مهنة المعلم هي مهمة الرسل والأنبياء
التدريس الناجح
تمهيد::
التعليم.. تلك المهنة المقدسة، مهنة الأنبياء والرسل، التي كان ينظر إليها بإكبار واحترام على مر العصور، ولا تخلو منها حضارة بشرية مهما كان مستواها، كيف لا وهي المهنة التي تتولى التعامل مع عقل الإنسان، وهو أشرف ما فيه، وهي التي تنمي في الإنسان أعظم خصيصة ميزه الله بها وهي خصيصة العلم. فالإنسان الحق عقل في جسد. بعث الأنبياء ـ عليهم السلام ـ معلمين يعلمون الناس الكتاب والحكمة ويزكونهم، ولم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وجعل الله العلماء ورثة الأنبياء. فنعم الإرث ونعم المورث. وما نقص قدر العلم والتعليم إلا بعدما صرنا ننظر إلى التعليم على أنه وظيفة تؤدى لأجل المقابل المادي، وصرنا ننظر إلى المعلم بعدد ما يمكنه من ساعات بين جدران المدرسة، ففقد العلم والتعليم قدسيته، ورتع في حمى التعليم من ليس أهل له!
التعليم مهنة "ربانية" فالله علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.. وعلم آدم الأسماء كلها، وبعث الرسل معلمين، والمعلم يتعامل مع أشرف ما في الإنسان: عقله، ويعطيه من نتاج فكره .. فالتعليم هي المهنة التي لا يمكن أن يستغني عنها الإنسان.
خصائص المعلم الفاعل:
- الكفاءة العلمية:
من مهام المعلم الأساسية أن يقدم للطلاب المعلومات والخبرات التي يحتاجونها في مادته المقررة. ويفترض ـ بدهياً ـ أن يكون المعلم ملماً بتلك المعلومات بشكل صحيح وواضح، إذ من البدهي أن فاقد الشيء لا يعطيه. ولا يمكن أن يقدم المعلم للطالب معلومة بشكل سليم إذا لم يكن مستوعباً لها. ومن هنا جاءت فكرة التخصص، إذ يتوقع من المعلم أن يتخصص في فرع من فروع العلم ويتمكن منه. وهذا بالطبع لا يعفيه معرفة ما هو خارج تخصصه.
- الكفاءة التربوية:
الإلمام بالمادة العلمية ـ مع أهميته ـ لا يكفي لوحده، بل لابد أن ينضم إليه معرفة بالطرق التربوية المناسبة في التعامل مع الطالب. فالطالب ليس آلة يضبط على وضع الاستقبال وتصب المعلومات في داخله، بل هو بشر له روح وعقل وانفعالات وجسد، ويمر في الساعة الواحدة بحالات نفسية وانفعالات مختلفة. والمعلم يتعامل مع الطالب في كل هذه الحالات ومن كل تلك الجوانب، فلذلك لا بد أن يكون ملماً بطرق التربية وأساليب التعامل مع الطلاب.
- الكفاءة الاتصالية:
مع إلمام المعلم بمادته العلمية وبالطرق التربوية للتعامل مع طلابه لابد له من معرفة طرق ووسائل الاتصال التي عن طريقها يتمكن المعلم من إيصال ما لديه من معلومات وأفكار واتجاهات ومهارات. فيجب أن تكون لغة المعلم سليمة ومفهومة لدى الطلاب وتناسب مستواهم العقلي من حيث نوعية الكلمات ومستوى تركيب الجمل، وأن يكون صوته مسموعاً ومناسباً، وأن تكون لديه القدرة على إعادة عرض المعنى بأساليب متنوعة، مع قدرة على ضرب الأمثال لتقريب المعاني. كان أحد المعلمين يشرح للصف الثاني الابتدائي مادة العلوم، وفي نهاية الشرح استوقفه أحد الطلاب وكان منصتاً أثناء الشرح وقال: ما معنى " لا بد.." يا أستاذ؟! فقد كان المعلم يكرر هذه الكلمة التي كانت عنده من الكلمات السهلة، لكنها لم تكن كذلك لطالب الصف الثاني ابتدائي. ولابد أن يكون المعلم عارفاً بعوائق الاتصال التي يمكن أن تحدث في الفصل ليسعى إلى تذليلها. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم أعاد الكلام ثلاثاً حتى يفهم عنه.
- الرغبة في التعليم:
من أعظم عوامل نجاح المعلم رغبته في التدريس. فالمعلم مالم يكن مدفوعاً بحب التعليم ولديه رغبة في أداء ما حمل من أمانة التعليم فلن يتحمس لمهنته وبالتالي لن ينجح فيها.
ومن أعظم ما يبعث الرضا في النفس ويشعر الإنسان بقيمته في الحياة نشر ما يملكه من علم.
هناك أمور تساعدك على زيادة رغبتك في عملك، من أهمها:
1ـ استشعر الأجر العظيم الذي تناله من تعليم طلابك إذا أحسنت النيّة.
2ـ تصوّر ما سيؤول إليه طلابك في المستقبل، حيث سيكونون هم قادة المجتمع وهم رجاله فأنت الآن تبني في مجتمع المستقبل.
3ـ يجب أن تعلّم أنّ هؤلاء الطلاب أمانة عندك ائتمنها عندك آباؤهم وكذلك الدولة وفرّغتك للقيام بهذا العمل العظيم.
4ـ اجعل عملك مجال تحدٍ لك، فكل مشكلة تواجهها هي عبارة عن تحدٍ ممتع لمدى قدرتك التربوية والقيادية، فكيف يكون تعاملك معها، فنجاحك يعني كسب التحدي، ويعني أنّك فعلاً أهل لما أوليت من منصب جليل، وإثبات لقدراتك ومهاراتك.
5ـ تذكّر أنّ أكثر العظماء خرجوا من تحت أيدي المعلّمين.
خطوات التدريس الناجح:
1ـ الخطوة الأولى: اعرف عملية التدريس :
إن أي مهنة لا يمكن أن تتقنها وتبرع فيها مالم تكن ملماً بأصولها ومبادئها. وللتدريس ـ الذي هو عملية التعليم والتعلّم ـ أصول وقواعد، منها ما يخص المعلم ومنها ما يخص المتعلم ومنها ما يخص المادة ومنها ما يخص أسلوب التعلم ووسائله. وهذا ما يدور حوله غالباً علم النفس التربوي. فمثلا إلمامك بالطريقة التي يتم بها التعلم، وما هي الأشياء التي تؤثر فيه سلباً أو إيجاباً، يساعدك على اختيار الطريقة الصحيحة في التدريس التي تناسبك وتناسب طلابك ومادتك. ومع أن هناك اختلافاً في النظريات والآراء في هذا المجال، إلا أن الإلمام بها ودراستها دراسة ناقدة وتطبيق ما صح منها يفيد المعلم كثيرا في التدريس ويساعد على تلافي كثير من الأخطاء التي يقع فيها كثير من المعلمين.
2ـ الخطوة الثانية: اعرف أهداف التدريس .. الأهداف العامة/ الأهداف الخاصة / الأهداف السلوكية..
للأهداف ـ في أي عمل ـ أهمية كبيرة تتلخص في الآتي:
1ـ توجيه الأنشطة ذات العلاقة في اتجاه واحد، وتمنع التشتت والانحراف.
2ـ إيجاد الدافع للإنجاز، وإبقاؤه فاعلاً.
3ـ تقويم العمل لمعرفة مدى النجاح والفشل.
وهذه الأمور الثلاثة تجعل الأهداف ذات أهمية كبرى للمعلم أثناء تدريسه. فمن المهم أن يحدد المعلم أهدافه من التدريس، وبشكل واضح. ولا يمكن أن يتم تدريس ناجح دون وجود أهداف واضحة.
والأهداف أنواع، فهناك أهداف عامة ـ بعيدة المدى ـ وهناك أهداف خاصة ومرحلية. والعلاقة بين العام والخاص من الأهداف علاقة نسبية فما يكون عاماً بالنسبة لما دونه قد يكون خاصاً بالنسبة لما فوقه. فمثلاً في تدريس مادة الفقه في مرحلة ما، هناك أهداف عامة من تدريس المادة أساساً، وهناك أهداف دونها من تدريس المنهج في مرحلة معينة وأهداف من تدريس مقرر محدد في سنة محددة وأخيرا أهداف خاصة من تدريس وحدة أو درس معين. ولإلمام المعلم بهذه الأهداف يساعد في تنسيق الجهود وجعلها متضافرة للوصول إلى الهدف العام النهائي المقرر في سياسة التعليم...
وقولنا إنه ظاهر ومحدد لكي نشير إلى سلوك معين يمكن مشاهدته وتحديده وقياسه، وليس سلوكاً داخلياً لا يمكن مشاهدته. فمثلاً إذا قلنا: نتوقع من الطالب بعد هذا الدرس أن يعدَّ من واحد إلى عشرة. فهذا سلوك ظاهر يستطيع كل فرد أن يراه ويقيس مدى نجاح المعلم والطالب في تحقيقه. لكن لو قلنا: نتوقع من الطالب بعد هذا الدرس أن يفهم العلاقة بين كذا وكذا فإن هذا السلوك ـ أي الفهم ـ سلوك عقلي داخلي لا نراه، وإن كنا قد نرى بعض آثاره، فلذلك قد يصعب قياسه.
اربط كل نشاط الفصل بالسعي لتحقيق تلك الأهداف. واجعلها في أول تحضيرك وبشكل بارز، ولابأس أن تكتب مختصراً لها على السبورة لتضمن عدم شرود ذهنك عنها. إن الأهداف السلوكية وإن انتقدها بعض الباحثين، لها أثر كبير في تسهيل عملية التدريس على المعلم والمتعلم.
إن من أهم أسباب فشل كثير من المعلمين في أداء دروسهم في الفصل رغم تحضيرهم لها كتابياً تحضيراً جيداً هو عدم رسوخ أهداف الدرس في أذهانهم، فترى المعلم ينتقل من نشاط إلى نشاط وكأنه لا رابط بينها ولا هدف مشترك لها.
3ـ الخطوة الثالثة: اعرف تلاميذك /مستواهم /خصائصهم العمرية/ أفكارهم...
عندما تدخل إلى غرفة الفصل لأول مرة فإنك تواجه عالماً مجهولاً لديك إلى حد بعيد. لكنك في الغالب تدخل على فئة متجانسة بشكل عام من حيث العمر والخصائص النفسية والعاطفية. فمعرفتك المسبقة بالخصائص العامة لتلك الفئة يفيدك في وضع القواعد للتعامل معها. فمثلاً إذا عرفت الخصائص العامة لمرحلة المراهقة سهل عليك تفسير كثير من التصرفات التي تصدر ممن يمرون بها من طلابك واستطعت أن تتوقع ـ إلى حد كبير ـ ما يمكن أن يصدر من سلوك أو يحدث من مشكلات تعليمية. أيضا معرفة مستوى الطلاب الاجتماعي وخلفيتهم الثقافية ونوعية أفكارهم يفيدك في أسلوب طرح الأفكار وعرض الدرس، واختيار الأمثلة.
4ـ الخطوة الرابعة: أعدَّ دروسك جيداً:
الإعداد الجيد للدرس هو المخطط الذي يتوصل به المعلم إلى أهدافه من الدرس وبالتالي إلى درس ناجح وهذه أهم خطوات الإعداد:
تحديد الأهداف:
حدّد أهداف الدرس بدقة ووضوح، وصغها صياغة صحيحة. وغالباً ما تكون الأهداف محددة في كتاب المعلم أو في خطة تدريس المقرّر، فلا مجال للاجتهاد فيها.
الإعداد الذهني:
بعد أن تحدّد أهداف الدرس بدقة، ابدأ في الخطوة التالية وهي رسم الخطة لتحقيق تلك الأهداف. وقبل أن تبدأ في الكتابة يجب أن تكون فكرة خطة التدرس قد تبلورت في ذهنك.
الإعداد الكتابي:
بعد أن تكوّن تصوراً كاملاً ومترابطاً لطريقة سير الدرس قم بتسجيلها على شكل خطوات واضحة ومحددة، مراعياً في كل خطوة عامل الوقت وارتباطها بأهداف الدرس. وما قل الاهتمام بالإعداد الكتابي إلا لأن المعلم ـ والمشرف، أحيانا! ـ صار ينظر إليه على أنه عمل روتيني جامد .. لا تجديد فيه ولا إبداع ولا نمو.
أعد متطلبات الدرس:
غالباً يحتاج المعلم في شرح لبعض الوسائل النعليمية والمعينة، وينبغي على المعلم الاهتمام بتحضير هذه الوسائل والتأكد من صلاحيتها وإمكانية استخدامها في المكان الذي ستستخدم فيه. وينبغي ألا يؤجل إعداد الوسيلة إلى بداية الدرس حيث إن هذا يضيع الكثير من الوقت، وقد لا تكون الوسيلة المرادة متوفرة أو صالحة للاستعمال.
حاول التنبؤ بصعوبات التعلم:
المعلم الناجح هو الذي يستطيع أن يتنبأ بعناصر الدرس التي ستكون صعبة على الطلاب، فيحسب لها الحساب أثناء إعداد الدرس فيكون مستعداً لها فلا تفسد عليه تخطيطه لدرسه.
تدرّب على التدريس:
بعض الدروس ـ أو بعض الخطوات فيها ـ وخاصة التي تقدم لأول مرة قد تحتاج إلى شيء من التدريب، فلا بأس أن يقوم المدرّس بالتدرّب عليها ليضمن أن يقدّمها بصورة مرضية أمام الطلاب (وقد يُلمس هذا بشكل واضح في تدريس اللغة الإنجليزية).
5ـ الخطوة الخامسة: استخدم طريقة التدريس المناسبة:
للتدريس عدة طرق، وليس هناك طريقة من هذه الطرق صالحة لكل الأحوال بل هناك عدة عوامل تحدّد متى تكون طريقة ما أكثر مناسبة من غيرها.
فقم بتحديد ما يناسبك من الطرق في ضوء المعايير التالية:
1ـ الدرس المراد شرحه.
2ـ نوعيّة الطلاب.
3ـ شخصيتك أنت وقدراتك كمعلم يقوم بتقديم ذلك الدرس.
وتذكر أن: أهداف واضحة ومحددة + طريقة صحيحة = درس ناجح.
بشكل عام، ليكون الدرس ناجحا على المعلم أن:
1ـ يهيئ الطلاب للدرس الجديد بتحديد أهدافه لهم وبيان أهميته.
2ـ يتأكد من معرفة الطلاب لمقدّمات الدرس ومتطلباته السابقة، ولو عمل لها مراجعة سريعة لكان أفضل.
3ـ يقدّم الدرس الجديد.
4ـ يلقي الأسئلة على الطلاب ويناقشهم لمعرفة مدى فهمهم.
5ـ يعطي الطلاب الفرصة للممارسة والتطبيق.
6ـ يقيّم الطلاب ويعطي لهم تغذية راجعة فورية عما حققوه.
7ـ يعطي الواجب.
