راقب تصرفاتك
راقب تصرفاتك
راقب تصرفاتك
انظر إلى حركات تقوم بها لا إراديا...أثناء جِلستك مثلا...أو حديثك للآخرين أو كلمة تكررها دائما في غير محلها...أو ربما تشبك بين أصابعك...أو تعضُّ إصبعك...أو تضع كفك على خدك...أو يدك على فخذك...أو تعبث بلحيتك...وتكون هذه الحركات أثناء الجلسة ملازمة لك...فلو غيَّرت الحركة تشعر بشعور غريب مضطرب حتى تعود إليها...إنها مرتبطة بشعور في نفسك...وإحساس سلبي غير جيد...قد يكون حزنا أو خوفا أو خمولا أو غضبا أو صورة مررت بها سيئة...
فماذا تفعل لتتخلص منها وتحصل على نتائج طيبة ؟
أولا:
اجعل لنفسك رقيبا عليها...من نفسك وذلك في ذهنك...يراقب تصرفاتك أثناء حياتك اليومية...سواء داخل البيت أو مع نفسك أو مع أبنائك وزوجك...أو خارج البيت مع زملائك أو في خضم الحياة...
ثانيا:
بعد التدريب المتواصل للرقيب...حتى يسْلُسَ قياده...ويعرف مهمته...ويتقن فنَّ مراقبته...فإذا أمسك بحركة لازمة ليس لها معنى، مثل ما ذكرت سابقا فاتركها وحرك يدك حركة مضادة لتلك الحركة...فإن كنت ممن يشبك بين أصابعه دائما...فافتح يديك مادًّا ذراعيك للخلف وكأنك تمارس تمرينا رياضيا خفيفا...وإن كنت ممن يعبث في لحيته أو في جيبه أو في قلمه فخالف اتجاه حركة اليد...إن كانت الحركة اللازمة لك فوق فأنزل يدك تحت مع تحريكها يمينا أو شمالا، مع تحريك أصابعك بحركة سريعة، فيها شي من الرياضة لها...ويا حبذا لو كانت الحركة خفيفة وسهلة لا يلحظها جليسك...
ومضة :
قد تكون الحركة جيدة ومفيدة...فمثلا بعض الناس لايستطيع الحديث بحرية وانطلاقة حتى يضع في يده مِسْبَحة يعبث بها، فإذا نسيها أو ضاعت منه... فماذا عساه فاعلا ؟
سينزل نشاطه في حديثه إلى النصف أو أكثر أو أقل؛ لأن الحركة مرتبطة في ذهنه بالتحدث الجيد فلما لم تكن موجودة فكأنه فقد شيئا مُهمًّا فينزل في مستوى حديثه.
وهنا أود أن أقول: لاتربط نفسك بأي حركة حتى لاتكون أسيرا لها، فتستطيع أن تتحدث وفي يدك المسبحة...وتستطيع أن تدخلها جيبك وتتحدث ببراعة وإبداع.
وإن كانت الحركة ذهنية؛ كأن تركز على فكرة ما أثناء استماعك لحديث زميلك...أعني إذا أنصتَّ إلى حديث أحد الناس فإن ذهنك يقفز إلى صورة واحدة، ربما تكون: كيف أرد عليه؟ أو كيف أنهي حديثي معه؟ أو لماذا هو أحسن مني في بعض الصفات؟ فبمجرد تذكرها والتركيز عليها تنشلُّ حركة ذهنك؛ فلم يعد تركيزك الذهني كما عهدته حيث الصفاء والإبداع...بحيث لو سألك صاحبك مسألة حسابية سهلة ربما لارتبكت ولم تجب كما ينبغي... لماذا؟ لأن ذهنك مركز على فكرة مرتبطة بشعور سلبي . فماذا يجب أن تفعله في هذه الحالة...؟
أولا :
نفترض أنك قد درَّبت نفسك على الرقيب...فإذا أخبرك الرقيب بهذه الحالة فغير جِلستك إن كنت جالسا...بتحريك يديك...بأخذ كوب الماء وتقديمه لمحدثك...وإن كنت واقفا فتحرك قليلا...أو حرك يدك أو رجلك حركة خفيفة لاتخل بمقام الحديث
ثانيا :
احفظ مواقف لطيفة ومفيدة، سواء من التاريخ أو من الأحاديث النبوية، أو تفسير آية، أو قصصا جميلة ذات مغزى؛ تسعفك في هذه اللحظات، تشارك بها صاحبك في الحديث...أوغيرها من الحديث...المهم أن تبادله الحديث وتندمج معه...
