هي تحبه .. وهو يحب غيرها !! __ 1
حذفت المقدمة التي كنت قد أعددتها ،
ولم أبقِ منها سوى على خاتمتها ،
لأترك للقارئ فرصة أن يخترع مقدمة
تتلاءم مع هذا الحوار العجيب ..!!!
= =
(....واستطاعت في يسر أن تعرف رقم هاتفه ،
فأصبح لا هم لها إلا أن تقتنص منه حديثا ، وأخذت تلح عليه
أنه لا حرج عليه أن يحدثها عن بعد ، حيث لا تراه ولا يراها ،
فقد تكون في تلك الساعة في غرفتها ، وهو في منزله ...!!
وتكررت محاولاتها واستماتت ..
ويبدو أنه رآها فرصة سانحة لينصحها ، ولكن بطريقة مثيرة ،
ربما تجعل حياتها تنقلب رأسا على عقب ..ربما ....
وقال في نفسه : لعل الله ساق هذه الفتاة إليّ لتسمع ما ينفعها ،
فلأخاطب فيها فطرتها ، وأحرك فيها روحانيتها ..لعل وعسى ..
على هذه النية سمح لنفسه أن يسترسل معها في تلك المكالمات
التي تكررت ثلاث مرات فحسب ثم انقطعت تماماً ..
ومع هذا فقد أقدم على هذه الخطوة على خوف وفي قلق ،
خشية أن تكون خطوة من خطوات الشيطان ، يزين العمل ليبدو عمل خير وهو موصل إلى شر !
= =
نسوق هنا مجمل تلك المكالمات بلا ترتيب ،
لتبدو كأنها حديث متصل .. ولذا قد تتكرر بعض المعاني ،
فلزم التنويه ..
وسنلاحظ كيف أن طرفا يحاول أن يشد الطرف الأخر إلى السماء ،
بينما الطرف الثاني يجهد أن يشد الأول إلى القاع ..!
فلنتابع ...
= =
قالت : على كثرة من يحومون حولي ، لكني أهواك أنت دون غيرك ..!
قال : وأنا أهوى رضاه هو دون غيره ..
فإذا نلت رضاه فعلى الدنيا وأهلها العفاء ..!
قالت : ألا تصدقني ..إني أحبك أنتَ ..أنت وحدك ..لا يعنيني غيرك .!
قال : لكن قلبي مشغوفٌ بحبه هو وحده .. لا يحب أحداً غيره ،
ولا أحب من الناس إلا من طلب مني هو أن أحبه ،
فأنا أحبهم لأحصل على رضاه هو ..!
فحبي لهم فرع من حبي له .. !
وأنتِ يبدو أنكِ خارج هذه القسمة ..!
قالت : ولكني متعلقة بك كل التعلق ..
قال : غير أني متعلقٌ به هو كل التعلق....!
آآآآه لو تدرين كيف تكون قلوب المحبين له ،
وأي مباهج سماوية يتقلبون فيها ...!
قالت : وأنا أؤكد لك أنني أحبه أيضا كما تحبه أنت ..!!
قال : وهل على الكلام جمارك !!؟ ازعمي كما تشائين ..
ولكن هل أعمالك تبرهن على حبك له ؟؟
هل اختيارك لملابسك على الوجه الذي يريد هو ؟
هل سلوكياتك كلها تنطلق من أجل تحصيل رضاه عنك ؟
هل رأيت محباً يخالف محبوبه فيما يطلب منه !؟
فانظري كيف التزامك بما أمرك به ..ثم قيسي حبك على ضوء ذلك..
قالت : دعنا من هذا الحديث الذي سيجرنا إلى محور آخر ..!!!!
وأخبرني ألا يمكن أن يكون لي حظ فيك ..
قال : ليس في قلبي حظ لسواه ، حتى أعطيه لأحد غيره ..!
قالت : لو سمعت خفقات قلبي وعرفت ترجمتها ، لعلمت كم أنا أهواك..!
قال : ولو سمعت خفقات قلبي
لأدركتِ أني لا يمكنني أن ألتفت إلى أحد غيره ..
وفي قانون المحبين : لا يمكن أن يعمر القلب حب جهتين متضادتين !!
قالت : ألا يهوى قلبك الجمال .. وأنا لا أحسب أن أحدا يفوقني جمالا ،
بشهادة جميع من حولي ..
قال : بل أنا أعشق الجمال ..! ولكن تعلقي قلبي بمصدر الجمال ،
لئنْ هامَ غيري بالجمالِ فإنني ** بمصدرِ أسبابِ الجمالِ أهيمُ
لذا لا أجد رغبة في التعلق بجمال نسبي سيضمحل ويتلاشى ..