6ـ الخطوة السادسة: كن مبدعا وابتعد عن الروتين:
إن التزامك بطريقة واحدة في جميع الدروس، يجعل درسك عبارة عن عمل رتيب (روتين) ممل، فتكفي رؤيتك مقبلاً للفصل لتبعث في نفوس الطلاب الملل والكسل. حاول دائماً أن تتعامل مع كل درس بشكل مستقل من حيث الطريقة والأسلوب، وكن مبدعاً في تنويع أساليب العرض. ومن أكثر ما يثير الملل في نفوس الطلاب البداية الرتيبة للدرس، فكلمة: "افتحوا الكتاب صفحة..!" أو البدء بالكتابة على السبورة من الأشياء التي اعتاد عليها أكثر المعلمين، فحاول دائما أن تكون لكل درس بدايته المشوقة، فمرة بالسؤال ومرة بالقصة ومرة بعرض الوسيلة التعليمية ومرة بنشاط طلابي.. وهكذا. وكل ما كانت البداية غير متوقعة كلما استطعت أن تشد انتباه الطلاب أكثر. ومن الأشياء التي تجلب ملل الطلاب،وتجعل الدرس رتيباً وضع جلوس الطلاب في الفصل. فالمعتاد لدى كثير من المعلمين أن يكون الفصل صفوفاً متراصّة، وتغيير هذا الوضع بين وقت وآخر بما يناسب الدرس والموضوع يعطي شيئا من التجديد لبيئة الفصل.
حاول ـ ما أمكن ـ أن يكون لكل درس وضعاً مختلفاً، فمرة على شكل صفوف، وأخرى على شكل دائرة، وثالثة على شكل مجموعات صغيرة.. وهكذا، وإن كان أداء الدرس خارج الفصل مفيدا ويساعد على تحقيق أهدافه فلماذا الجلوس في الفصل؟!
7ـ الخطوة السابعة: اجعل درسك ممتعاً:
- توقف وراجع طريقة الدرس إذا رأيت أنها سبب في إملال الطلاب، فالهدف ليس إكمال خطة الدرس كما كتبت، بل الهدف هو إفادة الطلاب فإذا رأيت أن الخطة لا تؤدي عملها فاستخدم "خطة للطوارئ" تنقذ الموقف وتحصل منها على أكبر فائدة ممكنة للطلاب. فلا شيء أسوأ من معلم يشتغل في الفصل لوحده..! وتذكر أن الأهداف العامة للتعليم والأهداف العامة للمنهج أكبر وأهم من درس معين يمكن تأجيل عرضه أو تغيير طريقته.
- استخدم الاسلوب القصصي عند الحاجة، فالنفوس مولعة بمتابعة القصة.
- اسمح بشيء من الدعابة، فالدعابة والمزاح الخفيف الذي لا إيذاء فيه لمشاعر أحد ولا كذب من الأمور التي تروح عن النفس وتطرد الملل.
- حاول دائماً ـ ما أمكن ـ أن يقوم الطلاب بالنشاط بأنفسهم، لا أن تعمله أنت وهم ينظرون، وتذكّر أن من أهداف المناهج أن يقوم الطلاب أنفسهم بالعمل لا أن يشاهدوا من يقوم بالعمل!
- رغّب الطلاب في عمل ما تريده منهم واجعل الأفكار تأتي منهم! فمثلاً بدلاً من أن تقول ذاكروا الدرس السابق وسأعطيكم درجات في الواجب أو المشاركة، قل لهم: "ماذا تحبون أن تفعلوا حتى أعطيكم درجات أكثر في المشاركة؟!.. ما رأيكم في مذاكرة الدرس السابق؟!"
8ـ الخطوة الثامنة: استثر دافعية التلاميذ:
من الصعب جداً ـ إن لم يكن مستحيلاً ـ أن تعلّم طالباً ليس لديه دافعيّة للتعلّم. فابدأ بتنمية دافعية الطلاب واستثارتها للتعلم والمشاركة في أنشطة الفصل، مستخدماً كافة ما تراه مناسباً من الأساليب التي منها:
1-اربط الطلاب بأهداف عليا وسامية: ليس هناك شيء يجعل الدافعية تخمد أو تفتر من عدم وجود أهداف أو وجود أهداف دنيا، فدائما وجِّه أذهان طلابك إلى الأهداف السامية العظيمة، واغرس التطلع لها في نفوسهم لتشدهم شداً إلى المعالي فتثير فيهم دافعية ذاتية لا تكاد تخبو.
2-استخدم التشجيع والحفز: للتشجيع والحفز المادي والمعنوي أثر كبير في بعث النفس على العمل ولو كان العمل غير مرغوب فيه، فالتشجيع بالثناء والكلمة الطيبة والتشجيع بالدرجة والتشجيع بالجائزة والتشجيع المعنوي بوضع الاسم في لوحة المتفوقين، كل هذه الأشياء لها أثر كبير في حفز الطلاب على التعلم. وهذه الأشياء سهلة ولا تكلف المعلم شيئاً.
3-حدد أهدافا ممكنة ومتحدية!: قم بتحديد أهداف دراسية يكون فيها شيء من الصعوبة وأشعرهم أنك تتحدى بذلك قدراتهم وتريد منهم أن يثبتوا جدارتهم، مثل أن تطلب منهم أن يحفظوا صفحة من القرآن مرة واحدة أو أن يحفظوا عشر كلمات من اللغة الإنجليزية، وستجد أن كثيراً من الطلاب يتجاوب معك ويقبل تحديك. لكن تأكد أن ما تطلبه منهم ليس بالسهل جدا بحيث لا يلقون له بالا وليس بالصعب جدا بحيث يسبب عندهم الإحباط، وأعطهم الوقت الكافي.
4-اشعل التنافس الشريف!: إن مثل النشاط الذي في الفقرة السابقة يفتح المجال للتنافس الإيجابي بين الطلاب، فقم باستغلاله لصالحهم. لكن كن حذرا من أن يجرّهم هذا التنافس ويتمادى بهم إلى التشاحن والتباغض. وأيضاً انتبه لجانب الفروق الفردية بين الطلاب.
5-كافئ!: استخدم المكافأة بشتى أنواعها الممكنة مع الطلاب الذين ينجزون ما تطلبه منهم أو يبذلون جهداً كبيراً في سبيله، لكن تأكد أن المكافأة مناسبة للطالب، من حيث ما بذله من جهد ومن حيث مستواه العمري.
9ـ الخطوة التاسعة: "إنما بعثت معلما ولم أبعث معنفا!": تذكّر دائماً أنك إنما أتيت لتعلّم لا لتعاقب من لا يتعلم! وتذكّر أيضاً أنه ليس كل عجز في التعلم يرجع سببه إلى الطالب. كن صبوراً وتلطف ببطيئي التعلم والمهملين وثق أن المهمل إذا رأى أن إهماله يزيد من تركيز المعلم عليه وتلطفه به فسيكف عن سلوكه هذا. وغالباً ما يكون سبب الإهمال البطء في التعلّم وغفلة المعلّم عن ذلك. ارجع بذاكرتك إلى الوراء ـ خاصة إن كنت ممن جاوز الثلاثين ـ وتذكر مدرسيك فستجد أن أول ما يخطر بذهنك صورة المدرس الغليظ الفظ الذي كانت رؤيته تثير الرعب في قلوب الطلاب، وتحسس قلبك فستجد كم فيه من الحنق عليه ـ إلى اليوم ـ لما سببه لك أو لغيرك من الآلام النفسية في أيام الدراسة. وهناك من المدرسين من كانوا بعنفهم وغلظتهم سبباً في ترك كثير من الطلاب للدراسة ممن كان يتمتع بقدرات عقليّة جيّدة وكان يُرجى له مستقبلاً جيداً.
دخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة مع الجماعة ولم يعلم أن الكلام قد حُرّم في الصلاة، فعطس أحد الصحابة فشمته، فنبهه بعض الصحابة ـ بالإشارة ـ فلم يفهم واستمر في كلامه، فلما انتهت الصلاة ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى إليه خائفاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل لطف ولين: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتحميد وقراءة القرآن، فقال معاوية معلقا على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأبي هو وأمي، ما رأيت أحسن تعليما ولا أرفق منه صلى الله عليه وسلم.
10ـ الخطوة العاشرة: اجعل اتجاهك جيداً نحو التلاميذ:
أثبتت البحوث التجريبية أن نظرة المعلم لتلاميذه ذات أثر كبير على تحصيلهم وتقبلهم. فإذا كان المعلم ينظر إلى تلاميذه على أنهم أذكياء وقادرون على التعلّم وجادّون ـ ويحسّون هم بذلك ـ فسيؤثر هذا إيجابياً عليهم، أما إذا كان المعلّم ينظر إليهم على أنهم كُسالى ولا يفهمون شيئاً فسيكونون كذلك.
- كن متفائلا: التفاؤل من أحسن الصفات التي يجب أن يتمتع بها المعلم، فكن متفائلاً من طلابك وأشعرهم بذلك ترىَ منهم ما يسرك.
- اظهر تقديرك لاستجابات الطلاب ومشاركاتهم: لاتهمل مجهودات الطلاب ولو كانت قليلة، أو دون ما تتوقع. اظهر شكرك وتقديرك لاستجابات الطلاب واطلب منهم المزيد، ليحسوا بالفرق بين
المشاركة وعدمها ويتيقّنوا أنك منتبه لمشاركتهم.
- علّمهم علوّ الهمة والطموح: علوّ الهمّة عنصر "سحري" إذا خالط نفس الطالب رأيت منه العجائب. وكثير من الطلاب يملك هذا العنصر لكنه في حالة خمود. فقم بتنشيط هذا العنصر باستثارة حماس الطلاب وضرب الأمثال لهم وإعطاء القصص المفيدة، وربطهم بأهداف سامية.
11ـ الخطوة الحادية عشرة: حافظ على نموّك العلمي والتربوي والمهني:
يقع كثير من المعلمين في خطأ كبير عندما يظنون أن تخرّجهم ونيلهم للوظيفة هو نهاية المطاف وأنهم بذلك قد وصلوا مرحلة يستريحون فيها. فهذا غير صحيح. فتجنّب الوقوع في هذا الخطأ واعلم أنه وإن انتهى وقت الدراسة النظاميّة المقرّرة بالتخرّج إلا أنه جاء وقت الدراسة الذاتيّة، وجاء دور مزج الدراسة النظريّة بالخبرة المباشرة. فاحرص على الاستمرار في نموّك العلمي والتربوي، فإنه لا شيء من هذه الدنيا في ثبات فكل مالا ينمو فهو يذبل!
يمكنك تنمية نفسك بإحدى الطرق التالية:
1-القرآءات الموجهة: استشر المشرف التربوي أو أحد المتخصّصين ليحدّد لك كتباً أو فصولاً لتقرأها في تخصًصك الدقيق أو في التربية بشكل عام. احرص على الاشتراك في الدوريّات المتخصّصة في التربية والتعليم.
2-اللقاءات التربوية: تحرص إدارات التعليم وغيرها من المؤسسات التربوية على إقامة لقاءات تربوية وندوات لبحث وتدارس الموضوعات التربوية المهمّة، لا تتردّد في الحضور والمشاركة الفاعلة التي يكون هدفها الفائدة، وسترى تقديراً كبيراً من زملائك.
3-الدورات التدريبية: تعقد أحياناً دورات تدريبية ـ أثناء الخدمة ـ للمعلمين، اسعَ للالتحاق بإحداها لرفع مستواك العلمي والمهني.
12ـ الخطوة الثانية عشرة: كن قدوة في علوّ الهمّة والأمانة والجد:
كل كلامك لطلابك عن الخلق الحسن والصفات الحميدة لا يكون له كبير فائدة إذا لم يرَ منك الطلاب تطبيقاً فعلياً. فكن قدوة لهم في علوّ همّتك فلا ترض من الأمور بأدناها، وكن قدوة في جدّك فلا يراك طلابك لا همَّ لك إلا الهزل والمزاح. وكن قدوة في أمانتك فلا يرَ منك الطلاب تفريطاً فيها بإهمال واجباتك الوظيفية والتربوية.
13ـ الخطوة الثالثة عشرة: انتبه إلى ما بين سطور التدريس!:
من المسلّمات أن التربية ليست حشو أذهان الطلاب بالمعلومات، بل هي إكسابهم المهارات اللازمة والاتجاهات الصحيحة وتهذيب خلقهم وتنمية مداركهم العقليّة. فما يكتسبه الطلاب من شخصيّة المعلم وخلقه وهديه في التعامل والتعليم ونظرته للأشياء وطريقة تفكيره قد تكون أهم وأنفع للتربية ممّا يعطيهم من معلومات، وهو ما يمكن أن نسمّيه ما بين سطور التدريس، فهناك دائماّ أشياء غير مباشرة يكتسبها الطلاب من المعلم ـ ربما وهو لا يشعر ـ وقد تكون إيجابية وقد تكون سلبية. إن المعلم الجاد ذا الخلق الحسن الرفيق بطلابه والمهتم بعمله يكتسب منه الطلاب حباّ للعلم وحباّ للمدرسة وحسن خلق في التعامل مع الآخرين مهما كانت المادة التي يدرّسها، والعكس بالعكس! فشخصيتك ذات أثر كبير في تلاميذك.
14ـ الخطوة الرابعة عشرة: قل: لا أعلم!:
يتحرج بعض المعلمين إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا أعلم! والواقع أن الإجابة على سؤآل ما بـ "لا أعلم" أمر يجب أن لا يتحرج منه المعلم لأمور:
1ـ يجب أن نحترم العلم، ونحترم عقليّة الطلاب، فإذا سئلنا عمّا لا نعلم فلا نتكلف الإجابة ونراوغ، بل نعترف أننا لا نعلم.
2ـ يجب أن نرسّخ في أذهاننا وأذهان الطلاب أنه ليس مطلوباّ من المعلم (ولا من الطالب) وليس في مقدوره أن يعلم كل شيء، بل يجب أن يعرف الفرد حدود علمه وقدراته، فلا يتكلم فيما لا يحسن.
3ـ هذه العبارة: "لا أعلم" إذا قالها المعلم بثقة تزيد من قَدره عند طلابه. لكن في الوقت نفسه يجب على المعلم أن يرشد طلابه إلى كيفيّة الحصول على تلك المعلومة المسؤول عنها أو يعدهم بالبحث عنها بنفسه.
15ـ الخطوة الخامسة عشرة: استخدم وسائلك التعليميّة بفعاليّة:
عندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيّن لأصحابه معنى قول الله تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل...الآية} خطّ لهم خطاً مستقيماً وقال هذا سبيل الله، وخطّ خطوطاً كثيرة عن يمينه وعن شماله وقال: هذه السبل…! وعندما رأى الصحابةَ يتحسّسون منديلاً من حرير ويتعجّبون من لينه ونعومته، قال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟! لمناديل سعد في الجنّة أفضل من هذا!
للوسائل التعليمية أثر كبير في التعلم، فهي:
1ـ توفّر على المعلّم الكثير من الكلام النظري.
2ـ تجذب انتباه الطلاب.
3ـ تكسر رتابة الشرح والإلقاء.
