« الجسر »
في منطقة ريفية مليئة بالأشجار والجداول والسهول عاش أخوان في مزرعتين متجاورتين .
عاشا طوال 40 سنة بسعادة وهدوء, تقاسما الأدوات وتعاونا معا بشكل تام ولكن في أحد الأيام نشب
جدال بينهما وفي دقائق معدودة احتدم الصراع والنقاش وتحول إلى أزمة جدية ، لأول مرة منذ 40 سنة .
و تطور الصراع إلى قطيعة بينهما و في صباح أحد الأيام سمع الأخ الأكبر طرقات على باب بيته
وعندما فتح الباب قابله شخص يحمل صندوقا فيه أدوات نجارة
فقال النجار : إنني أبحث عن عمل منذ أيام : لربما تحتاج إلي في عمل ما فأنا مستعد
قال الأخ الأكبر :نعم لدي عمل, أنظر ناحية الجدول في طرف المزرعة هناك توجد مزرعة أخي
الصغير وقبل أسبوع كان يفصل بين مزرعتينا سهل أخضر ومرعى مشترك ولكنه قام بحفر هذا
الجدول بجرافته الضخمة وصنع منه فاصلا بين المزرعتين, لقد قام بهذا العمل لكي يغضبني ولكنني
أريد أن أريه من هو الأخ الأكبر ! أترى كومة الأخشاب بجانب المخزن ؟
إني أريد منك أن تبدأ حالا ببناء جدار من الخشب بارتفاع ثلاثة أمتار كي لا أضطر إلى رؤيته ورؤية
مزرعته .
قال النجار أعتقد أنني فهمت الوضع, سأقوم بالعمل بشكل يرضيك .
في نفس اليوم كان الأخ الأكبر قد قرر السفر لشراء بعض اللوازم والقيام ببعض الترتيبات في
المدينة المجاورة , لهذا فقد قام بإرشاد النجار إلى العمل المطلوب وخرج مسافراً إلى المدينة .
بدأ النجار يعمل بهمة ونشاط , قام بالقياس والنشر والحفر وتثبيت الأخشاب بالمسامير وعند الغروب
وفي نفس الوقت الذي عاد فيه الأخ الأكبر أنهى النجار عمله .
نظر الأخ الأكبر وعجز عن الكلام فلم ير الجدار المتوقع ولكنه رأى جسراً منتصباً مكانه ممتداً ما
بين مزرعته ومزرعة أخيه الأصغر فوق الجدول وعلى جانبي الجسر حاجز صنع ببالغ الجمال
والإتقان , وبينما هو ينظر ويحدق ويطيل النظر رأى أخاه الأصغر يقف في الطرف الثاني من الجسر
ويمد يده إلى الأمام ويقول : أنت رجل عظيم يا أخي بقيامك ببناء هذا الجسر بيننا بعد كل ما بدر مني
, وقف الأخوان عل طرفي الجسر لحظة أخرى ثم تقدما حتى التقيا في وسط الجسر فتصافحا وتعانقا
بحرارة .
التفتا إلى النجار فإذا به يقوم بجمع أدواته ويحمل صندوقه على كتفه , ويهم بالرحيل
فقال الأخ الأكبر انتظر , قف , إنني بحاجة إليك لعدة أيام أخرى , لدي كثير من الأعمال التي تستطيع
القيام بها .
فقال النجار : يا سيدي يسعدني البقاء ولكن لدي المزيد من الجسور التي يجب علي القيام ببنائها ...
/
\
ليتنا نمد جسور التسامح عندما تعلو بيننا جدران الخصام ليتنا نُقبل على من يحاول مد جسوره
لنا ولا نتكبر عليه ليتنا نجعل من أنفسنا رسل سلام بين المتخاصمين لا شياطين تفرقة
ليتنا و يا ليتنا
: