قبل فوات الاوان تحكم بذاتك ....
قبل فوات الاوان تحكم بذاتك ....
الأحاسيس ريح تدوّر الأفكار والأفكار طاقةٌ تعزّز الإعصار
تحكّم بذاتك قبل فوات الأوان!
حالة طوارئ داخلية!
إنّ الفكرة تغذي الأحاسيس, ثم تعود الأحاسيس – بدورها – لتؤثر في الفكرة, ويستمر الأمر هكذا عبر حركة متراوحة مكوكية بين الأفكار والأحاسيس, وهذا ما أسميه " حركة الطوارئ الداخلية".
أذكر أنّني كنت مستضافاً في إحدى الحلقات التلفزيونية, واتصلت إحدى المشاهدات بالبرنامج وقالت إنها تدمن أحد أنواع المياه الغازية, فعرضتُ عليها أن تتناول حبوباً علاجية معينة تقلل الشهية, ولكنّها كانت لا تفضل العلاج بالحبوب..
كيفما تشعر تفكّر وكيفما تفكّر تشعر
قلتُ لها ما نسبة احتياجك لها الآن؟ فقالت 50%, فقلت لها هل تستطيعين أن تصلي بهذه النسبة إلى 60%؟ قالت: نعم, إذا كانت المياه باردة.
فقلت لها هل تستطيعين أن تصلي بهذه النسبة إلى 70%؟ قالت:نعم إذا كان الجو حاراً, قلت لها : هل تستطيعين أن تصلي بهذه النسبة إلى 80 %؟ قالت: نعم, إذا كنت قد تناولت تواً وجبة دسمة, فقلت: أنا أستطيع أن أصل بهذه النسبة إلى 120% إذا كانت المياه باردة والجو حاراً وتناولت وجبة دسمة, فردت مستاءة: "لقد اتصلت بكم حتى تساعدوني على الإقلال من تناول المياه الغازية لا لتساعدوني على الإكثار منها".
فقلت لها: إنما أردت أن أعلمك أن الأفكار تحرك الإحساس وتغذيه ثم يعود الإحساس لينمي الأفكار.. وهكذا حتى يصل الجسم إلى حالة إثارة وانفجار, أنا أسميها حالة "الطوارئ الداخلية".
سأعلمك ِ الآن كيف تنخفض نسبة الأفكار. هل تستطيعين أن تخفضي النسبة إلى 80 % ؟ قالت :نعم إذا كانت المياه ساخنة, فقلت لها: هل تستطيعين أن تخفضي النسبة إلى 60% قالت : نعم إذا كان الجو قارساً , قلت لها: هل تستطيعين أن تخفضي النسبة إلى 40% ؟ قالت : نعم إذا كنت قد تناولت لتوّي وجبةً أسرفت فيها حتى شعرت بأنني إذا شربت شربة واحدة فسوف أتقيأ. قلت لها أنا سأخفض النسبة لك حتى الصفر أو تحت الصفر! أمستعدة أنت الآن؟ قالت: نعم!
فقلت لها : تخيلي أنّ في يدك زجاجة المياه الغازية وهي ساخنة جداً والجو شديد البرودة قارس, وقد تناولت وجبة دسمة لم تترك في معدتك متسعاً لشربة واحدة, وتخيّلي أنّك حين حاولت أن تتجرعي شربة منها أنها أخذت تحرق حلقك وأحسست أنك سوف تتقيئين وتخيلي كذلك أنك لاحظت وأنت تتجرعين تلك الشربة دودة تدخل في فمك وتسربت إلى أمعائك و...
فأغلقت السيدة الهاتف من فورها! وفي نهاية الحلقة اتصلت مرة أخرى, وطلبت أن تتحدث إليّ فقالت: "حقاً لقد كرهت هذه المياه الغازية لكنني كرهتك أنت شخصياً".
كيفما تنظر تبصر وحيثما توجّه أفكارك تصل
ماذا فعلتُ؟
لقد جعلتها تفكر في فكرة معينة, وما دامت قد أدركتها فلا بد أن يفكر العقل فيها فالإدراك أصبح فكرة , ثم صاحبها إحساس فما دمت قد قدمت لها معنى فلابد أن يصحبه إحساس, فكل فكرة مرتبطة بإحساس , وكلما زادت الفكرة زاد الإحساس المصاحب لها عبر حركة متراوحة بين العقل العاطفي والعقل التحليلي حتى نصل إلى حالة الانفجار أو حالة "الطوارئ الداخلية".
الإحساس والسلوك
كيف تتحكّم بذاتك؟
يمكنك ذلك عن طريق التحكم في الأفكار, فعندما تنخفض قوة الأفكار شيئاً فشيئاً تنخفض قوة الإحساس , وكيف نقوم بذلك بسرعة؟
ضع التحديات في مكانها الطبيعي, ولا تدرك الأمور أكبر من حجمها. فإذا حدث أن غضبت من أمر ما مع شخص معين فلا تقل:" أنا غاضب من فلان" بل أنت غاضب من سلوك صدر عن ذلك الشخص. حدّد ما أنت غاضب منه بدقة؛ لأن العقل يتعامل مع ما تحدده من أفكار.