4ـ تثبت المعلومة.
5ـ توضّح الفكرة بشكل أكبر من الكلام المجرد. وإليك بعض التعليمات:
- استخدم الوسائل المتوفرة ـ سابقة الصنع ـ أو قم بإعدادها أنت أو كلّف الطلاب بذلك قبل الدرس بوقت كافٍ. يمكنك استغلال حصة النشاط أو حصة التربية الفنية في ذلك.
- تذكّر أن استخدامك للشيء الحقيقيّ كوسيلة إيضاح أفضل بكثير من استخدام صورته، ويكوّن ذلك خبرة مباشرة للطلاب، فمثلاً في درس اللغة الإنجليزية، بدلاً من أن تحضر صورة كرة أحضر معك كرة حقيقيّة. كان أحد معلمي اللغة الإنجليزيّة يجد صعوبة في بيان معنى كلمة headmaster للطلاب بحيث يضطر إلى ترجمتها، مع أن هذا أمر غير مرغوب فيه، ولم يخطر بباله أن يأخذ الطلاب إلى غرفة المدير ويقول لهم: This is the headmaster. ! مع أن هذا سيسهل عليه العملية وسيرسّخ المعلومة في أذهان الطلاب ويبعث الحيويّة في الفصل ويجعل الموقف أكثر طبيعية.
- تأكد أن الوسيلة واضحة وأن الهدف الذي تريده منها ظاهر للطلاب، فما تراه أنت في الوسيلة قد لا يفهمه الطلاب.
- كلما كانت الوسيلة سهلة وبعيدة عن التعقيد فذلك أفضل.
- اجعل وسيلتك شيقة وجذابة.
- كن مبدعاً في وسائلك وابتعد عن التقليد.
- احذر من الوسائل التي قد يكون فيها خطر على الطلاب.
- تأكّد أن مكان الدرس مهيأ لاستخدام الوسيلة، مثلاً: وجود مسمار أو شريط لاصق لتعليق اللوحة، مصدر كهرباء، فصل مظلم...إلخ. فسيئٌ جداً أن يحضر المعلم الوسيلة ثم يمضي وقتاً يبحث يمنة ويسرة عن مكان ليعلقها أو يضعها فيه.
- لا تستخدم وسيلة لا تعرف طريقة تشغيلها، فهذا قد يسبب شيئا من الآتي:
1.إفساد الجهاز، وقد يتضرر الطلاب أو المعلّم بذلك.
2.إضاعة الوقت في البحث عن الطريقة الصحيحة لتشغيله.
3.الارتباك والإحراج الذي يقع فيه المعلّم أمام طلابه نتيجة لعجزه عن تشغيل الجهاز.
16ـ الخطوة السادسة عشرة: السبورة .. صديقك الدائم فأحسن استخدامها!:
السبورة من أقدم الوسائل التعليمية وأقلّها تكلفة، لا يكاد يستغني عنها معلّم، فاعرف كيف تستخدمها بفعاليّة. يعتقد بعض المعلمين أن استخدام السبورة أمر عشوائي لا يخضع لأصول وقواعد، وهذا غير صحيح. فالمعلم الناجح يستخدم السبورة بشكل منظّم ولأهداف محدّدة.
- قم بتقسيم السبورة لقسمين أو ثلاثة، وحدّد لكل قسم نوعيّة معيّنة من الأشياء المكتوبة توضع فيه بشكل منظم وواضح، فمثلاً، قسم لعناصر الدرس، وقسم للجمل والعبارات التي يُراد لها البقاء طول الدرس، وقسم للعبارات الوقتية التي يمكن إزالتها أثناء الشرح.
- لا تتكلّم وأنت تكتب على السبورة.
- عند الكتابة على السبورة حاول أن لا تعطي ظهرك للطلاب، بل اعطهم جنبك.
- لا تكتب شيئاً خطأ على السبورة، وإذا دعت ضرورة ملحًة لذلك فسارع في إزالته.
- استخدم الطباشير الملوّن بطريقة منظّمة، بحيث يساعد الطالب على استيعاب عمليّتي التصنيف أو الربط بين الأشياء.
- تأكّد أن الكتابة واضحة ويمكن رؤيتها للطلاب في آخر الفصل.
- استخدم جهاز عرض فوق الرأس قد يكون أكثر فعاليّة إذا تدرّبت عليه وأعددت المواد بشكل جيّد. فهو:
1.يوفّر الوقت الذي تصرفه في الكتابة على السبّورة.
2.يجعلك تواجه الطلاب دائماً.
3.يكون حلاً لمشكلة سوء الخط عند بعض المعلمين.
17ـ الخطوة السابعة عشرة: "لا تغضب..!":
غضب المعلم في الفصل على تلاميذه من أكثر الأشياء التي تجعله متوتر الأعصاب ومن ثم يفقد السيطرة على فصله، وتجعل الفصل في جوّ من الخوف والرهبة. وقد يقود الغضب المعلّم إلى تصرّفات تكون عواقبها وخيمة. والفصل ذو المعلم الغاضب بيئة مناسبة لمشاكل الطلاب.
كيف تتجنب الغضب:
1ـ تعرّف على خصائص السلوك العامّة للمرحلة التي تدرّسها: أكثر ما يثير غضب المعلّم هو تصرّف يصدر من بعض الطلاب وقد يكون بغير قصد، فممّا يمنع ذلك الغضب أن تتعرّف على خصائص السلوك للمرحلة التي يمر بها طلابك، فهذا يجعلك تنظر إلى ذلك السلوك بمنظار أكثر واقعيّة وموضوعيّة، فلا يكون بالحجم الذي تصوّرته. فمثلاً إذا قام طالب بالتحدّث مع زميله أثناء الشرح فإن هذا التصرّف في "عرف" الكبار غير سليم ويثير الغضب حقاً، لكن إذا نظرت له على أنه تصرّف من طفل أو مراهق يصعب عليه بطبيعته أن يبقى فترة طويلة ساكتاً وبدون حراك، بدا لك الأمر طبيعياً أكثر.
2ـ توقّع السلوك: معرفتك أيضا لنوعيات السلوك في المرحلة العمريّة لطلابك يجعلك تتوقّع بعض التصرّفات، فإذا حدثت لم يكن ذلك مفاجئاً بل تكون قد أعددت نفسك للتصرّف السليم حيالها. لذا فاحرص على اقتناء ومطالعة مرجع موثوق في علم نفس النمو.
3ـ لا تهوّل الأمر!: لا تتصوّر أن كل تصرف غير مرغوب يقوم به الطالب فالمقصود به إغاظة المعلم أو إفساد جوّ الدرس، فهذه النظرة تجلب الغضب فعلاً. حاول ـ ما أمكن ـ أن تنظر إلى تلك السلوكيّات على أنها أخطاء فحسب. وأن كثيراً من السلوكيّات التي تغضبنا إنما هي تصرّفات طبيعيّة بالنسبة للطلاب خاصة في المرحلة الابتدائية والمتوسطة. فهذاموسى ـ عليه السلام ـ وهو نبي الله المكلَّم، لم يتمالك نفسه مع معلّمه الخَضِر فكرّر السؤآل عن أسباب ما يفعله الخضر من أمور رغم أنه قد وعده ألا يسأله عنها ورغم تنبيه الخضر له بعد كل سؤآل.
4ـ إياك والظلم..!: الغضب غالباً يدعو للعقاب، وأحياناُ الانتقام، والانتقام مظنة الظلم، فاحذر الظلم، فبالإضافة إلى ما يسببه من أثر نفسي للطلاب، فهو معصية لله وظلمات يوم القيامة.