غداً سيذوى جمالك ، ويتجعد وجهك ، ونلفك في كفنك ، ونصلي عليك ..!!
ثم وهذا هو المهم : أنه تعلق لا يجوز لي ..
وشيء ثالث :
أني موعود (إن أنا استعليت على فخاخ الشيطان )
موعود أن يهبني الله امرأة لا يساوي جمالك وجمال نساء العالم أجمع
عند جمالها شيئا البتة !!
أعني عطاء الله في الجنة من حور مقصورات في الخيام ..!!
قالت : ولكن أليست نساء الدنيا مطلوبات ..؟
قال : نعم ، بلا شك ، هن زينة الحياة الدنيا وبهجتها ، وخير متاعها ،
بشرط أن تكون صالحة تقية نقية ،
تعرف ربها وتتعلق به ، وتلتزم منهجه ..
هذه هي قرة العين ، وجنة الدنيا ، ومطلوب المتقين والله ..!
إذا نظر إليها ( زوجها ) سرته وأمتعته ، وأن أمرها أطاعته ...
قالت : دعنا من هذا أرجوووك ..
أقسمُ لك أنني لم اعد أستطيع إلا أن أفكر فيك وحدك ،
أصبحت شغلا شاغلا بالنسبة لي ..!
قال : وأنا لم أعد أستطيع إلا أن أفكر فيه هو ،
في صفاته العليا وأسمائه الحسنى ، وأفعاله البديعة ،
وألوان إحسانه ، وضروب كرمه ، وما يقربني إليه ..!
قالت : اشعر أني حين أتحدث عنك أو إليك _ ولو في وحدتي _
اشعر أن كلماتي تخرج زهوراً ووروداً وعطرا .. !
قال : وأنا كذلك والله ..!!
اشعر أنني كلما تحدثت عنه ، فكأن كلماتي تخرج
نوراً وضياء وهدى وبركة ، وربيعا أخضر
يهز الحياة من حولي ، لأنه يهز قلبي أصلاً..!
قالت : اسمعني أرجوووك ..!! اشعر والله أن دمي يفور بالشوق إليك ..
قال : أما دمي كله فيغلي غليانه بالشوق إليه هو ،
يسأله ويرجوه النظر إلى وجهه الكريم ، وأدعوه متضرعاً
أن يرزقني الشوق إلى لقائه ،
ليكون يوم وفاتي يوم عيدي ..! بل يوم زفافي ..!!
قالت : صدقني لم يملك قلبي غيرك ..
على كثرة المتهافتين علي والمتساقطين حولي..
قال : هو وحده من يملك كل شيء ..
ولا تصدقي أن أحداً يمكن أن يفلت منه ، أو يغيب عنه ،
أو يشرد من بين يديه .. ولذا فهو وحده من يملكني ،
فأنا في غاية السرور والسعادة أنني عبد له ، مأسور القلب بين يديه ،
وما عدا ذلك ، فأنا حر من كل شيء يستعبد الناس .. !!
وممـا زادنـي فخــراً وتيهـا ** وكـدتُ بأخمـصي أطــأ الثريا
دخولي تحت قولك (يا عبادي) ** وأنْ صيرتَ أحمدَ لي نبيا
قالت : لن أقول أنني أتأفف من كلامك ،
فحديثك إليّ أشهى من العسل .. !!
ولكن بحق أقول لك : لم يستذلني سواك ..
وأنا أعاني من هذا اشد المعاناة ..!
قال : لو ذقتِ معنى الذل بين يديه وحقيقة العبودية له وحده ،
لبكيتِ بدل الدموع دماً حسرةً على ما فاتك من سنوات
وأنت تقدمين قرابين العبودية لغيره !!
قالت : ولمن تراني اقدم قرابين العبودية ؟
قال : بلا شك تقدمينها للهوى والشيطان .. قال تعالى :
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ..
فالهوى قد يصبح إلهاً يعبد من دون الله .. !!
ويبقى الإنسان يركع ويسجد في محراب الهوى وهو لا يشعر !!!
قالت : لكني لا اشعر بأن شيئاً استذلني غيرك أنت ..!!
قال : حين تكون جرعة الهوى قوية ،
وحين يزين الشيطان في عين الإنسان ما يعمل ،
لا يشعر بفضاعة الجرم الذي يرتكبه ،
بل يحسب أنه يحسن صنعا ..!!!
لو أنكِ ذقتِ طعم الذل بين يديه هو وحده ،
لوجدتِ حقيقة العز معه ..
ولو ذقت هذه الحقيقة لأدركتِ أنك كنت في ظلمات متراكبة ..
