو لا يستجيب لتنفيذ القرارات التعليمية التطويرية بل ويحاربها ويختلق الأعذار في إثبات عدم جدواها ، إن فاقد الشئ لا يمكن أن يعطيه وإذا ما أردنا فعلا تغيير واقعنا التعليمي فإنه يجب أولا أن نغذيها بكوادر طموحة تحمل الكفاءة والقدرة والرغبة الحقيقة للتغيير ولديها الإمكانات للإنسجام مع كل المستجدات التطورية وتطبيق كل ما يرد إليها من تعليمات بجد ونشاط وحبذا أن تكون تحمل حماسة الشباب وطموحه ، فما الذي يمنع أن يدير المدرسة شاب ولولم تمتد سنوات خبرته لعشرات السنين ولكن لديه من الطموح والقدرة على مسايرة المستجدات وتنفيذها ما يغني عن سنوات الغفلة تلك وإلزام كل من ليس لديه القدرة والكفاءة على الإبتعاد أو الإبعاد -إن لزم الأمر- إلى مواقع أخرى تناسبه . ليس ضروريا أن يبقى مدير المدرسة في مكانه إلى أن يصل إلى سن التقاعد حتى ولو لم يكن منتجا أو فاعلا ، كفانا مجاملات ومداهنات على حساب أبنائنا وبناتنا وتعليمنا وليعاد تقييم الكوادر البشرية القابعة منذ سنين على رأس هرمنا التعليمي فهي المفتاح الحقيقي لأي نجاح وكذلك العكس صحيح ، وإلا فإننا كما أسلفت سنعيق الحركة التطويرية الشاملة ونبقي تعليمنا دهورا من الزمن في خانة الزحف البطئ نحو الأهداف المأمولة .