18ـ الخطوة الثامنة عشرة: أحسن التعامل مع مثيري المشاكل من الطلاب:
لا نكن مثاليين! ففي كل فصل يوجد طالب أو أكثر يتسبّبون في إثارة المشاكل وإعاقة عمليّة التدريس بشكل أو بآخر. هناك بعض الأساليب للتغلّب على هذه المشكلة أو التخفيف منها. تأمل معي الخطوات التالية:
1ـ اجعل فصلك ممتلئاً بالحيويّة والنشاط حتى لا تسمح للملل بالدخول إلى نفوس الطلاب.
2ـ ابحث دائماً عن السبب الذي يدعو الطالب لإثارة المشاكل وقم بإزالته إن أمكن. قد يكون السبب وجوده بجانب طالب آخر قم بالتفريق بينهما. قد يكون للتعبير عن تضايقه من شيء معيّن أو لجلب الانتباه إليه، تعامل مع كل سبب بما يناسبه.
3ـ اجعل ذلك الطالب في مقدّمة الفصل حتى يكون تحت نظرك وبالقرب منك.
4ـ ليس كل مشكلة يثيرها الطالب تحتاج إلى أن توقف الدرس وتعالجها، من التصرفات ما يكون مجرّد النظر إلى الطالب أو المرور بجانبه والتربيت على كتفه كافياً لإنهائه دون أن يشعر الآخرون. 5ـ من أكثر ما يسبب هذه المشاكل فراغ الطالب فأشغل الطلاب، ولا يكفي أن تنشغل أنت فقط بالتدريس!
6ـ استخدم أسلوب الاستدعاء بعد نهاية الحصة والتفاهم مع الطالب بشكل ودي. حاول أن تأخذ منه وعداً ألا يكرّر ما حدث.
7ـ حاول نقل الطالب لفصل آخر.
8ـ استعن بالمرشد الطلابي.
وقبل ذلك كله تأكّد أن طلابك يعرفون بالتحديد ما تريد منهم أن يعملوه وما تريد ألاّ يعملوه. لا تستخدم الضرب! لن أدخل معك هنا في الجدل المعتاد حول الموضوع، واختلاف الآراء في ذلك. فالشيء الأكيد أن استخدام المعلم للضرب ممنوع نظاماً منعاً باتاً، وهذا يكفيك للتخلّي عنه.
19ـ الخطوة التاسعة عشرة: خطّط ونفّذ وقيّم و شاور تلاميذك وأشركهم في شيء من التخطيط:
التخطيط من أسس النجاح في كل عمل. خطّط لما تقوم به من أعمال في الفترة أو في الفصل الدراسيّ أو في السنة. الأنشطة والواجبات الإضافية كل ذلك يحتاج إلى تخطيط حتى يعطي ثماره المرجوة.
والتخطيط لا يفيد ما لم ينفعه تنفيذ دقيق متقن وتقويم لما تم إنجازه. شاور تلاميذك فيما تنوي أن تعمله ـ ما أمكن ـ فذلك يعودهم على مبدأ الشورى وإبداء الرأي وكذلك يجعلهم يتحمّسون لما تريد عمله.
20ـ الخطوة العشرون: اعمل اختباراتك بشكل جيّد بحيث تكوّن تقييماً لك أيضا!:
يقال إن الاختبار عمليّة ضابطة تقيس أداء المعلّم والمستوى التحصيلي للطلاب. وعمل الاختبارات علمٌ له قواعد وأسس علميّة من حيث وضع واختيار الأسئلة وأنواعها وضوابط كل نوع، ويخطئ بعض المعلمين في ظنه أن وضع مجموعة من الأسئلة كافية لاختبار الطلاب مادامت من داخل المقرر.
تأمل هذه القواعدوالتعليمات حول الاختبارات:
1- ضع هدفاً للاختبار.
2- حدّد الوقت المخصّص للاختبار وحدّد عدد ونوعيّة الأسئلة بناء عليه.
3- قم بتحليل المادّة الدراسيّة.
4- ضع الأسئلة بحيث يكون هناك تناسب بين الأسئلة الموضوعة وأجزاء المادة.
5- اجعل الأسئلة واضحة جداً وخالية من أي لبس أو إيهام، وتذكّر أن الاختبار الصادق هو الذي يقيس ما وضع لقياسه!
- أسئلة موضوعية أم مقالية ؟!
استخدم الأسئلة الموضوعيّة إذا كنت تريد قياس القدرة على تذكّر الحقائق، وإذا كان وقت تصحيح الأسئلة قصيراً.
- ىضوابط صياغة الأسئلة الموضوعيّة:
-أسئلة "الصح" والخطأ:
1- لا تضع الجملة نصاً حرفياً من الكتاب، بل أعد صياغتها حتى لا يكون الجواب بناء على إلف العبارة لا على الفهم.
2- تجنّب التعابير الغامضة أو غير المحدّدة.
3- تجنّب تعابير وصيغ العموم، مثل: "دائماً" أو "كلّ" أو "أبداً" ...إلخ، إذ إنها توحي غالباً أن العبارة خاطئة.
4- يجب أن تكون الإجابة واحدة ومحدّدة وقاطعة.
- أسئلة الاختيار من متعدد:
1- يفضّل أن تكون الخيارات ثلاثة أو أربعة.
2- يجب أن تكون الخيارات صحيحة من الناحية الإعرابية، حتى لا يكون إعراب الكلمة دليلاّ على الاختيار (هذا ما لم يكن المقصود قياس القدرة اللغوية!).
3- تجنّب وضع عبارة: "كل ما سبق" ضمن الخيارات، إذ إن معرفة الطالب لخيار خاطئ يدل على خطأ هذا الخيار.
4- ابتعد عن العبارات المنفيّة أو أساليب الاستثناء، لأن ذلك يربك فهم الطالب.
5- لابد أن تكون الخيارات متقاربة ومنطقية.
6- اجعل أصل العبارة (الجزء الأول منها) يشتمل على مسألة واحدة فقط، واستبعد أي معلومات ليست ضروريّة.
- أسئلة الرّبط:
1- يفضّل أن تكون عناصر القائمة الأولى أكثر من القائمة الثانية.
2- يجب ألاّ يرتبط العنصر في كل قائمة إلا بعنصر واحد من القائمة الثانية، وفي حالة خلاف ذلك نبّه الطلاب إليه.
3- اجعل الرّبط عن طريق الأرقام أو الحروف وليس عن طريق رسم خطوط.
- أسئلة إكمال الفراغ:
1- اجعل الجملة تحتوى على إشارات وقرائن تحدّد بالضبط الكلمة المطلوبة.
2- لا تعطِ أكثر من فراغين في الجملة، حيث إن ذلك يجعلها غامضة.
3- اجعل الفراغ في آخر الجملة ما أمكن، حتى يتّضح المطلوب أكثر.
- استخدم الأسئلة المقاليّة إذا أردت:
1- أن تقيّم فهم الطالب للمصطلحات الأساسية المهمّة في مقرّر ما.
2- أن تعرف قدرة الطالب على المقارنة والموازنة بين الأحداث والمفاهيم والأشياء أو الرّبط بينها.
3- أن تقيس القدرة الإبداعية والتخيّليّة لدى الطالب.
ضوابط وضع الأسئلة المقاليّة:
1- حدّد طول الإجابة المتوقّعة بالكلمات أو بالصفحة، حتى يكون لدى الطالب تصوّر عن طول الإجابة المتوقّع.
2- ضع نموذجاً للجواب الصحيح ووزّع عليه الدرجات بدقّة، حتى يكون التصحيح أكثر موضوعيّة.
3- اعطِ الوقت الكافي للإجابة.