ثالثا :
جيد لو كانت لديك نكتة طريفة، تناسب المقام تذكرها؛ ليضحك وتضحك، أو تستغل موقفا من الحديث لتجري عليه طرفتك...وهكذا
رابعا:
بعد ذلك ستذهب بإذن الله الفكرة المسيطرة على نفسك...فإذا ذهبت...فلا تلحق بها...بل دعها وشأنها وقل يكفي منك ما حصل...
وهذه الحالات الأربع خاصة بالتركيز الذهني...أما الحركات الجسمية فالتخلص منها أسهل وقد مرّ الحديث عنها في البداية...
أسرار الحديث
السر الأول :
أن تجعل الوقت من العلاج...فلا تتصور أنك إذا اكتشف الرقيب عادة لازمة عندك أنك خلصت منها...لا، ولكنك بدأت الخطوة الأولى للخلاص منها...ولابد من التدرج في ذلك...مثلا إذا أعطاك الرقيب بأن عندك أكثر من حركة...فخذ مثلا الكلمة اللازمة المتكررة في حديثك، مثل أعني، فهمت، صح أو لا... هنا اجعل أسبوعين لمراقبة كلمة واحدة...ثم طبِّق العلاج حتى تكون النتائج بإذن الله: تكرارها خمس مرات بدلا من عشر مرات...صحيح لم تنته ولكنك أنجزت إنجازا كبيرا حيث أنقصت العدد إلى 50 %... والباقي خلال أسبوعين آخرين حتى تخلص منها...
السر الثاني :
التركيز على قضية واحدة لفترة من الزمن حتى تنتهي وتنجح في التخلص منها ...ثم انتقل بعد ذلك لغيرها...وهكذا حتى لو وصل بك الأمر إلى أشهر، المهم أنك تجد نتائج جيدة...فإذا لم تجد نتائج فعد إلى الرقيب ودرِّبه جيدا حتى يكون صيَّادا ماهرا...ثم واصل...
السر الآخير:
ثق ثقة تامة بأن الناس من حولك لايعرفون شيئا عما في نفسك؛ من جعلك رقيبا من نفسك عليها...ومن متابعة الرقيب لتصرفاتك...ومن حركاتك التي تغيرها...بشرط أن تكون خفيفة في حدود المعقول...
بقي أن أقول متى يكون نجاحك في ذلك...؟
الناس في هذا الأمر ثلاثة :
الصنف الأول: شخص لم يستطع أن يجعل لنفسه رقيبا...وهذا لن يتقدم في هذا المجال بشيء.
الصنف الثاني: شخص يستطيع أن يجعل لنفسه رقيبا...مع وجود ضعف فيه...فهو يصطاد مرة ويخطئ مرات... بمعنى أن في الجلسة الواحدة مثلا للشخص خمس حركات غير مرغوب فيها...رقيبه يصطاد واحدة أو اثنتين ويفلت منه الباقي...وهذا الصنف سيحقق نتائج جيدة ويحتاج إلى عزيمة قوية وصبر ووقت...
الصنف الثالث: شخص رقيبه حاضر حيث درَّبه كثيرا على الالتقاط...فهو يصطاد ما يجد من حركات أو مواقف، سواء كانت قديمة أوجديدة...فهذا يحصل بإذن الله على نتائج أقوى وأكثر فاعلية في وقت وجيز بشرط أن تكون لديه الرغبة والإصرار على تحقيق مايريد.
همسة :
أخي القاري: جربها وتدرب عليها فإنك بإذن الله ستتخلص من مشاكل ربطتها لنفسك، أو ربطها لك غيرك بمواقف ليست جيدة...نعم تستطيع أن تحقق فيها نتائج بدون حاجة إلى مساعدة أحد سوى الله عزوجل الذي إليه الملتجأ والمشتكى والمستعان .
طرفة :
ومن الطرائف التي مررت بها أن كنَّا في سنة من السنوات، أثناء شرح المدرس لاننتبه لما يقول من شرح الدرس، اللهم إلا لكلمة واحدة يكررها، فماذا كنا نفعل؟ كل طالب يعد كم مرة قالها الأستاذ...وذلك لكثرة ترداده لها وقد تصل أحيانا فوق المئة في الدرس الواحد، الكلمة هي أليس كذلك .