وبالتالي تنبعث الأحاسيس تبعاً لما حددته من أفكار, وما دامت الأحاسيس على قدر الأفكار فسوف تتعامل معها تعاملاً أسرع وبصورة أيسر.
وإن بالغت في الأفكار فسينتج عن ذلك أحاسيس مبالغ فيها, فإذا قال شخص ما : "أنا مكتئب" فإن هذه الفكرة تصبح في الزمان والمكان والمادة والطاقة, وهذه الأربعة موجودة في موضع يسمى "الكونتم" وهي تتحكم في سلوك الإنسان..
أنت تثير المشاكل لنفسك حينما تقول أنا مكتئب, أنا حزين, أما ضعيف الذاكرة, أنا فاشل.. أي حينما تقول أنا وتضع بعدها أمراً سلبياً أو أي شيء, لأن العقل يعتبر ذلك اعتقاداً.
يشير أحد العلماء في جامعة هارفارد إلى أن "أول شيء تقوله لنفسك يتحول إلى اعتقاد .. غير اعتقادك تتغير حياتك" غيّر أفكارك تتغير حياتك , غير أحاسيسك وإدراكك تتغير حياتك , كل هذه الأمور تنبع من الإدراك الذي يتحول إلى فكرة ذات معنى, ثم يتم التركيز عليها ثم تصدر الأحاسيس التي توجه السلوك , والسلوك يعطي نتائج تشكل الواقع.
فإذا أردت أن تغير واقعك غيّر إدراكك لأنك تستخدم الأفكار وتعطيها طاقة وتبذل جهداً ووقتاً..
فلا بد أن يكون ذلك في الاتجاه الصحيح الذي يحسّن صحتك ويحقق أحلامك لذا يتعين على الفرد أن يدرك أن لديه قدرات غير محدودة وأن يدرك أن لديه أهدافاً وأن يدرك السبب الأساسي في نتائجه.
كيف تصبح الواقع الذي تحب أن تراه؟..
أفكارك وإدراكك يحددان واقعك ونتائجك
يشكو كثير من الشباب من البطالة ومن أنهم لا يجدون عملاً بعد تخرجهم من الجامعة , والسؤال هو:
لمَ تركز على الجانب السلبي للأمور؟ لمَ لا تنظر إلى الجانب المشرق؟
لا بد أن تثابر في العمل, لا تيأس ولا تتقهقر من أول جولة, فمن أدام الطرق على الباب يوشك أن يُفتح له, والنصر والنجاح لا يتحققان إلا مع الصبر.
تحدثنا عن مصادر الإحساس وأسبابه , وأشرنا إلى أنّ الإدراك والتخيل والتذكر عمليات تحدث معاً، فلا يمكن أن تتخيّل شيئاً دون أن تدركه ولا يمكن أن تستدعي شيئاً من الذاكرة دون أن تتخيله, وإدراكك للشيء يعطيه معنى, والمعنى يعطي أحاسيس توجّه - بدورها – السلوك. وإدراكك للإحساس – كما ذكرنا- هو بداية تغيير هذا الإحساس.
كل ما تحدّث به نفسك وتربطه بأحاسيسك وتكرّره يصبح اعتقاداً, وإذا كرّرته أكثر أصبح برمجة راسخة تلقائية. أي نوعاً من التكيّف العصبي وتلك هي الميكانيكية التي تتكون بها العادات لدى الإنسان. فكلّ ما تحاول أن تفعله يكون في أول الأمر صعباً, ثم يصبح سهلاً ومع التكرار تفعله تلقائياً ويصير عادة.
وعلى هذا الأساس يمكننا أن نحدث عادات إيجابية في حياتنا , فإذا تحدثت إلى نفسك بطريقة إيجابية وأثرت في نفسك أحاسيس سارة متفائلة وكررت ذلك غير مرة ستخزّن وتصبح عادات إيجابية , وسيمكنك الاستفادة منها في الوقت المناسب.
لذا كثيراً ما أكرر أنه من الأهمية بمكان أن ننظّف الماضي بأن يدرك الفرد ملفاته العقلية وأفكاره وتركيزه وأحاسيسه وسلوكه حتى يبدأ التغيير من الإدراك, فإن لم تدرك أفكارك فسوف تتحرك هذه الأفكار في دورتها وتتحرك نحو التركيز ثم ستنبعث الأحاسيس المرتبطة بها, ثم ستوجّه هذه الأحاسيس السلوك, وبهذا تكون قد جعلت دورتك الذهنية تعمل ضد مصلحتك. لكنّك بمجرد أن تدرك ستبدأ في رفض الأفكار التي لن تصل بك إلى تحقيق أهدافك أو لن تحسن صحتك أو علاقاتك مع الآخرين, ومن ثم ستنفصل عن التجارب السلبية وتتصل بالأساليب الإيجابية.