4- إذا كنت ستحاسب على الأخطاء الإملائية أو النحوية أو على الخط فأعلم الطلاب بذلك مقدماً.
- وماذا عن الاختبارات الشفهيّة؟!
قد تحتاج للاختبارات الشفهيّة في بعض المواد لقياس المهارات الشفهيّة كالقراءة الجهريّة، وأقول الجهريّة لأن القراءة الصامتة يقصد منها الاستيعاب وهذه قد تختبر تحريريّاً. عند وضع الاختبار تأكّد من تحديد الهدف منه، وتأكّد من المهارة أو الناحية التربويّة التي تريد قياسها. بعض المعلمين يظن أن الفرق بين الاختبار الشفهي والاختبار التحريري هو أنّ الطالب في الأول يتكلم بالجواب وفي الثاني يكتبه كتابة، وهذا غير صحيح، فالفرق هو أن الاختبار الشفهي يقيس المهارات الشفهية، كالمحادثة والإلقاء والتجويد، ونحوها. فليس بصحيح ـ مثلا ـ أن نسأل الطالب في اختبار شفهي للغة الإنجليزية أن يتهجى كلمة من حفظه، إذ إن هذه مهارة كتابيّة.
- راعِ القواعد التالية في الاختبارات الشفهيّة:
1- ابدأ بالأسئلة السهلة لإزالة ما قد يقع في نفس الطالب من توتّر.
2- فاتح الطالب ـ بعد رد السلام ـ بالتحية ولاطفه ببعض الكلمات المشجّعة، وأكثر منها إذا رأيت عليه رهبة الامتحان.
3- تجنّب امتحان الطالب أمام زملائه، خاصة الطالب الخجول.
21ـ الخطوة الواحدة والعشرون: "يسروا ولا تعسروا..!":
من المعلمين من يرى أن نجاحه في التعليم يقاس بمدى تشديده على طلابه وتشدّده معهم، فالواجبات عليهم مضاعفة ولا بدّ من أن تكون الحلول نموذجيّة، والاختبارات صعبة ومحبطة. وهذا غير صحيح، فالتيسير مطلب شرعي وتربوي، والمعلّم الناجح هو الذي يأخذ بأيدي طلابه ويصعد بهم شيئا فشيئاً بالحفز والترغيب وشيء من الترهيب، أما التشديد والتعنّت فكل يحسنه! والنفوس دائماً تميل إلى من يسهل عليها الأمور. والله عندما أمر بالصيام، ولما فيه من المشقّة قال: {أيّاماً معدودات} تسهيلاً للأمر على النفوس.
22ـ الخطوة الثانية والعشرون: كن معلّماً مربّياً.. لا ملقّناً!:
ليست مهمّة المعلّم أن يحقن أذهان الطلاب بالمعلومات، بل المعلّم مربِّ، فلا يكن همّك هو تنمية الناحية المعرفيّة عند الطالب بإكسابه معلومات أكثر بل ليكن هدفك مساعدة الطالب على النمو من جميع الجوانب العقليّة والروحيّة والجسميّة والنفسيّة والعاطفيّة، وإكسابه الاتجاهات الصحيحة، واجعل المعلومات وسيلة لا غاية في ذاتها، فليس المقصود ـ على سبيل المثال ـ أن "يعرف" الطالب أن الصدق صفة حميدة بل الهدف أن يتمثّل الصدق في تعامله وأقواله وأفعاله.
23ـ الخطوة الثالثة والعشرون: انتبه إلى مواهب تلاميذك وقم بتنميتها، ولا تكن جامداً على مقرّرك!:
قلنا إنّ المعلّم مربِّ، فعليك أن تتنبّه إلى الجوانب الإيجابية ونقاط القوّة في طلابك حتى تنمّيها وتساعدهم على استغلالها والاستفادة منها. فلا يشغلك ما أنت فيه من تدريس لمقرّرك عن التنبّه لهذه النقطة، فقد يكون لدى بعض الطلاب مواهب ومهارات لا تعتني بها المقرّرات على الوجه المطلوب، فتنبّه لهذا النقص فيها وقم بتكميله، ولا تنسَ أنّ المعلّم جزء من المنهج! وكم من الإبداعات وئدت وكم من العقول ذات المواهب أُهملت ولم تُنمَّ وتُوجّه التوجيه الصحيح بسبب غفلة المعلّم أو جهله. وتلك ثروات تُهدر وطاقات تضيع سُدى!
24ـ الخطوة الرابعة والعشرون: راعِ الفروق الفرديّة:
من المسلّمات التربويّة أنّ الطلاب يختلفون في قدراتهم العقليّة ومهاراتهم وسماتهم النفسيّة، فلا تغفل عن مراعاة هذا الجانب في تعاملك مع طلابك. فالطالب الذكي المتفوّق يحتاج إلى نشاطات تتحدّى قدراته حتى يستمر في تفوّقه، والطالب البطيء التعلّم يحتاج إلى تأنٍّ ورفق في التعليم، والطالب الخجول يحتاج إلى أن يُعامل بطريقة لا يتعرّض فيها إلى الإحراج الشديد أمام زملائه.. وهكذا مع كل نوعيّة من الطلاب، يجب أن تُعاملها بما يناسبها وبما يجعلها أكثر فعاليّة. وهذا مع فائدته في هذا الجانب فإنه يجعل الدرس أكثر حيويّة بتنويع أساليب الشرح والتعامل مع الطلاب.
25ـ الخطوة الخامسة والعشرون: استخدم الواجبات المنزليّة بفعاليّة:
يرى بعض المعلّمين أن الواجبات المنزليّة تحصيل حاصل أو أمر روتيني يُؤدى بلا هدف، والواقع أنّ الواجب المنزلي جزء من الدرس ويجب أن يكون مخططاً له وله أهداف محدّدة. فليس القصد إشغال الطلاب أو إتعابهم.
- وهذه بعض النّقاط المهمّة التي تتعلّق بالواجب المنزلي:
1ـ حدّد الهدف من إعطاء الواجب، هل هو للتمرين والتطبيق، أم للتقويم...؟
2ـ يجب ألاّ يكون الواجب مرهقاُ للطالب، أو كثيراً بحيث يطغى على وقت الواجبات الأخرى أو وقت الرّاحة.
3ـ تأكّد أنّ الطالب يفهم ما ينبغي عمله، فجهله بالطريقة يجرّه إلى أحد أمرين: ا. الحلّ الخاطئ. ب. النّقل من زملائه.
4ـ يُستحسن (وأحيانا يجب) أن تبدأ الحلّ مع الطلاب في الفصل أو تعطي أمثلة محلولة.
- تصحيح الواجبات:
1ـ إذا أُعطيت واجباً فلا بد من تصحيحه بشكل ما، فلا فائدة من واجب لا يُصحّح.
2ـ تصحيح الواجب لا يعني التأشير عليه، أو كتابة "نظر" أو "شوهد"، بل لا بد أن يكون التصحيح تصحيحاً فعلاً.
3ـ كن دقيقاً في تصحيحك، فمن أقبح الأشياء أن تؤشر بعلامة "الصح" على عمل خاطئ. تصوّر الموقف لو قارن الطالب إجابته بإجابة طالب آخر صحيحة، أو لو حاكمك لدفتر الواجبات عند تصحيحك لورقة امتحانه!.
4ـ لا يكفي أن تشير بعلامة الخطأ على إجابة الطالب بل لابد أن تشير إلى نوعيّة الخطأ. وغالباً يستخدم كثير من المعلّمين أسلوب الرموز المتّفق عليها، فمثلاً الدائرة على الكلمة تدل على الخطأ الإملائي، والخط أسفل الكلمة يدل الخطأ النحوي .. وهكذا، فهذا يوفّر الوقت على المعلّم.