وتحسبين أنك في النور ..!.. اصحي يا سيدتي ..أفيقي !!!
قالت : دعني أسألك سؤالاً واضحاً .. هل الحب حرام ..!؟؟
قال : تعجبني إجابة لأحد الشيوخ الفضلاء يوم سألته فتاة جامعية
هذا السؤال بعينه ، وقد استضيف في الجامعة ليلقي محاضرة عامة
حضرها حشد كبير من الناس .. فوقفت تلك الفتاة بكل جرأة وعلى الملأ
لتسأل الشيخ هذا السؤال .. فهاج كثيرون وابتلع كثيرون ألسنتهم
وهم يحملقون في وجه الشيخ .. فإذا به يتبسم ويهدئ من روع الناس ،
ويثني على الفتاة وجرأتها وطلبها للحق ..!!
ثم قال : الحب الحلال حلال ، والحب الحرام حرام ..!!
قالت : ممكن توضح لي أكثر ..
قال : أن يحب الإنسان أباه وأمه فذلك حب حلال طاهر لا شك فيه .!!
وأن يحب ابناءه وبناته فذلك حب حلال بلا ريب ..
وأن يحب اشقاءه وإخوانه في الله خاصة والمسلمين عامة
فهذا حب حلال كذلك بلا مرية ..
وأن يحب زوجته التي يرتبط بها ، ويفيض عليها من أفانين الكلام
الجميل المعطر الساحر فهذا حب مطلوب مبارك ..
وأن يحب امرأة عقد عليها عقداً شرعياً ،
غير أنه لم يدخل بها لسبب ما ،
فهو يتغزل فيها ليله ونهاره ، ويريها أفانين من الكلام المعسول
فهذا حب حلال بلا شك ...
أما ما يكون خارج هذه الحدود من علاقات على طريقة
بهائم الوسط الفني ، فلا ..
لأن قاموس تعاليم دين الله سبحانه لا يعرفه ،
ومن تعدى هذه الحدود إنما يعرض نفسه لسخط الله سبحانه ..
قالت : ولكن قد تحب المرأة رجلا تلقاه يوماً
فتعجب به ، ويتعلق به قلبها ..
قال : هاهنا تفصيل ..
إن بقيت هذه العلاقة حبيسة قلب هذه المرأة ،
ولم تتحول إلى سلوك وأحاديث هاتفية وحوارات ولقاءات ،
يفضي بها كل منهما للآخر بكل شيء ،
اذا بقيت حبيسة قلب المرأة أو الرجل حتى تستقر النقاط فوق حروفها ،
ويأتي كل منهما البيوت من أبوابها ..
في هذه الحالة أحسب أن الأمر لا حرج فيه ..
فالله لا يحاسب العبد على خواطره وعلى ما يدور في نفسه
ما لم يتحول إلى سلوك ..
قالت : لا بل أعني أن يتحول إلى سلوك ومكالمات ولقاءات ...
وربما .........مما لا يصل إلى ...........!!
قال : هاهنا المحذور المحظور المرفوض
الذي يعرّض صاحبه لسخط الله ..
قالت : لماذا ؟
قال : لأنه لم يأتِ البيوت من أبوابها ،
وقرر أن يتسلل من النوافذ الخلفية ليقيم علاقة لا يرضاها الله ،
وتأباها شرعيته لأنها مع شخص لا يحل لها بعد ..
قالت : ولكن أكثر الناس اليوم يقيمون مثل هذه العلاقات ا؟
قال : ولهذا الفضائح على قفا من يشيل ..!
هؤلاء يا سيدتي تلقوا دروسا خصوصية في مدرسة بهائم
وصعاليك الوسط الفني ، وهي دروس يتلقونها بالمجان ليل نهار ،
شلالات من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات ، ( مقررها ) الرئيسي
هو إفساد الأخلاق ، ومسخ العقول ، وهدم البيوت على رؤوس أصحابها .. !!
ولقد تخرج من هذه المدرسة أعداد لا حصر لها ، تلقوا مناهجها ،
وباشروا يطبقونها في واقع حياتهم !!
وهم يحسبون أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ..!!
والله لو أنهم أقبلوا على منهج السماء ( نصف ) إقبالهم
على مناهج الوسط الفني ، ثم شرعوا يطبقون تعاليم الله
ويتفاعلون معها كما تفاعلوا مع دروس الوسط الفني ،
لكان حال أمتنا غير الحال ...
ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم ، وأضلهم على علم ..
فيا حسرة على العباد ..
قالت : ولكني أسألكَ : بصراحة ألا تشتاق ؟؟ ألا تحب ؟؟
= =
للموضوع تكملة ... فلا زال الحديث ذو شجون
