يعد المعلم والمعلمة العامل الرئيسي في أي نظام تعليمي، الأمر الذي جعل الاهتمام به مدخلا من المداخل الأساسية لإصلاح التعليم، وإذا كانت العملية التعليمية تضم العديد من العناصر كالمناهج والمباني والتجهيزات والتلاميذ وأدوات القياس والتقويم إلا أن للمعلم وضعاً خاصاً، لأننا قد نبدع في إعداد المنهج المدرسي الذي يشمل المادة التعليمية القوية، ورغم هذا يبقى توظيف هذا المنهج والاستفادة منه مسؤولية المعلم من الدرجة الأولى.
وقد تفرض أدوات قياس وتقويم يراها علماء التربية أنها مهمة، ولكن المعلم قد لا يستخدمها أو يسيء استخدامها فيضيع المجهود في اعداد مثل هذه الأدوات. وقد نبني أفضل المباني المدرسية ولكن المعلم قد يكون غير مؤهل تربويا فيسود مناخ غير تربوي.
وعلى العكس من ذلك، ففي مقابل وقت الحصة المحدد بدقائق معينة قد يستثمرها المعلم ويحقق الأهداف المرجوة منها، وفي مقابل إعداد كتب دراسية ضعيفة في المادة العلمية، فقد يعوض المعلم ذلك بحسن اطلاعه على الجديد وتزوده بالمعرفة الجديدة والمتجددة، بل إن المعلم قد يبتكر من الوسائل التعليمية التي تساعده في تعليم الأبناء ما يتميز به عن العديد من الخبراء لاسيما إذا استثمر ما يوجد بالبيئة المحلية في إعدادها.
وعلى جانب آخر فالانسان مع مرور السنوات قد ينسى كثيرا ممن يقابلهم ولكن لا يمكن أن ينس أبدا معلمه، وهذا الأمر ليس مجرد صدفة بل هو حقيقة تنبع من معايشة المتعلم للمعلم، وهي تعبر عن العلاقة الحميمة والتأثر الكبير خصوصاً إذا أحسن المعلم القيام بدوره المطلوب إعمالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
فالمعلم صاحب رسالة عليه أن يسير وفق الهدي النبوي الشريف ويهتدي بخير معلم عرفته الإنسانية وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعليه في ذلك أن يؤكد القول بالفعل، والمعلم باحث عليه أن يرتاد المكتبات ويطلع على الجديد، ولا يسلم بالمادة العلمية الواردة في الكتب وحدها فقد يكون هناك الجديد مما له أثره في دعم رسالته، والمعلم والد عليه مراقبة الله في كل ما يفعل وعليه أن يعامل الطلاب كأبناء له، والمعلم مرشد طلابي فهو يتعامل مع الطالب في الفصل فيعرف عنه مالا يعرفه غيره ولذلك فهو أقدر على إسداء النصح، والمعلم أداة قوية لنشر التعليم في المجتمع المحلي الموجود فيه وهو أكثر من غيره القادر على ذلك، وهناك العديد من الأدوار الأخرى التي لا يتسع المجال للحديث عنها.
والمعلم هو رأس العملية التربوية، وهو المحرك الأساسي لها ورغم كل ما يقال عن التطور التكنولوجي وعن استحداث آليات ووسائل حديثة لنقل المعرفة، إلا أن دور المعلم سيبقى وسيكون أثره في تربية العقل والوجدان أسبق وأكثر فاعلية من حيازة المعلومة، كل هذا يؤكد أن المعلم هو المحرك الأساسي للعملية التعليمية ككل بما فيها من أبعاد متنوعة.
نسأل الله أن تكون غايتنا جميعا هي معرفة الله سبحانه، وعبادته حسبما شرع، واعمار الأرض بما يحقق مصلحة الانسان في الأرض.