26ـ الخطوة السادسة والعشرون: أدِر فصلك بفعالية!:
- لا تكن أنت المصدر الوحيد للتعلّم في الفصل.
- حاول دائماً ألاّ تكون أنشطة التعلّم متركّزة حولك، بل اعمل على جعل الطلاب يستفيد بعضهم من بعض، ويقومون بالعمل هم بأقل جهد منك، حيث ينحصر دورك في الإشراف وتسهيل عمليّات التعلّم. عوّد الطلاب على طرح الأسئلة على زملائهم، وعلى الاستنتاج وعدم انتظار المعلومة تأتيهم جاهزة.
- كن عادلاً في توزيع أنشطة التعلّم على الطلاب.
- يجد كثير من المعلّمين أنفسهم ـ دون شعور في كثير من الأحيان ـ يركّزون أنشطتهم على مجموعة قليلة من الطلاب في الفصل، وهم المتميّزون، ويغفلون أو يهملون بقيّة الفصل. وقد يكون لديهم مسوّغ لذلك وهو قولهم: إن الاقتصار على هذه الفئة تُعطي الدرس حيويّة، ولو تركناهم وأشركنا جميع الفصل بمن فيهم الطلبة الضِّعاف لكان الدرس بطيئاً ودون حيويّة! وهذا بالتأكيد ليس بمسوّغ صحيح. فالدرس ليس للطلاب الجيّدين فقط، بل يجب أن يستفيد منه الكل مع مراعاة الفروق الفرديّة. وما يناله الفصل بمجموعه عند اشتراكه في أنشطة الفصل يفوق ما قد يعتري عمليّة التدريس من بطء أو فتور.
27ـ الخطوة السابعة والعشرون: حافظ على وقت الدرس:
الوقت هو الدرس، فبدون الوقت لا تستطيع أن تقدّم درساً. حافظ على وقت الدرس واجعل كل دقيقة فيه تخدم الأهداف التربويّة. بإمكانك استخدام الأساليب التالية للحفاظ على الوقت.
1ـ كن في فصلك في الوقت المحدّد.
2ـ لا تسمح للطلاب بالتأخر عن وقت الدرس، وعودهم على الحضور قبيل دق الجرس.
3ـ تقيّد بقدر الإمكان بخطّة الدرس، ولا تستطرد إلا للضّرورة.
4ـ تأكّد من وجود كل ما تحتاجه في درسك معك في غرفة الفصل وبحالة جيّدة.
5ـ كوّن عادات راتبة (روتين) للأعمال التي ينبغي على الطلاب عملها في كل درس، مثل جمع دفاتر الواجب أو مسح السبّورة، فبدلاً من أن تطلب منهم عمل ذلك كل درس عودهم على طريقة محدّدة.
6ـ استغل الدرس حتى آخر دقيقة.
وبالتأكيد لا يعني هذا أن يكون الدرس على وتيرة واحدة من الجدّ والنشاط، لكن المقصود ألا يضيع شيء من الدرس فيما لا فائدة فيه.
28ـ الخطوة الثامنة والعشرون: علّم الطلاب كيف يتعلّمون:
يشكو المعلّمون وأولياء الأمور من إهمال الطلاب لدروسهم وعدم مذاكرتهم لها، وهذه حقيقة واضحة ويتّفق عليها الجميع بالنسبة لغالبيّة الطلاب، وحتى الطلاب المجدّون لا يبذلون كل ما في قدرتهم على المذاكرة. والأسباب متعدّدة، لكن هناك سبب نغفله وهو من أهم الأسباب، ألا وهو أنّ كثيراً من الطلاب لا يعرفون كيف يتعلّمون، وكيف يُذاكرون؟!
فبدلاً من أن نجعل الطالب عالةً على المعلّم وعلى ولي الأمر، لماذا لا نعلّمه كيف يُذاكر وكيف يدرس ونُدربه على ذلك، وستكون النتائج جيّدة. في بداية كل سنة وبالتعاون مع المرشد الطلابي قم بتعليم الطلاب وتدريبهم على أساليب المذاكرة الصحيحة، بخطوات عمليّة واضحة. ولا أعني بذلك أن نحثّ الطلاب على المذاكرة، ونبيّن لهم أهمية مراجعة الدروس، أو نقول لهم: حضروا الدرس قبل الشرح واقرؤوه بعده .. فقط، بل لا بد أن نوضّح لهم وبالأمثلة: كيف يقرؤون؟ وكيف يستخرجون المعلومات والنّقاط الأساسيّة ممّا يقرؤونه ؟ و كيف يستطيعون التركيز والانتباه على ما يقرؤونه؟ وما هي الأمور التي تساعد على المذاكرة الصحيحة. وهناك كتب متعددة اهتمت بهذا الموضوع يمكن الاستفادة منها.
29ـ الخطوة التاسعة والعشرون: علّم الطلاب الرجوع إلى مصادر المعلومات:
نحن في عصر التفجّر المعرفي، وليس من المعقول أن نطلب من الطلاب حفظ كل المعلومات. والغريب أننا نطلب منهم أن يحفظوا معلومات لو سئل عنها من يحمل مؤهلاً علمياً عالياً لما وجد أي غضاضة في الرجوع إلى أقرب مرجع علمي للحصول عليها. فلماذا لا نكتفي من الطالب بأن يعرف مكان وجود المعلومة وكيف يستخرجها، دون أن نشغله بالحفظ الذي ينتهي مفعوله غالبا بانتهاء الاختبار. وبالتأكيد هذا لا ينطبق على كل المعلومات، فهناك قدر منها لا بد للطالب من حفظه، لكن لو طبقنا هذه القاعدة لخفّفنا الكثير من الإجهاد عن الطلاب. يتخرّج الكثير من طلابنا وهو لا يعرف أمهات المراجع في حقول المعرفة الأساسيّة ولا كيف يستخدمها. علّم الطلاب طريقة الحصول على المعلومات بسرعة ومن مصادرها المعتمدة تفتح له قنوات إمداد علميّة مستمرّة التدفّق ومتجدّدة.
30ـ الخطوة الثلاثون: علّم الطلاب كيف يفكّرون!:
- تعوّد طلابنا أن تُعمل لهم الأشياء وتُحلّ لهم المسائل، وحتى إذا قاموا بالعمل أنفسهم فإنهم غالباً يقومون به بطريقة آلية. وذلك لأن طرق التدريس التي نتبعها تعتمد على التلقين، وإعطاء الأفكار جاهزة.
- عوّد طلابك على استخدام تلك الأجهزة الجبّارة التي وهبهم الله: عقولهم! اطلب منهم دائماً أن يفكّروا في حلّ ما يعترضهم من مشاكل. اطرح عليهم الأسئلة .. استثر أذهانهم، علمهم طرق التفكير السليم وطريقة حلّ المشكلات. علّمهم التفكير الإبداعي.
- إن من يلاحظ أطفالنا الصِّغار يجد في كثير منهم ذكاءً فطرياً باهراً، لكن سرعان ما "ينطفئ" جزء كبير منه أثناء الدراسة، حتى لتكاد تحسّ أحياناً أنك أمام مخلوقات لا تُفكّر! تُرى من المسؤول عن هذا الهدر الضّخم في الطاقات الذّهنيّة؟ لا شك أنّ هناك أسباباً كثيرةً، لكن المعلّم الواعي يستطيع إصلاح الشيء الكثير.
وبالمناسبة فإن التفكير الإبداعي ـ على عكس ما هو شائع ـ لا يحتاج إلى ذكاء خارق، بل يحتاج إلى إلمام بطريقته وتدرّب عليه